22-05-2025 12:09 PM
بقلم : النائب الأسبق رائد الخلايلة
في ظل المتغيرات الإقليمية والتحديات الاقتصادية المتراكمة، تقف المملكة الأردنية الهاشمية أمام فرصة تاريخية لإعادة تموضعها الاقتصادي عبر استثمار ثلاثية نادرة لا تتوفر بهذا الشكل المتكامل في كثير من دول العالم، وهي: الفوسفات عالي الجودة، والبوْتاس من بين الأغنى عالميًا، والغاز الطبيعي المتوفر محليًا أو المستورد بأسعار تنافسية.
هذه الموارد التي طالما شكّلت عمادًا من أعمدة الاقتصاد الأردني في صورتها الخام، يمكن اليوم – من خلال رؤية صناعية استراتيجية – أن تتحول إلى قاعدة متينة لصناعة تصديرية متقدمة تُدرّ على المملكة مليارات الدولارات، وتوفر عشرات آلاف فرص العمل، وتُعزز الأمن الغذائي العربي والعالمي من خلال إنتاج الأسمدة الذكية والكيماويات المتقدمة.
رؤية صناعية قابلة للتنفيذ
المقترح يقوم على إنشاء مجمع صناعي متكامل بالقرب من مصادر المواد الخام وربطه بشبكة الغاز الوطني، بحيث يضم مجموعة من المصانع المتخصصة في الصناعات الكيماوية والأسمدة والمشتقات الصناعية عالية القيمة. ومن خلال هذا المجمع، يمكن تقليل الاعتماد على تصدير المواد الخام، والتحول إلى تصدير منتجات مصنعة تحمل قيمة مضافة عالية.
خارطة المصانع المقترحة
الرؤية تتضمن إنشاء ما بين 8 إلى 12 مصنعًا رئيسيًا، تتوزع على النحو التالي:
• 3 مصانع لإنتاج الأسمدة المركبة (NPK)
• 4 مصانع للصناعات الكيماوية الوسيطة
• مصنع واحد لإنتاج الأمونيا واليوريا
• مصنع للأسمدة العضوية المعدنية
• مصنع لإنتاج بطاريات الليثيوم–فوسفات (LFP)
• مصنع لمعالجة وتحسين المياه
هذه البنية الصناعية لن تُسهم فقط في تنويع قاعدة الإنتاج، بل ستضع الأردن في موقع متقدم على خارطة إنتاج وتصدير الأسمدة المتقدمة، التي تشهد طلبًا متزايدًا عالميًا، خصوصًا في ظل التغير المناخي والحاجة المتزايدة لأمن غذائي مستدام.
فرص عمل واسعة
تشير التقديرات الأولية إلى إمكانية خلق ما بين 1,800 إلى 2,700 وظيفة مباشرة، إلى جانب 5,400 إلى 13,500 وظيفة غير مباشرة في سلاسل التوريد والخدمات والدعم اللوجستي، ليصل العدد الإجمالي المتوقع للوظائف إلى نحو 7,200 إلى 16,200 فرصة عمل. هذه الأرقام كفيلة بإحداث تأثير اجتماعي واقتصادي كبير، خاصة في المحافظات التي تعاني من ارتفاع معدلات البطالة.
صادرات بمليار ونصف دولار سنويًا
في حال تنفيذ المشروع وفق التصور المقترح، يمكن أن تتجاوز الإيرادات التصديرية السنوية عتبة 1.15 إلى 1.5 مليار دولار، موزعة كما يلي:
• الأسمدة المركبة (NPK): 500 – 600 مليون دولار
• الأمونيا واليوريا: 210 – 270 مليون دولار
• حمض فوسفوريك ومشتقات الفوسفات: 280 – 350 مليون دولار
• منتجات البوتاس الصناعية: 90 – 135 مليون دولار
• الأسمدة العضوية والكيماويات المتقدمة: 75 – 140 مليون دولار
وهذه أرقام مبدئية قابلة للنمو المتسارع تبعًا لتطور الأسواق العالمية واتساع شبكات التصدير.
خطوات عملية لتنفيذ الرؤية
لتحقيق هذا التحول الاقتصادي الكبير، يقترح صاحب المبادرة الخطوات التالية:
1. تشكيل لجنة فنية متخصصة لإعداد دراسة جدوى شاملة للمجمع الصناعي.
2. إطلاق حملة ترويج استثماري دولية لاستقطاب شراكات استراتيجية.
3. تخصيص أراضٍ مناسبة بجانب مصادر المواد الخام وربطها بشبكة الغاز الوطني.
4. دمج المشروع ضمن خطة وطنية للتدريب والتشغيل من خلال مراكز تدريب صناعي وفني.
5. تقديم تسهيلات ضريبية وجمركية عبر تشريع خاص أو عبر إنشاء منطقة تنموية مخصصة.
خاتمة
ليست هذه مجرد خطة لإنشاء مصانع، بل هي رؤية وطنية شاملة تعيد تعريف موقع الأردن على خارطة الاقتصاد الإقليمي، وتمنح الأجيال القادمة فرصة للانخراط في اقتصاد إنتاجي حقيقي، قائم على الابتكار والتصنيع والتصدير.
إن تنفيذ هذا المشروع سيُشكل نقطة تحول نوعية في مسيرة الاقتصاد الوطني، وينقل الأردن من مرحلة الاعتماد على تصدير الموارد الخام إلى دولة صناعية فاعلة في واحدة من أهم الصناعات العالمية: صناعة الأسمدة الذكية والكيماويات المتقدمة.
وانا مستعد لتقديم تصور تفصيلي مرفق بخرائط وبدائل تمويل وآليات تنفيذ في حال رغب صانع القرار بتوسعة هذه المبادرة الوطنية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-05-2025 12:09 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |