12-05-2025 08:11 AM
سرايا - كان العالم مختلفا في عام 2011 عندما صدر مسلسل "بلاك ميرور" (Black Mirror) للمرة الأولى على منصة "نيتفلكس"، إذ كان العديد من التقنيات المعتادة الآن مثل الذكاء الاصطناعي ضربا من الخيال، لكن مع مرور الأيام، بدأت هذه التقنيات تصبح واقعا نتعامل معه بشكل يومي.
وبعد أن كان مسلسل "بلاك ميرور" ينتمي إلى فئة الخيال العلمي المتطرفة التي تعرض أشياءً غير واقعية، أصبح ينتمي إلى فئة المذكرات التشاؤمية، ليتحول سؤاله الرئيسي من: هل يمكن تواجد هذه التقنية؟ إلى ماذا يحدث إن أصبحت التقنية شريرة؟
وعبر حلقاته المختلفة، عرض المسلسل مجموعة من التقنيات التي نعرفها اليوم، بدءا من الذكاء الاصطناعي المتطور وبناء الشخصيات الحاسوبية وحتى التوأم الرقمي، طارقا العديد من القضايا المهمة حول أهمية خصوصية البيانات ومنصات التواصل الاجتماعي وأضرارها، وصولا إلى المراقبة المتطرفة وأزمات الواقع الافتراضي.
وفي حين كانت هذه التقنيات بعيدة المنال منذ 14 عاما عند طرح المسلسل للمرة الأولى، أصبحت الآن شيئا يُناقَش باستمرار داخل الشركات التقنية العملاقة وفي المعامل البحثية، ومن ضمن هذه التقنيات:
أصبح من المعتاد الآن وجود روبوتات الدردشة الذكية والقادرة على التفاعل مع المشاعر بشكل أقرب إلى البشر (رويترز)
الروبوتات البشرية والذكاء الاصطناعي المقلد
في عام 2013، افتتح مسلسل "بلاك ميرور" موسمه الثاني بحلقة تدعى "بي رايت باك" (Be Right Back)، تدور حول حادث مروري تسبب في وفاة الزوج تاركا زوجته بمفردها تواجه أهوال الحياة، وفي وسط حالة الحزن الذي تعيشه الزوجة، تظهر أمامها خدمة جديدة تستنسخ الزوج عبر منشورات التواصل الاجتماعي ورسائله ومكالمات الفيديو وغيرها من الأمور المسجلة، ثم تصنع منه روبوت دردشة معززا بالذكاء الاصطناعي.
إعلان
يقوم هذا الذكاء الاصطناعي بتقليد الزوج في جميع تصرفاته وجوانب حياته المختلفة، لتشعر بأن الفقيد ما زال على قيد الحياة، ومع توطد علاقة الزوجة بهذا الروبوت، تطلب من الشركة صناعة نسخة مادية مكتملة الأركان من زوجها، لتعاود العيش معه مجددا حتى تتجه القصة إلى جانبها المظلم.
منذ 12 عاما، كانت هذه القصة ضربا من الخيال العلمي، لكن اليوم، هي ليست بعيدة المنال أو غريبة كما كانت وقتها، إذ أصبح من المعتاد الآن وجود روبوتات الدردشة الذكية والقادرة على التفاعل مع المشاعر بشكل أقرب إلى البشر، لدرجة أن رفقاء الذكاء الاصطناعي أصبحت خدمة مطلوبة عالميا، وربما كانت خدمة "ريبليكا" (Replika) التي تملك ملايين المستخدمين المثال الأوضح على هذا الأمر، ناهيك عن خدمات أخرى مثل "كاركتر" (Character)، التي تساعدك على التحدث مع المشاهير أو نسخ ذكاء اصطناعي منهم على الأقل.
روبوتات التوصيل تصبح آلات قتل
طرحت حلقة "ميتال هيد" (MetalHead) في عام 2017 ضمن أحداث الموسم الرابع من المسلسل، وفيها ظهرت مجموعة من روبوتات التوصيل على شكل حيوانات تحولت إلى آلات قتل يسيطر عليها الذكاء الاصطناعي من أجل القضاء على البشر.
ورغم أن الروبوتات القاتلة واحدة من أقدم الأفكار في فئة أفلام الخيال العلمي، إذ ظهرت للمرة الأولى عام 1984 مع فيلم "ترميناتور" (Terminator)، فإن "بلاك ميرور" تمكّن من عرضها بشكل أقرب إلى ما قد يحدث في الواقع، خاصة بعدما كشفت "بوسطن داينامكس" (Boston Dynamics) عن تطوير الروبوتات الخاصة بها والتي تشبه الحيوانات.
نظرة واحدة إلى نموذج الروبوت الذي تطوره "بوسطن داينامكس" وروبوت "بلاك ميرور" تجعلك تتأكد أن الشركة تسعى لتطوير هذه الروبوتات القاتلة، مما يجعل حلقة المسلسل تبدو متنبئة بالمستقبل، خاصة أن الشركة تحاول دمج الاستخدامات العسكرية مع الروبوت.
الرقابة المستمرة للأطفال
قدم مسلسل "بلاك ميرور" في الموسم الرابع أيضا واحدة من الحلقات المميزة التي جذبت أنظار العديد من المستخدمين حول العالم، وذلك لأنها طرحت قضية أخلاقية مبتكرة تتأرجح في المنطقة الرمادية دون وجود خطر على البشرية مثل بقية الحلقات.
تناقش هذه الحلقة مسألة الرقابة الأبوية الرقمية على أطفالهم، وذلك بعد أن تتوه طفلة ماري، وعندما تجدها، تذهب بها إلى شركة جديدة تدعى "آرك إينجل" (Arkangel)، تقوم بتثبيت جهاز رقمي في عقل الطفلة الصغيرة يتيح لوالدتها مراقبتها عن بُعد ومعرفتها مكانها طوال الوقت، فضلا عن مراقبة ما تراه وتسمعه مع إتاحة خاصية للحظر، إذ يمكن للوالد أن يحظر المشاهد التي يعتقد أنها خطرة أكثر من اللازم.
ورغم أن هذه التقنية اليوم لم تصل إلى هذه النقطة بعد، فإن العديد من التطبيقات التي يتم تطويرها للهواتف المحمولة والحواسيب تتيح للآباء مراقبة أطفالهم ونشاطهم عبر الإنترنت، فضلا عن إمكانية حظر بعض التطبيقات والخدمات.
ومع تطور تقنية المتعقبات الصغيرة مثل "آير تاغ" (AirTag) إلى جانب المتعقبات التي يتم تطويرها خصيصا لتتبع الأطفال، تصبح هذه الحلقة أقرب إلى الواقع بشكل غير مسبوق.
باقات الاشتراكات وعرض الإعلانات
في الموسم الأول لمسلسل "بلاك ميرور" عرضت "نيتفلكس" حلقة تدعى "فيفتين مليون ميرتس" (Fifteen Million Merits)، تدور حول شاب يعيش في غرفة محاطة بكافة أنواع الشاشات التي تتيح له مشاهدة الأعمال السينمائية والألعاب كما يحب.
ومن أجل استخدام هذه الشاشات، يجب عليه أن يتدرب على عجلة ثابتة ليكسب ما يُعرَف باسم "ميرتس" وهي أشبه بالعملة في هذه الحلقة، يمكن للشاب إنفاق هذه العملات من أجل مشاهدة برامج التلفاز والألعاب دون الحاجة إلى مشاهدة الإعلانات المرفقة معها، ولكن في حالة انتهت العملات التي يملكها، فإنه لن يستطيع مشاهدة الحلقات أو الألعاب دون إعلانات.
وإذا حاول إغلاق عينيه أو تخطي الإعلان، فإن الشاشة والنظام يحذرونه بأنه لا يملك نقاطا كافية لتخطي هذا الإعلان وعليه مشاهدته حتى النهاية، وبينما كانت "نيتفلكس" في تلك الفترة لا تملك باقة اشتراك تضم الإعلانات، أصبحت اليوم تملك هذه البطاقة، لتصبح الحلقة أقرب إلى سخرية مباشرة لما تقوم به "نيتفلكس".
ولا تقتصر هذه الحلقة على فكرة مشاهدة الإعلانات فقط، بل تمتد إلى أبعد من ذلك، إذ يوجد برنامج داخل الحلقة يضم جمهورا من الذكاء الاصطناعي والروبوتات بدلا من الجمهور الحقيقي، ورغم أن الحلقة طرحت منذ 14 عاما تقريبا، فإننا اليوم نرى تطبيقا يدعى "فاميفاي" (Famify) يقدم الخدمة ذاتها، إذ يمكنك أن تصبح مشهورا أمام الملايين من المتابعين، لكن هؤلاء المتابعين هم أجهزة ذكاء اصطناعي فقط دون وجود أي بشر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-05-2025 08:11 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |