بقلم : نضال انور المجالي
يا له من غضب يكتنف الصدور ويا له من أسى يعتصر القلوب عندما نرى بأعيننا كيف يتلاعب ضعاف النفوس بصحة فلذات أكبادنا، كيف يستغلون براءة الطفولة وحاجتها الأساسية للغذاء من أجل حفنة من النقود القذرة. إن ما كشفته المؤسسة العامة للغذاء والدواء مؤخراً عن استخدام مواد أولية محظورة في صناعة الألبان لهو وصمة عار على جبين كل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة البشعة.
إن استخدام الحليب المجفف المستورد لأغراض صناعية بحتة والزيوت المهدرجة السامة في منتجات يفترض أنها أساس صحي لأطفالنا، ليس مجرد مخالفة للقوانين والمواصفات، بل هو خيانة للأمانة وعبث بمستقبل أجيالنا. هؤلاء الذين يرتكبون هذه الأفعال الدنيئة لا يختلفون قيد أنملة عن تجار المخدرات الذين يدمرون حياة الناس ببطء، فهم أيضاً يزرعون الأمراض ويقوضون صحة أطفالنا على المدى الطويل.
إن ثقتنا بمنتجات الألبان والأجبان، التي لا تخلو مائدة أردنية منها، قد اهتزت بفعل هذه الممارسات الشائنة. كيف لنا أن نأمن على صحة أبنائنا ونحن نعلم أن هناك من يستغل هذه الثقة ويقدم لهم سموماً بطيئة المفعول؟ ويزداد قلقنا بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بما يُعرض في المولات الكبرى، التي يفترض أنها تمثل واجهات موثوقة للمنتجات الغذائية. إن إحكام الرقابة على هذه المراكز التجارية الكبرى، وخاصة على قسم الألبان والأجبان، أصبح ضرورة ملحة لضمان سلامة ما يتناوله أطفالنا.
إننا نطالب بأشد العقوبات الرادعة لهؤلاء المجرمين، عقوبات تجعلهم عبرة لكل من يفكر مجرد تفكير في التلاعب بصحة أطفالنا ومستقبلهم. يجب أن يشعروا بفظاعة جرمهم وأن يدفعوا ثمناً غالياً لهذه الخيانة العظمى. لا مكان هنا للتهاون أو التساهل، فصحة أطفالنا خط أحمر لا يمكن تجاوزه. ويجب على المؤسسة العامة للغذاء والدواء أن تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه العبث بصحة أبنائنا، وأن لا تأخذها بهم رأفة.
نشكر المؤسسة العامة للغذاء والدواء على يقظتها وجهودها في كشف هذه الجريمة، ونطالبها بالمزيد من الصرامة والمتابعة الدقيقة لجميع المنتجات الغذائية في الأسواق، مع التركيز بشكل خاص على المولات والمراكز التجارية الكبرى التي تشهد إقبالاً واسعاً من العائلات. كما نهيب بكل مواطن غيور على مصلحة هذا الوطن وأبنائه أن يكون عيناً ساهرة وأن لا يتردد في الإبلاغ عن أي ممارسات مشبوهة. فسلامة غذاء أطفالنا مسؤولية جماعية، ولا يمكن أن نسمح لحفنة من عديمي الضمير بتدمير مستقبلهم من أجل مكاسب دنيئة.
صحة أطفالنا ليست سلعة للمتاجرة، وبراءتهم ليست غطاء لجشع الطامعين. يجب أن نكون صفاً واحداً في وجه هؤلاء "التجار" الذين يلوثون طفولتنا ويستبيحون صحة أجيالنا القادمة. إن الرقابة الصارمة والضرب بيد من حديد على المخالفين، خاصة في واجهات التسوق الكبرى، هي السبيل الوحيد لحماية أطفالنا وضمان مستقبل صحي لهم.
حفظ الله الاردن والهاشمين
المتقاعد العسكري نضال انور المجالي