06-05-2025 09:19 PM
بقلم : عدنان السواعير
عندما نستعرض ما يحدث في وطننا، تزداد القناعة اليوم بأن العودة الجادة إلى مسار التحديث السياسي لم تعد خيارًا، بل ضرورة وطنية ملحة، فهذا المسار ليس ترفًا فكريًا، بل جوهر لبناء دولة كفؤة تلبي حاجات المواطن وكما نعلم فإن الهدف الرئيس للتحديث هو تعزيز مشاركة المواطن بصنع القرار وبالتالي تحمل مسؤولياته تجاه وطنه وأمته لنعيش في دولة ذات كفاءة تلبي حاجات المواطنين وتعيد إليه ثقته بالمؤسسات، هذا إذا أردنا فعلاً الخير لهذا الوطن ومستقبله.
من اعتقد أن طريق التحديث السياسي سيكون مفروشًا بالورود، أخطأ التقدير، إنه طريق محفوف بالتحديات، يتطلب إرادة صلبة وتدرّجًا حكيمًا في التطبيق ورغم تعثر إنتقال العمل النيابي من الفردية إلى الجماعية، فإن الاستمرار والمثابرة في هذا الإتجاه أمر لا بد منه.
ما يحدث اليوم داخل الأحزاب لا يمكن فصله عن هذا المسار، بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، دخلت الأحزاب، مرحلة جديدة من التفكير وإعادة التقييم، أسميها "إعادة تموضع"، وهي ليست حالة ظرفية، بل لحظة مفصلية لا غنى عنها، لأنها تكشف مدى قدرة اي حزب على التحول إلى كيان برامجي حقيقي وهذا هو الامتحان الحقيقي لجدية الأحزاب، فإما أن تنجح في بلورة رؤى واضحة تعبّر عن هوية جماعية، أو تتآكل من داخلها بفعل التناقضات التي كشفتها صناديق الاقتراع، مفهوم الحزب هو ان ما يجمع أعضاؤه هي قيم المواطنة والأهداف والرؤى المشتركة، لا الأشخاص أو المواقع.
إعادة التموضع" تتطلب أيضاً خطوات عملية: إعادة صياغة الأولويات، تعزيز الانسجام الداخلي، ضمان الشفافية في اتخاذ القرار، بناء الثقة بين القيادة والقاعدة، والانفتاح الحقيقي على المجتمع. هذه ليست رفاهية تنظيمية، بل شرط للبقاء والتأثير. عدم الوصول إلى البرلمان ضمن القوائم العامة لأي حزب لا يعني النهاية، بل يعني أن على الأحزاب توسيع الحضور الشعبي، والانخراط في الميدان، ومخاطبة الناس بلغتهم وبقضاياهم الحقيقية، العمل الحزبي يُبنى كل يوم، وليس فقط في موسم الانتخابات والمطلوب اليوم شجاعة في الطرح، جرأة في التصحيح ووضوح في التوجه.
لا يمكن لحزب أن يصوغ برنامجًا جادًا إذا كان أعضاؤه مختلفين على الأسس والمرجعيات، وقد أظهرت الانتخابات الأخيرة هذا التحدي بوضوح، المطلوب اليوم ليس منابر للصراعات الشخصية، بل أطر وطنية تحمل مشاريع متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية، قادرة على التفاعل مع التحولات، وتقديم البدائل الواقعية.
الناخب الأردني أصبح أكثر وعيًا ولم يعد يقبل بالشعارات الفضفاضة، ولا بالصوت المرتفع، بل يبحث عن برامج قابلة للتطبيق ويريد حلولًا واضحة وأحزاب تنتقل من المعارضة الانفعالية إلى المعارضة المسؤولة، ومن النقد إلى بناء السياسات.
التحديث السياسي ليس مشروع لحظة، بل مسار طويل يحتاج إلى مثابرة وإلى من يؤمن به ويعمل من خلاله لا من حوله.
م. عدنان السواعير
الأمين العام الحزب المدني الديمقراطي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-05-2025 09:19 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |