حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,4 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6225

محمد الخطيب يكتب: اليوم العالمي لحرية الصحافة: بين قدسية الحقيقة وثورة الذكاء الاصطناعي

محمد الخطيب يكتب: اليوم العالمي لحرية الصحافة: بين قدسية الحقيقة وثورة الذكاء الاصطناعي

محمد الخطيب يكتب: اليوم العالمي لحرية الصحافة: بين قدسية الحقيقة وثورة الذكاء الاصطناعي

03-05-2025 09:55 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : العقيد المتقاعد محمد الخطيب
في الثالث من أيار/مايو، يُحيي العالم "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، الذي أقرّته الأمم المتحدة عام 1993، تخليداً لإعلان ويندهوك الذي رسّخ مبادئ حرية التعبير واستقلال الإعلام.
يأتي هذا اليوم في ظل تحوّلات جذرية تعصف بالمشهد الإعلامي العالمي، أبرزها ثورة الذكاء الاصطناعي، التي فرضت تحديات جديدة على ممارسة الصحافة، وطرحت في المقابل فرصاً هائلة لإعادة تعريف دور السلطة الرابعة.
إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون حليفًا قويًا للصحفيين، عبر أدوات التحقق من المعلومات، وتحليل البيانات الضخمة، وترجمة الوثائق، وإيجاد الترابطات الخفية بين الأحداث. لكنه أيضًا قد يتحول إلى خصم، إذا تُرك دون ضوابط أخلاقية وتشريعية، خاصة مع تصاعد استخدام "الديب فيك" والمحتوى المُنتج آليًا بشكل يصعب أحيانًا تمييزه عن الحقيقة.
وتُمثل الصحافة حجر الزاوية في المجتمعات الديمقراطية، حيث تُعرف بالسلطة الرابعة إلى جانب السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. هذه التسمية ليست عبثية، بل تعكس أهمية الدور الذي تلعبه في مراقبة أداء السلطات، وكشف الانتهاكات، وتسليط الضوء على قضايا الرأي العام، والأهم من ذلك، في تقصي ونشر الحقائق بمهنية وحياد. فالصحافة الحرة والمستقلة هي صمّام الأمان للشفافية والمساءلة.
إن حرية الصحافة ليست مجرد حق؛ بل مسؤولية جماعية في حماية الحقيقة، ووسيلة لضمان الشفافية في زمنٍ تتداخل فيه الحقائق مع التضليل، وتنتشر فيه الشائعات أسرع من الأخبار الموثقة. ومع التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت الصحافة تقف على مفترق طرق: بين الانفتاح على أدوات تسهم في تسريع العمل الصحفي وتحسين دقته، وبين خطر الوقوع في فخ المحتوى الاصطناعي الزائف، والتلاعب بالمعلومات، وإنتاج سرديات غير دقيقة.
هنا تتجلى أهمية الصحافة المهنية القائمة على المبادئ: التحقق، الدقة، والنزاهة. الصحفي في عصر الذكاء الاصطناعي لا يُطلب منه فقط نقل الخبر، بل فهم التكنولوجيا وتطويعها لخدمة الحقيقة، لا استخدامها في تضليل الرأي العام.
وفي هذا السياق، نرفع التحية والتقدير للزميلات والزملاء الصحفيين في الأردن، الذين يواصلون عملهم في سبيل الحقيقة وخدمة المجتمع، وسط بيئة تزداد تعقيدًا من حيث التحديات الاقتصادية والسياسية والتكنولوجية. نُشدّ على أيديهم لمواصلة دورهم في التصدي للفساد، وكشف التجاوزات، وتعزيز الشفافية، بشرط التمسك بأعلى درجات الاحتراف والمهنية، ورفض الابتزاز بكل أشكاله.
إن الصحفي الأردني، وهو يواكب هذه الثورة الرقمية، مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى فهم الأدوات التقنية الجديدة، دون التفريط بالقيم الصحفية الأصيلة. فالمصداقية لا يمكن تعويضها بخوارزميات، والنزاهة لا تُشترى بذكاء اصطناعي.
في هذا اليوم، نقول: حرية الصحافة وحرية التعبير لا بد أن تبقى الركيزة الأساسية لمجتمع حر وعادل، ولا يمكن أن تتراجع أمام آلة، مهما بلغت قدرتها على إنتاج المحتوى. فالضمير الإنساني، والكلمة المسؤولة، سيبقيان دائمًا في صدارة المشهد، ما دام هناك من يؤمن بأن الصحافة رسالة، لا مجرد مهنة.
الصحافة الأردنية، بتاريخها العريق وحضورها المؤثر، مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى الالتفاف حول القيم المهنية، وصون الميثاق الأخلاقي للعمل الإعلامي، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية. فلا حرية بلا مسؤولية، ولا دور للسلطة الرابعة إن لم يكن قائماً على المصداقية والجرأة في قول الحقيقة.
وختاما، نؤكد مجدداً أن حرية الصحافة ليست ترفاً، بل حق أصيل من حقوق الإنسان، وأداة لا غنى عنها لتحقيق العدالة والكرامة والحرية. فكل التحية للصحفيين الشرفاء، وكل الدعم لمن يصرون على أن تكون الكلمة أداة بناء لا هدم، وجسر تواصل لا وسيلة تحريض أو تضليل.











طباعة
  • المشاهدات: 6225
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-05-2025 09:55 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل ينجح "النتن ياهو" في القضاء على قدرات حماس المدنية والعسكرية بشكل كامل عقب رفضه وقف الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم