حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 22168

مباركة يا شجرة الزيتون

مباركة يا شجرة الزيتون

مباركة يا شجرة الزيتون

17-10-2016 02:19 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبدالله علي العسولي
على تلك التلال العالية من الجهة الشمالية الغربية لبلدتي ( كفرنجة ) تقع قطعة الزيتون التي ورثتها عن والدي ...وفي تلك البقعة العزيزة والوعرة وعورة اصحابها اذا ما ساومهم احد عليها او اعتدى عليها رعاة الغنم انذاك...
هناك تاريخ العائلة الخالد وذكريات لا تنسى ...عشناها مع من كانوا لنا الحضن الدافئ...ذلك المكان المحبب لوالدي وحدهم ..والذي يصعب على غيرهم محبته ...كيف لا يحبونه وهو المكان الذي منه يستمدون غذائهم ومؤنتهم .
على تلك البقعة شجيرات زيتون رومية ...تعيش بين صخور كبيرة جاورت شجرها وابت ان تفارق سيقانها المنهكة ...من على تلك الشجيرات كنا نقطف ثمارها المباركة ..ومن حباتها كانت تحوم حولنا عطرحباتها الزاكي ..ومن بين اشواكها التي كانت تدمي الاصابع كنا ننتزع الثمار ..ونتسابق ايام كنا -من منا يعبء وعائه قبل الآخر ..بلحظات سعادة تجتمع فيها كل العائلة في ايام العطل ..
تتمايل اغصان الزيتونة تناشدنا ونحن الاحب اليها أخذ ثمارها لتسعدنا بعطائها المبارك ...تبادلنا ابتسامات لا تفارق شفاهنا وشوق لقاء بيننا وهي تعرف أن تحتها من يلاطفها ويعشقها عشق الحبيب لمحبوبته ...
على بقايا اخشابها البالية نصنع الشاي الملطخ بدخان ..ليس كدخان مصنع وليس كدخان مركبة ...انه دخان ممزوج بعطرها وبركتها الذي يشتاق لشمه عشاقها... معطر بروائح تريح القلب وتنعش الصدور ..وعلى نصائب ابريق الشاي الحجرية المثلثة الشكل تفوح رائحة الشاي الممزوجة بدخان ناره ...لنتذوق عذوبة وطيابة شاي على خشب زيتون بعد تعب وعناء ...
هي الزيتونة التي تكرم ضيوفها ببركاتها ..بزيت مبارك لذيذ ( يكاد زيتها يضيء ولو لم تتمسه نار ..نور على نور ..)
كنت ارى في وجهي والدي السعادة وقد اجتمع جميع افراد عائلتهم ...وبائع الهريسة والحلوى يحمل بضاعته على حماره ليأخذ زيتونا مقابل هريسة ...يفاجأنا بقدومه .
ما الذها وما اطيبها من حلوى ..في تلك البقعة البعيدة عن البلدة وانت تتذوق الهريسة بعد مشقة ...اليست تلك ذكريات التي لا تنسى ..
وكلما علا كيس الزيتون بثماره ..نزداد فرحا أن قارب على الامتلاء ..لينتهي يوما جميلا ..وقد جمعنا ما جمعنا من ثمر ليس لأحد علينا من رقيب ليزجرنا على مواصلة العمل.. ...فهذا الثمر هو ثمار ارضنا التي نملك .
اعذريني يا شجرة الزيتون ..ولا الومك إن كنت غاضبة منا ...فمن كانوا يصابحنوك كل يوم.. ومن كنت تتسامري معهم برقص غصونك وثمارك ...قد رحلواواضنك تعرفين ذلك ...فشوقك اليهم قد طال وبركات عطائك قد اهتزت لغيابهم..وذهبت معهم بعض عطاياك وكرمك ...اراك اليوم وقد ذقت مرارة الفراق ..فلم يعد يجمعك جلسات عشق بينك وبينهم ...فبان على جذوعك اذلال وخشوع ...تركوك وبقيت انت تحت اغلال سيوط من يوسعوك ضربا لقطف ثمارك ..فليس لك الا الدموع التي تسيل وراء تكسر كل غصن من اغصانك الندية ...
ليرحم الله من افضوا الى الدار الاخرة والتي كانت اخر وصاياهم ان تبقي شامخة كشموخ جبالك وصخورك المحيطة بك ..وان ترفضي الخنوع ..وان يكون عطاءك و بركاتك لهم صدقة جارية لكل من تغذت عروقه من نبع خيرك الجاري


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 22168
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم