حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 21824

الرفاعي : لا تقاعد للوزراء قبل (7) سنوات .. صور

الرفاعي : لا تقاعد للوزراء قبل (7) سنوات .. صور

الرفاعي : لا تقاعد للوزراء قبل (7) سنوات  ..  صور

28-04-2015 02:48 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - سرايا - طالب رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي بتقديم مشروع قانون، يشترط حدا أدنى سبع سنوات لحصول الوزير على التقاعد، و إعادة ترسيمِ الحدود بين العام والخاص وتكريس مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص والعدالة وتفسير القرارات للأردنيين، بصدق وأمانة، وأيضا إشعار المواطن بسيادة القانون.

واضاف الرفاعي في محاضرة ألقاها في كلية الامير حسين للدراسات الدولية في الجامعة الاردنية انه يجب إعادة النظر بسياسة القبول بالجامعات الاردنية ، و يتم منح حوافز علمية، على شكل نقاط، تحسب في اختيار التخصصات المرغوبة، للطلبة الذين يختارون الدراسة في الجامعات الأبعد عن مساكنهم في المحافظات، وبما يشمل كذلك، تخفيض الرسوم الجامعية لهؤلاء الطلبة. فالأهم، هنا، هو إعادة تعريف دور الجامعة في التنمية وفي التفاعل ودمج فئات المجتمع، ومعالجة التناقضات.

وفيما يلي نص المحاضرة التي القاها :

الأساتذة العلماء الأجلاء،
الأخوات والأخوة الطلاب،
الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
• فكل الشكر، ابتداء، للأخوة القائمين على هذا اللقاء. والشكر موصول لهذا الحضور الكريم. ويسرني، أن أكون اليوم، مع هذه النخبة من العلماء والمختصين والباحثين، ومع الأخوات والأخوة الطلاب، في حوار يتناول أبرز التطورات والتحديات الإقليمية، وانعكاسها علينا ، بالإضافة إلى بعض مسارات الإصلاح المحلية.

• لقد أسس جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، سنة حميدة، وقدم لنا النموذج ، عندما بادر جلالته، إلى طرح تصوراته ورؤاه، للنقاش العام، ضمن خمس أوراق نقاشية، أراد منها جلالته، الارتقاء بمبدأ الحوار، وفتح المجال أمام الآراء والرؤى لتتواصل وتتكامل، وتعبر عن نفسها، بوضوح وبمنهج ديمقراطي، يؤمن بالتعددية والتنوع وحق الاختلاف، وبما يسهم في تطوير النموذج الديمقراطي الأردني، ورسم ملامح مستقبل الأردن، على المستوى الداخلي، وبما يكفل تحصين جبهته الداخلية، وتأكيد دوره على مستوى التفاعلات الإقليمية والدولية.
• ومن هنا، فإن النقاش العام، الذي يريد جلالته تكريسه، والارتقاء به، يفترض الخروج من الأنماط التقليدية، والدخول في حوارات معمقة، حول مجمل القضايا التي تشغل اهتمامات الرأي العام، وتشكل مادة أساسية للتحليل والقراءة. فالتوافق الوطني يبدأ من الحوار، ومن الميدان.

وعندما نتحدث عن موقع الأردن في التفاعلات الإقليمية والدولية، يجب أن ننطلق من اعتبارات الثوابت الوطنية والمصالح العليا. وفي مسيرة دولتنا العتيده، ثبت، وخلال قرن من الزمان، أن مصالحنا العليا، مرتبطة بمدى تمسكنا بثوابتنا.

• وفي هذا الواقع الإقليمي، المتحول، وبما يشهده من تسارع في الأحداث، وتبدل في الأولويات، لا بد أن نبدأ، وأمام هذا الحضور المميز لأساتذة العلوم السياسية، وخبرائها، من محاولة لفهم الواقع من حولنا، واتجاهاته، وما يفرضه علينا من تجاوب.
• إن المتابع لأداء جلالة الملك ونشاطاته وخطاباته واتصالاته، يلحظ بوضوح أن الدبلوماسية الأردنية، استطاعت أن تحقق في أكثر المراحل عسرا وتعقيدا، إنجازات مهمة ونوعية، على أكثر من صعيد، وبشكل خاص فيما يرتبط بالقضية الفلسطينية، وبوصفها تمثل مصلحة وطنية عليا، كما وصفها جلالة الملك في أكثر من مناسبة.

• ومن بين الإنجازات المهمة، تثبيت حقيقة أن الرؤية الأردنية، المنبثقة من التمسك الدائم بالاعتدال كخيار فاعل لمجابهة التحديات، مع الدور "الرسالي" الذي ينطلق منه الأردن، في سياساته ومبادراته، رغم كل الضغوطات الداخلية والخارجية، قد برهنت حصافة الفهم الأردني لواقع الصراعات وارتباطاتها؛ ما يؤكد أن مكانة الأردن الدولية بقيادة جلالة الملك؛ هي نتاج قراءات دقيقة ومواقف ثابتة ورؤى استشرافية، مصحوبة كلها بالحد الأعلى من الشجاعة الأدبية والسياسية، وتقديمِ النموذج، المتميز، في العلاقات الدولية، وفي التمسك بالثوابت والمصالح العليا، وفي الإصرار على خيار الإصلاح الشامل، المنسجم مع هذه الرؤية، ومع الرغبة الشعبية، والتفاف الأردنيين، كافة، حول قيادتهم ومؤسساتهم ودولتهم الوطنية.

• هذا الحضور الدولي الفاعل، أكده، أيضا، وبكل الفخر والاعتزاز، سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله المعظم، خلال ترؤس سموه اجتماع مجلس الأمن يوم الخميس الفائت، وكلمة سموه وإطلالته الدولية المؤثرة، وفي حديثه الواثق المتوازن، حول واحدة من أهم عناصر القلق وإثارة المخاوف للمجتمع الدولي، وهي مسألة الشباب وتحدي الفكر المتطرف.
• لقد كان لأداء سموه وكلمته تأثير إيجابي على دور الأردن وصورته. وكان بحد ذاته، تأكيدا لقوة الخطاب الأردني، ولإمكانية الشباب الأردني والعربي، في طرح رؤاه والتصدي للمهام الجليلة، كما في إدارة جلسة نوعية لأهم هيئة دولية.
• من هنا، فإن الانطلاق من الثقة بالذات، وقراءة تجربة الأعوام الصعبة السالفة، وتقييم عادل لأداء الدولة الأردنية، أثناء كل تفاعلاتها؛ يمكن أن يسهم بالمزيد من الفهم، والقدرة على التحليل السليم غير المنفعل ولا الواهم، باتجاه بناء مقاربات داخلية، مستندة إلى الإيمان بقوة الدولة الأردنية وسلامة خياراتها.
ومن هنا، يجدر بنا، أن نقرأ أبرز المؤثرات الخارجية، وانعكاساتها علينا؛
أولا، القضية الفلسطينية،
• وهي، كذلك، قضية داخلية أردنية، ترتبط على نحو مباشر، بمفهوم الأمن الوطني الشامل، وتتصل بحلها، وفقا لقرارات المرجعية الدولية، جملة من المصالح الوطنية العليا، والمؤجلة حتى تحقيق الحل النهائي..
• والحقيقة، هنا، أن هذه القضية المركزية، واجهت، خلال سنوات ما سمي "بالربيع العربي"، خطر التهميش وتراجع الأولوية، ليس فقط على سلم اهتمامات المجتمع الدولي، ولكن، أيضا، على أولويات الأمن القومي العربي؛ بحيث تصدرت ملفات مكافحة الإرهاب وأمن الخليج والأزمة السورية والعراقية والأوضاع الداخلية في أكثر من بلد عربي إضافة إلى تطورات الملف النووي الإيراني، ومؤخرا الحرب في اليمن، وصراع النفوذ ومحاولات التمدد والهيمنة في المنطقة؛ تصدرت اهتمامات العالم والإقليم.
• واستثمرت إسرائيل الفرصة، في محاولة فرض وقائع جديدة على الأرض، من خلال جملة من الإجراءات الأحادية، استندت أولا، إلى تعثر مسارات التسوية وضعف الواقع العربي، وبالاستفادة من الانقسام الفلسطيني. وأوشكت الإجراءات الإسرائيلية، العدوانية، في القدس الشريف، أكثر من مرة، أن تقود إلى انفجار كبير، وإعادة خلط للأوراق. لولا أن كان لجهد جلالة الملك المباشر الأثر الكبير في إضاعة الفرصة على الإسرائيليين باستثمار اللحظة الإقليمية المعقدة. ووجد اليمين الإسرائيلي نفسه مرة أخرى أمام حائط صلب، دفعه لإعادة النظر بإجراءاته وسلوكه.
• وفي ذات الإطار، يتأكد الانزياح الإسرائيلي نحو يمين اليمين. وتزداد الطروحات والبرامج والسياسات خطورة. وتهدد بالعودة للتصعيد. ومع نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، يتضح غياب الشريك الإسرائيلي في العملية السلمية. ومن المؤكد أن اليمين المتطرف في إسرائيل سيدفع أكثر فأكثر باتجاه تعطيل التسوية، وتجميد المفوضات، والبحث المستمر عن أزمات تدعم أجندته العدوانية.
• مع هذه التطورات، يتمسك الأردن بموقفه، وبالدفاع عن مصالحه أكثر فأكثر. ويتحرك جلالة الملك، ويوجّه الدبلوماسية الأردنية، لتحفيز المجتمع الدولي للقيام بواجبه. وأمام هذا الجنوح ومخاطر التصعيد والتأزيم، علينا الإصرار على الشرعيّة الدوليّة، والربط الدائم بين غياب الحل العادل وتنامي الشعور بالظلم وعجز المجتمع الدولي، وذلك دفاعاً عن الحق الفلسطيني. وبالتوازي، وبنفسِ المقدار، دفاعا عن مصالح الأردن العليا. والمصلحة الأردنيّة كما عبّر عنها جلالة الملك في أكثر من معرض هي بقيام الدولة الفلسطينيّة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
• وبكل وضوح، ينبغي التأكيد هنا، بأن استمرار الانقسام الفلسطيني، وإثارة المزيد من النزاعات الداخليّة الفلسطينيّة ومحاولات هدم السلطة من الداخل؛ لا تشكل نهاية مؤسفة للمشروع الوطني الفلسطيني، فحسب؛ بل هي تهديد للمصالح الأردنيّة المرتبطة بالحل النهائي، وتحديدا فيما يخص ملفات اللاجئين والحدود والقدس والأمن والمياه. مثلما أنها قد تدفع باتجاه إعادة سيناريوهات مرفوضة أردنيّا إلى الواجهة من جديد، لتدعم الضغوط باتجاهها.
• إن القضية الفلسطينية من المفروض أن تكون قضية العرب المركزية، بحكم ارتباط تنامي الكثير من حركات التطرّف والإرهاب ومشاعر الإحباط، عضويّا، بغياب الحل العادل واستمرار التهديدات الإسرائيليّة، ومن ضمنها محاولات التهويد؛ ويتصدر جلالة الملك عبدالله الثاني، منفردا، في كل مرة، للدفاع عن الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية. وقد دفعت جهود جلالة سيدنا ومكانته العالمية وممارسته الضغط على إسرائيل وأميركا والدول الأوروبية إلى منع إسرائيل حتى الآن من تهويد القدس والأقصى والمقدسات.. والمطلوب اليوم موقف عربي ودولي أكثر حسما وجدية في منع السياسات التأزيمية الإسرائيلية من مواصلة محاولاتها، والتي لن تقف عند حدود.

ثانياً، ملف مكافحة الإرهاب؛
• كشفت جريمة تنظيم داعش الإرهابي، بحق ابننا الطيار الشهيد معاذ الكساسبة، وهم من كانوا يعتقدون بأن الحرب على الإرهاب ليست حربَنا. وأننا بمنأى عن الاستهداف الظلامي. وتأكدَ للجميع اليوم بأن ما حمى الأردن من تمدّد التنظيمات الإرهابيّة إلى أراضيه واستهداف أمنه واستقراره، ليس عدم وجود رغبة لدى التنظيمات الإرهابية بفتح جبهة مع الأردن. ولا هو بعدم وجود قرار لدى قيادات الحركات الإرهابيّة بهذا الخصوص، وإنما السبب الوحيد وبجلاء، هو: قوّة الدولة الأردنيّة ومؤسّساتها العسكرية والأمنية، وامتلاكنا الدائم لزمام المبادرات ميدانيا واستخباراتيا وعملياتيا..
• وبالتالي، فإن قرار الحرب على الإرهاب، وبالإضافة إلى كونه قرارا دفاعيا، فهو أيضا قرار عملياتي، تقرره غرف العمليات في الجيش العربي والأجهزة الأمنية.. وتدرس، بدقة، وموضوعية، كلفه الميدانية وكلف الاستنكاف عن القيام به.
• والأردن، وإن كان، بشهادة العالم واحة أمن واستقرار، فهو ليس جزيرة معزولة. بل هو في قلب الأحداث. وهذه الحرب فرضت علينا. ولا يحمينا من تبعاتها الهروب من خوضها ببسالة وإقدام. بل على العكس من ذلك، فإن التردد في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت الصحيح وباختيار الشكل الصحيح، هو ما يعرض الوطن واستقراره للكلف الباهظة. ويحمله، تاليا، تبعات التأخر وفقدان المبادرة.
ثالثا، الأزمة السوريّة وتداعياتها؛
• استطاع جلالة الملك، بعزيمته وإرادته، أن يجنب الأردن، أولا، ويلات التورط في صراع شائك وملتهب، وان يحمي واحداً من أهم مبادئ السياسة الخارجية الأردنية، وهو عدم التدخل بالشؤون الداخلية للأشقاء، كما برهن، ثانيا، صحة تشخيصه منذ البداية، بحصرية الحل السياسي السلمي للأزمة السورية، واستحالة الحسم العسكري الميداني.
• إن الحل السياسي للأزمة السورية، وكما برهنت التطورات الأخيرة، هو شرط رئيس لعزل الإرهاب ومجابهته، من خلال الحوار بين المكونات السياسية السورية، والأطراف الحاضرة على الأرض، بما في ذلك المعارضة السياسية السورية التي لم تتورط بالقتل والتدمير والإرهاب.
• إن كلفة القضية السورية على الأردن تتعدى ملف اللاجئين مع كل ما يمثله من تحديات وضغط اقتصادي اجتماعي صحي وعلى البنى التحتية، فهناك أيضا الكلف الأمنية والسياسية وهناك انعكاسات كبيرة، أضرت، بمصالح الأردن الاستراتيجية وأجلت جزءا من المشاريع الكبرى المهمة والضرورية لمستقبل الأردن وقطاعاته المتنوعة.
• هناك أيضا حديث كبير، تدعمه معطيات عديدة، حول تسرب أعداد كبيرة، تصل إلى الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من مخيم اليرموك إلى الأردن. وهذا أمر خطير، لا بد من توضيح تفاصيله، رسميا، وما هية الإجراءات المتخذة، لحماية الأردن، من خطر نقل أعباء اللاجئين الفلسطينيين، من الجوار إلى أراضيه.. والأخطر هنا، هو تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين على المستوى الإقليمي، وتحويلها إلى قضية أردنية، يتحملها الأردن منفردا!
• وعليه، فإن الأزمة السورية هي أزمة ضاغطة على الأردن بأكثر من مستوى، وللأردن مصلحة كبرى بحلها، ودعم المبادرات الدولية، وبما يضمن وحدة سوريا الشقيقة وسلامة مؤسساتها وحماية شعبها، وبأن تستعيد عافيتها، على قاعدة من التوافق ووقف النزيف المؤلم..
رابعاً، الملف العراقي؛
• أكثر من أثني عشر عاما، على أزمة العراق. وما زال الأردن يقوم بدوره القومي والوطني تجاه أشقائه العراقيين، وتجاه حماية حدوده، وصون الأمن الإقليمي، ومنع تمدد الإرهاب إلى دول الخليج العربي.
• مع سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مساحات واسعة على الأرض في العراق الشقيق، تزداد مخاطر الهجرات الجماعية الإضافية إلى الأردن. في وقت يعجز فيه البلد عن استيعاب أي لاجئ جديد، ليس تقصيرا عن القيام بواجباتنا، بل لأن الهجرات وأعداد اللاجئين أصبحت تمثل تهديدا لمصالحنا، وضغطا فوق ما تتحمله إمكاناتنا، على مواردنا ومجتمعنا.
• لقد قدم جلالة الملك رؤيته، وأبدى دعم الأردن لاستكمال العملية السياسية في العراق الشقيق، واستعادة المكونات العراقية الأصيلة، وبشكل خاص العشائر العربية الأصيلة، لدورها في العملية السياسية وفي الشراكة الوطنية دون إقصاء أو استئثار، وبما يؤدي إلى نزع أيِ غطاء مفترض عن الجماعات الإرهابية.
خامسا، ملف أمن الخليج؛
• وهو، كما أكد جلالة الملك المعظم، مؤخرا؛ ملف أمن وطني أردني بالدرجة الأولى. وليس جديدا القول، بأن الأردن هو جزء من منظومة الأمن القومي العربي. ويرتبط الأردن مع دول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات ومصالح وتاريخ وحاضر راهن، وأواصر أخوة متينة، ما يجعل المستقبل واحدا ومشتركا.
• وعلى هذا الأساس، كان موقف الأردن من أزمة اليمن، منسجما مع تقييم دقيق، لانعكاسات الأزمة، على منظومة أمن الخليج، وبالتالي؛ الأمن القومي العربي، فيما لو تركت الأمور للانفلات والمزيد من الفوضى، والاعتداء على الشرعية. وأبدى الأردن رأيا واضحا، وجهودا دولية وقانونية، لدعم العملية السياسية في اليمن الشقيق، وبأن لا يتحول هذا البلد العربي الأصيل إلى مجرد ورقة للتفاوض على ملفات أخرى، وساحة لصراع وحروب بالوكالة.
• لقد سعى جلالة الملك المعظم، ووجه جلالته الدبلوماسية الأردنية، للعمل على خدمة التضامن العربي. وكان لجولات جلالته العربية والدولية، ولنشاطه المكثف ولقاءاته مع قيادات عربية؛ دور مؤثر وملموس في خدمة التضامن العربي، وفي دعم الجهود العربية دوليا، لاستعادة التوازن الاستراتيجي، وتعزيز كل مساعي المصالحة والتوافق العربي.
سادساً، الصراعات الطائفية؛
• ويجدر القول هنا: إن التباين الشيعي السني، ليس قدرا لا مفر منه. إنما هو نتيجة لتوظيفات سياسية، وانعكاس لأزمات المنطقة ولمناخات الاستقطاب. وإذا كان الأردن، دائما وأبدا، يجد نفسه في الصف العربي، ومنافحا عن القضايا العربية؛ فإن ذلك لا يعني العداء لأحد، ولا موقفا سلبيا من أحد مكونات الأمة الإسلامية الواحدة. فالهاشميون على مر التاريخ هم فوق التباينات والخلافات. وهم الأكثر سعيا للتوفيق وتوحيد الصف.
• لقد قدم جلالة الملك جهودا كبيرة، سياسيا وتنويريا، للتقريب بين وجهات النظر والحيلولة دون اندلاع صراع مذهبي أو طائفي. وتبرز "رسالة عمان"، هنا، كشاهد حاضر على الرؤية الملكية للعلاقة بين المذاهب.
• إن المواجهة اليوم هي بين المصالح، وليست بين المذاهب. ومثلما عاش المسلمون السنة والشيعة وتعايشوا مع إخوانهم المسيحيين ومن شتى الديانات والمذاهب على مدى التاريخ بسلام وأمان ومودة ورحمة؛ فإنهم قادرون على استعادة هذه الحياة الآمنة المستقرة.
• وفي ذات السياق، تستطيع إيران وتركيا، بإعادةِ التموضع، أن تبني علاقات من الثقة مع محيطهما العربي الإسلامي. فتاريخ العلاقة العربية الإيرانية والعلاقة العربية التركية، طويل وزاخر بالإيجابيات والشراكة. وليس من الصعب ولا المستحيل البدء بعملية بناء الثقة من جديد، وعلى قاعدة عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدولِ العربية، ومجابهة التحديات المشتركة. وتلوح بالأفق اليوم، فرصة مهمة للتوافق على ملفات خلافيّة عديدة، من خلال دعم المبادرات الإيجابية، والتركيز على الجوامع، والنأي عن التمحور أو الاستعصاء.
على المستوى المحلي الداخلي؛
• المسار السياسي؛
• كان لنجاح العملية السياسية الإصلاحية المتدرجة والتوافقية والآمنة التي قادها جلالة الملك المعظم، أثر مباشر على تحصين الجبهة الداخلية، واستثمار السنوات الأربعة الماضية في تطوير النموذج الديمقراطي الأردني. ويجدر التنويه كذلك بالدور المهم الذي قام به مجلس النواب الأردني، والتفاعلات والحوارات التي شهدتها قبة مجلس الأمة، والتي مثلت حالة صحية، نقلت الحوار والاحتجاج من الشارع إلى مكانه الأنسب تحت قبة البرلمان.
• كما يسجل للحراكات الشبابية ولقوى وتنظيمات المعارضة الوطنية امتلاكها الدائم للحسِ العالي بالمسؤولية تجاه الوطن واستقراره، وحرصها المبكر على التعبير الديمقراطي السلمي، ورفضها لمنطق الاستفراد أو التأزيم أو الإقصاء.
• ومع ذلك، ما زال الطريق طويلا، ويحتاج إلى الشراكة والتفاعل، وصولا إلى المرحلة التي يريدها جلالة الملك المعظم، وعبر عنها بوضوح في أوراقه النقاشية. وهي مرحلة تداول تأليف الوزارات على أسس برلمانية حزبية برامجية. وأمامنا الآن فرصة مهمة لإثراء النقاش الوطني بشأن جملة من القوانين الناظمة للمشاركة وتطوير الحياة السياسية، والتي بعضها مطروح أمام مجلس الأمة، وبعضها الآخر على الطريق. وفي مقدمتها قوانين الأحزاب واللامركزية والبلديات والانتخاب. وبرأيي توجد ضرورة ملحة في إقرار القوانين السياسية الإصلاحية كحزمة واحدة، كي لا يشوبها أي خلل كما يشوب قوانيننا الاقتصادية التي أقرت مؤخرا. وهو ما يستدعي، مرة أخرى؛ التأكيد على ضرورة مأسسة وتفعيل الشراكة الحقيقية بين جميع مؤسسات الدولة وسلطاتها، ومع القوى السياسية، الفاعلة على الساحة، وبالذات القطاعات والهيئات الشبابية، باتجاه التوافق على جملة من القوانين والتشريعات الإصلاحية التي سترسم معالم الطريق نحو المستقبل المشرق بإذن الله.
• ويتصل بذلك، أيضا، موضوع على درجة عالية من الأهمية، ألا وهو "الثقة"، بين المواطن والمؤسسات الدستورية والرسمية عموما، والعمل على استعادتها وتكريسها منهجا في التعامل مع كافة القضايا. فأعتقد بأنه من المهم العودة إلى مدونة سلوك الوزراء وتقديم مشروع قانون، يشترط حدا أدنى سبع سنوات لحصول الوزير على التقاعد، ويجب إعادة ترسيمِ الحدود بين العام والخاص وتكريس مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص والعدالة وتفسير القرارات للأردنيين، بصدق وأمانة، وأيضا إشعار المواطن بسيادة القانون.
• وهنا اسمحوا لي أن أستعمل، مثالا راهنا، (ولا أقصد الحكومة)، ألا وهو: موضوع شحنة القمح البولندية والتي أوعز دولة رئيس الوزراء لوزارة الصناعة والتجارة والتموين "بتوجيه كافة المؤسسات للالتزام بأحكام القانون بخصوص المواصفات الفنية والتعامل مع أي قرارات اتخذت من قبل أي مؤسسة ضمن القانون والصلاحيات الممنوحة لها، مع بيان أية إجراءات مخالفة والحكم القانوني الذي تمت مخالفته"، بحسب نص الخبر الرسمي.. فهل هذا يعني أنه إذا رئيس الوزراء لم يوعز، فإن المؤسسات المعنية بسلامة الإنسان وصحته لا تقومُ بعملِها، ولا تلتزمُ بالقانون؟ وهل يجبُ على أعلى سلطةٍ تنفيذيةٍ في البلادِ أن توعز لمؤسسات الدولة بالالتزام بالقانون! إن مثل هذه التشكيلات تخلق بيئة من عدم الثقة بين المواطن والأجهزة الحكومية وأنا لا أقصد أن المؤسسات لا تلتزم بالقانون.. ولكن أنا أتحدث عن المبدأ.
• مسار الإصلاح الاقتصادي؛
• على المستوى الاقتصادي، أظن أن التحدي ما زال كبيرا. وعندما أتحدث في الاقتصاد، فأنا أتحدث من موقع سياسي أولا. وأعتقد أن الإصلاح الاقتصادي مهم وأساسي للإصلاح السياسي، لأنه يرتبط مباشرة بدور الطبقة الوسطى ومجابهة تحدي البطالة، وواقع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وضرورة تحفيز الاستثمار النوعي القادر على تقديم فرص عمل حقيقية ودائمة، ومشروطة بالتأمين الصحي والتسجيل في الضمان الاجتماعي، وبدور القطاعات الاقتصادية الأصيلة من غرف التجارة والصناعة في العملية الإصلاحية، وفي الاستجابة للتحدي الاقتصادي الذي يؤثر على مجمل مجالات الحياة العامة في البلاد.
• إن تحدي المديونية هو الأبرز. وقد تحدثت سابقا، وأجدها فرصة للتأكيد هنا، بأن الأهم في كل برامجنا وخططنا الحكومية، هو مدى انعكاسها مباشرة على مستوى حياة الأردنيين. وعندما أتحدث عن مسألة مثل البطالة، فأنا أعتقد أنها اليوم هي الأولوية المتقدمة، ونظرا لأبعادها المتشعبة.. ولارتباطها بجيل الشباب، الذي يشكل النسبة الأكبر من الأردنيين.
• وجلالة سيدنا في جميع كتب التكليف السامي للحكومات المتعاقبة، يطالب بأن تنعكس البرامج والخطط على مستوى حياةِ الأردنيين. بمعنى؛ ما هي فائدة الأرقام إن لم تتحول إلى واقع يلمسه الناس؟
• وحول نسبة معدل البطالة، نسمع بأرقام متضاربة؛ فمثلا، قدرت دائرة الإحصاءات العامة، والتي نحترمها، معدل البطالة بـ 12,9% والتي ارتفعت قليلا، عند الربع الأخير من 2014 (والمخيف هو معدل البطالة بين الشباب من عمر 20-24 سنة التي تقدر معدل البطالة بحوالي 30% وذلك بأقل تقدير) ولكن، في المقابل، نسمع عن أرقام غير رسمية تقدر معدل البطالة بأعلى من ذلك. وهنا، اسمحوا لي أن أقترح إنشاء هيئة مستقلة للاحصاءات تكون باستقلالية ديوان المحاسبة أو الهيئة المستقلة للانتخابات، تقوم بتزويد المؤسسات الدستورية المختلفة بأحدث الإحصائيات، وبالتحديد تقرير شهري بالمديونية مقارنة بالناتج الإجمالي بشكل شهري، لنمو دخل الفرد، ثقة المستهلك، القوة الشرائية للمواطن، أرقام بيع المتفرق، وواقع البطالة وتفصيل عن إنفاق جميع أجهزة الدولة على البرامج المختلفة بما في ذلك المنتج، والتي تساعد صاحب القرار، تاليا، على اتخاذ القرار الصحيح وتعطي الجهات الرقابية المؤشرات والأرقام اللازمة لمتابعة نتائج برامج الحكومات، وكل برنامج يجب أن يكون قابلا للقياس.
• وهنا، تبرز مرة أخرى ضرورة تفعيل دور القطاع الخاص ومسؤوليته الاجتماعية وأولوية الشراكة الحقيقية معه لتوفير فرص العمل اللائقة للأردنيين. وهذا يتطلب شراكة في الحقوق والواجبات وأن تتم ترجمة الشراكة في السياسات والتشريعات. وبحيث يصار إلى إعادة الاعتبار للأدوار الحقيقية والوظائف للقطاعات الاقتصادية المتنوعة. فمجابهة تحدي البطالة لا تتمّ دون دور رائد وفاعل للقطاع الخاص. خصوصا، وأن الدولة لم تعد قادرة على التوظيف التقليدي، غيرِ المنتج، في حين يتزاحم الخريجون الجدد كل عام، في سجلات ديوان الخدمة المدنية. وليس بالإمكان ولا من باب المسؤولية الوطنية أن ندفن رؤوسنا في الرمال ونطرح شعارات غير قابلة للتطبيق.
• الإصلاح الاقتصادي، إذن، يجب أن يبدأَ من إصلاح الخلل في العلاقة بين أركان العملية الاقتصادية، ومع ضمان التشريعات الملائمة، والبعيدة عن منطق الجباية والتناقضات والتشريعات التي يصار إلى إنجازها أحيانا "بالقطعة"، وبدون ناظم إصلاحي واضح. وحينها، سيأخذ مكانه الطبيعي والرائد في خدمة المجتمع وتوسيع الطبقة الوسطى ومواجهة مسـألة البطالة.
• وبكل الأسفِ، فإن السياسات الإقتصادية لا ترقى إلى المستوى المطلوب؛ فبدل أن نعمل على توسعة الاقتصاد أخذنا نحاول أن نحل مشكلة العجز على المدى القصير والذي يفاقم المديونية والانكماش الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد. وهذه السياسات تؤدي إلى تلاشي الطبقةِ الوسطى ، (وبدأنا نشعر بهذا الانكماش ونسمع عن مئات المصانع التي أغلقت والفنادق التي تعاني من مشاكل وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي بدأ أيضا بالشعور بالضيق والقطاعات الأخرى الكثيرة) . وآمل أن تقوم الحكومة بتصحيح هذه الأخطاء والجلوس مع القطاع الخاص للتشاور معهم على كيفية خلق مئة ألف فرصة عمل سنويا على الأقل.
• الخطة التنفيذية مع الاتحاد الأوروربي، والتي تم توقيعها مع الحكومة تفترض دخول 60,000 شاب وشابة إلى سوق العمل سنويا. وبحسب هذه الفرضية فالاقتصاد بحاجة أن ينمو بـ 9,3% لاستيعاب هذا العدد. اليوم لدينا 100,000 خريج ومعدلات النمو 3,5%. هذا يعني بأن على الحكومة أن تأخذ بيد القطاع الخاص وتسمع منه ما هو بحاجة إليه لخلق 100,000 فرصة عمل للشباب الأردني وتعديل أنظمتنا وقوانينا وتشريعاتنا للتماشي مع خطة واضحة المعالم تقدم حلولا لمشكلة البطالة وهي المشكلة الرئيسية.
• في ظل الدمار والاقتتال في عالمنا، وفي منطقتنا على وجه الخصوص؛ سيلتقي المؤتمر الاقتصادي في البحر الميت. وهذا إن دل على شيء فهو دليل على ثقة العالم بجلالة الملك ودور الأردن المحوري؛ فالعالم يلتقي في أردننا الغالي. وعلينا أن نقدم له أفضل ما يقدم في العالم لكل مستثمر جاد ونافع، ونؤكد له ثقة العالم بجلالة الملك وبدور الأردن، لكي يستثمر في محافظاتنا ونخلق فرص عمل لشبابنا.
• وبخصوص المؤتمر، سمعت مؤخرا، بأن الحكومة ستقدم الخطة العشرية فيه، وآمل أن تتضمن هذه الخطة إجراءات وقوانين تتيح للقطاع الخاص أن يأخذ فرصته. وآمل بأن تكون الخطة مرتبطة بمدة زمنية وإجراءات واضحة من شأنها أن تنشط السوق وتعطي الأمل لشبابنا بالحاضر والمستقبل، وبدء حياة عائلية كريمة ومستقرة، ومنحهم القدرة على الاقتراض بأسعار فائدة منخفضة وبدء مشاريع صغيرة ومتناهية الصغر، وربط قانون الاستثمار والضريبة واستيعاب القطاع الخاص لشبابنا، وتوسعة اقصاد يجذب شبابنا وشاباتنا الذي يغادرون الوطن بحثا عن فرص أفضل. وهو ما يتطلب تغيير أسلوب التعاطي مع القطاع الخاص الجاد والملتزم بمسؤولياته الاجتماعية، وباعتباره شريكا أصيلا، بعيدا عن منطق الريبة والشك.
• ويبقى الأساس في أي أمر، هو كيف نعتمد على أنفسنا لجذب الاستثمارات ونبني بلدنا، وبما يحقق رؤى جلالة سيدنا حفظه الله، ويخدم الأردنيين.
• إصلاح التعليم العالي؛
• واسمحوا لي، مرة، أخرى، أن أستثمر حضوري اليوم، في الجامعة الأردنية الأعرق، وبحضور هذه النخبة من العلماء والقيادات الأكاديمية والباحثين والأخوات والأخوة الطلبة، لأشير إلى ضرورة تصحيح مسار وسياسات التعليم العالي في الأردن، وإعادة الاعتبار لجامعاتنا ودورها وإسهاماتها في مسيرة الوطن.
• لقد دعا جلالة الملك، منذ أيام قليلة، خلال لقائه اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية واضحة المعالم، وبإطار زمني وعملي محدد للتعامل مع التحديات التي تواجه قطاع التعليم، والموارد البشرية ككل، في الأردن، مؤكدا جلالته أهمية تعزيز ثقة المواطن بجودة وكفاءة النظام التعليمي في المملكة، والنهوض بهذا القطاع الحيوي، بما يضمن تنمية الموارد البشرية الوطنية.. وهذه الدعوة الملكية، تحمل في طياتها عددا من الرسائل، وتتطلب مراجعة واقع التعليم العالي في بلدنا بكل شجاعة ومسؤولية.
• إن الوفرة في أعداد الجامعات، الحكومية والأهلية، وفي انتشارها، تفرض تحديات أكبر، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنوع، وبالمستوى الأكاديمي والبحث العلمي، وبدور الجامعات وأساتذتها وطلابها ومرافقها ومراكز دراساتها، في خدمة المجتمع، وفي امتلاك المبادرات الإيجابية، والأهم، في رسم ملامح المستقبل للوطن كله.
• وهذه التحديات الجدية، تفترض أولا، ضرورة رفع وتحسين المستوى المعيشي للأستاذ الجامعي، وزيادة الحوافز والامتيازات؛ فالأستاذ الجامعي هو قائد رأي وصاحب خبرة، ويشرف على إعداد وتأهيل الخريجين، الذين يتولى جزء منهم رسالة التعليم السامية في مدارسنا، ويلتحق الآخرون بالقطاعات الحيوية، التي تمس حياة كل مواطن أردني.
• والأستاذ الجامعي، هو بالأساس، باحث، ومختص. والاستثمار بالبحث والتطوير، وربط البحث العلمي، بعملية التحديث، وخدمة مستقبل الأردن، هو دور مهم لجامعاتنا، وهو سبيلها لكي تأخذ موقعها الطبيعي، وبوصفها منارات علم وبيوت خبرة ومعرفة، قادرة على توفير الحلول والمقترحات لكافة القطاعات.
• وبصراحة أكثر، لا يجوز أن يبقى التعليم الجامعي عبئا على سوق العمل. وينبغي بناء سياسات تعليمية يقوم عليها خبراء ومختصون أكاديميون وسياسيون واقتصاديون، تحدد آلية المواءمة بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل، ومستقبل التخصصات، في ضوء واقع البطالة الذي يواجه شبابنا وشاباتنا، ويلقي بظلاله على الطبقة الوسطى، ويحد من فاعليتها وريادتها للمجتمع.
• وهي أيضا، فرصة مهمة للحديث أمام هذه النخبة الكريمة، عن الدور الوطني للجامعات، من حيث كونها جامعات، أي أنها تجمع ولا تفرق، وتسهم في عملية الاندماج والتنوير والوعي وخدمة المجتمع، وتوجيه الطاقات الشابة نحو التفاعل المدني الإيجابي مع القضايا الوطنية، وتكريس روح العمل الجماعي وثقافة العمل التطوعي. وهذا ما لا ينسجم، مع واقع القبول في جامعاتنا حاليا. والمطلوب هنا، هو إعادة النظر بسياسة القبول، وبحيث يتم منح حوافز علمية، على شكل نقاط، تحسب في اختيار التخصصات المرغوبة، للطلبة الذين يختارون الدراسة في الجامعات الأبعد عن مساكنهم في المحافظات، وبما يشمل كذلك، تخفيض الرسوم الجامعية لهؤلاء الطلبة. فالأهم، هنا، هو إعادة تعريف دور الجامعة في التنمية وفي التفاعل ودمج فئات المجتمع، ومعالجة التناقضات.
• ومن هنا، اسمحوا لي، أن أكرر الدعوة، لضرورة العودة إلى نظام خدمة العلم، وبأسلوب جديد، وشكل جديد؛ فالمؤسسة العسكرية الأردنية، هي عنوان الإباء والشرف والكرامة. وهي الجامعة الأولى في غرس القيم الأصيلة، ودمج الشباب، وتوجيه طاقاتهم نحو الإبداع، ضمن عمل جماعي منضبط.
• وإنني، أعتقد، أن هذه الأولوية، بالإضافة إلى أولوية النهوض بواقع جامعاتنا ودورها، إنما تعني إعدادا وتأهيلا قيميا علميا وأخلاقيا وبأدوات الحاضر والمستقبل، لجيل الشباب الأردني، وهو الجيل الذي سيمتلك عما قريب قرار التحديث والتطوير وقيادة العمل العام، وسيواصل خدمة مسيرة الدولة، ويحمل رسالتها، خلف قيادته الهاشمية المعطاءة.
• وبالتوازي، تتطلب المواجهة مع الفكر الظلامي وثقافة التكفير والانعزال، سياسات منهجية، مدروسة بعناية، تشمل إصلاح الخطابة في مساجدنا وجوامعنا، والتي هي بالأصل بيوت الله عز وجل، ودور عبادة ومنارات للتنوير ونشر الفكر الوسطي المعتدل، والدعوة للرحمة والانفتاح والتكافل، وتحض على الخير والتعاون وعلى مكارم الأخلاق.
• وهو ما ينطبق، أيضا، على واقع مدارسنا، وأركان العملية التعليمية، ابتداء من المدرس والمنهاج والبنى التحتية والمرافق التعليمية، وصولا إلى إعداد جيل من الطلبة، المهيئين لمرحلة الدراسة الجامعية، أو الانتقال إلى أي مجال من مجالات التدريب أو العمل والعطاء، مزودين بما ينفعهم من أدوات التفكير السليم البناء، والقائم على تعزيز قيم التعاون والروح الإيجابية.
• أكرر الشكر والتقدير للجامعة الأردنية، وللحضور الكريم، وأسأل الله جلت قدرته أن يحمي الأردن، وأن يديم عليه نعمة الحكم الهاشمي المستنير، وأن يحفظ قائدنا ورائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته





لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 21824

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم