28-08-2017 08:54 AM
بقلم : روشان الكايد
في بحر الجباية ، زجت الحكومة بالتعليم ، فكما أن السياحة أصبحت تعاني من اضطراب في فهم وتوضيح الأسعار المرتفعة للمطاعم ؛ فإن التعليم أيضا بات واحدا من مآربها في الضرائب ، فارتفاع أسعار الرسوم في المدارس الخاصة جعل من الأمر مشروعا تجاريا بحتا يعلو على هدف التربية ويبتعد عن خصوصية التعليم .
في القواعد الأساسية المنظمة لآلية تعليم الأجيال ، لابد للدولة من أن تمتلك تعليما عاما موحدا لضمان خلق مجتمع متجانس ، ومتقارب فكريا ، وعليه فإن التعليم العام يشمل المدارس الحكومة والمدارس الخاصة أيضا.
وما يدعو للأسف تغيب المسؤولية الحقيقية في الكثير من المدارس الخاصة من عرض المحتوى المنهجي ، وتربية النشىء ، وإكساب المهارات اللازمة للطلاب ؛ حيث أصبحت لا تتعدى كونها مبان مليئة بالطلبة حادت عن الرسالة السامية والأهداف الموضوعية التي أنشئت لأجلها .
ترتفع تكاليف الحياة المعيشية يوما بعد يوم ، وفي سياق هذا الارتفاع ترتفع أسعار الرسوم المدرسية ارتفاعا غير مبرر في المدارس الخاصة والتي أصبحت تعادل رسوما جامعية في بعص الجامعات الخاصة ، وبحثا في ذات المبدأ بعيدا عن فكرة أن من يختار المدارس الخاصة لأبنائهم هم في بحبوحة وقدرة مالية ، فإن الأسباب التي تفرض على الأهالي اختيار مثل هذه المدارس متعددة ولا حصر لها ، فنتيجة لعدم توفر مدرسة حكومية قريبة ، أو لربما لوضع خاص يمر به الطفل لا يحتمل بقاؤه في مدرسة حكومية ، إبعاد الطفل عن ساحات التنمر المنتشرة في المدارس الحكومية ، الحرص على حصول الطفل على التحصيل العلمي العالي ، انتشال الطفل من بيئة صفية أو من مجموعة من الزملاء على المحك في الأخلاق والتربية والسلوك ، رفع كفاءة الطفل وقدراته في الفهم والإدراك عبر ممارسة الأنشطة اللامنهجية والتي تكاد تنعدم في المدارس الحكومية ، وإعادة صياغة شخصية وسلوك الطفل ، جميعها أسباب توضح بشكل بسيط الهدف من اختيار المدارس الخاصة ، وعلى إثر هذا يجب عدم النظر لأولياء الأمور نظرة المقتدر الذي يجب عليه الدفع دوما ومهما كان الرقم لمجرد اختيار الجهة الخاصة ، فهم يتنوعون ما بين المقتدر والمضطر والمغلوب على أمره والمتأمل بالمستقبل الباهر لطفله على حساب كل شيء .
ولذلك يتوجب على الحكومة بناء آلية واضحة تضع سقفا لا مجال للتجاوز عنه في مسألة الرسوم المدرسية ، فالجميع بات يعاني من هذه المشكلة التي تتفاقم يوما بعد يوم ، ولو أننا وجدنا مدارس تمتلك داخل أسوارها العملية التربوية والتعليمية المثالية فلربما سترضى الأطراف جميعها وإن كان هذا الرضا على مضض - لضرورة وجود ضبط لهذه الأسعار - إلا أنه سيكون صادرا من الذي سوف يأكل الصبر طمعا في بلوغ نجله المجد والمستقبل المشرق ، إلا أن الفرق بين كل من المدارس الخاصة والحكومية لا يعد فرقا شاسعا يستحق كل تلك المبالغ المستحقة سنوية كانت أو فصلية .
وفي الختام نتمنى من الحكومة أن تنظر بعين الرأفة للمواطن الذي أصبح كالطبق الصيني أنى تدق عليه يرن ، فهو في كل الاتجاهات وأوجه الحياة بات يشكو ويعاني ، فإما الارتقاء بالمدارس الحكومية ورفع جاهزيتها ، على مستوى تحسين الأبنية وعلى مستوى العملية التعليمية بشكل عام ، وبناء المزيد من جسور التفاهم والمسؤولية بين الطالب والمعلم وولي الأمر للوصول إلى النتائج المرجوة ، أو أن تقوم بوضع خطوط واضحة تحدد للرسوم المدرسية بالتوافق مع ما تقدمه كل مدرسة حتى لا يختلط الحابل بالنابل ، فنحن لا نريد أن ننتقص من مدرسة معدة أكاديميا للتعليم على أعلى مستوى وبين مدرسة لا تعدو كونها مشروع ربحي لا يمتلك من صيغ التربية والتعليم شيئا .
Roshanalkaid11@gmail.com
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا