06-02-2010 04:00 PM
لا يمكن لأي قرار أو نشاط أو فعل اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي تتخذه دوائر الدولة ومؤسساتها المختلفة إلا أن يكون له تأثير ما, إيجابا أو سلبا, على مجريات الحياة العامة وعلى مصالح الأفراد والمجموعات, ولكي تنجح الدولة في تحقيق الأهداف والغايات التي تسعى للوصول إليها وإحداث التغيرات المطلوبة, لا بد لها أن تستخدم كافة الوسائل المتاحة وأن تسخر كافة الإمكانات البشرية والقانونية المتوفرة وما تتمتع به من نفوذ تقود به المجتمع وتحركه وذلك للتأكد من قبول المواطنين ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية لما تقره أو تشرع في تنفيذه من أعمال وأنشطة عامة. إن الوسائل والأساليب التي قد تلجأ إليها الدولة في تحقيق غاياتها وأهدافها العامة تعتبر مشروعة وسليمة بل هي واجب عليها ما دامت لا تخرج فيها عن صلاحياتها الدستورية وشرعيتها القانونية والشعبية ولا تسبب في إلحاق الضرر بالمجتمع بأية صورة تنم عن سوء الإدارة والتقدير أو الفساد وأن لا تحدث شروخا في المجتمع عبر التمييز ما بين فئات وشرائح المواطنين وعبر عدم إتاحة المجال للمشاركة بصنع القرار وتطبيقه. أما الإعلام, على اختلاف أشكاله وألوانه وبما يتوفر عليه من أدوات نقد وتمحيص وتحليل وقدرة على التدخل والتغيير والحق الدستوري بالوصول للمعلومة وحرية التعبير, يشكل ركنا أساسيا للمحافظة على الصالح العام ابتداء من لحظة التمهيد والتعريف بفحوى القرارات والإجراءات العامة المتخذة والعمل على رصد ردود فعل المجتمع عليها, وبعد ذلك يتوجب عليه ( الإعلام ) , أن يتبنى هذه القرارات والتوجهات ويسعى لتسويقها لدى المواطنين مقدما المبررات أو أن يرفضها فيسعى لمقاومتها مقدما الحجج والبراهين اللازمة. كان من المفروض أن يتعاظم دور الإعلام الأردني ليصبح أكثر شفافية ويتمتع بالمزيد من حرية التعبير في عصر أصبحت فيه المعلومة والحقيقة والارقام متوفرة بكثافة وومن مصادر متنوعة, إلا أن الأساليب والأدوات الإعلامية التي بدأ يلجأ إليها راسمو السياسات ومتخذي القرارات وأصحاب الأعمال والمصالح السياسية لإخفاء المعلومة وتحوير الحقائق وقلبها تزايدت بصورة فاضحة وأصبحت مهمة خداع العامة أكثر يسرا واشد دهاء فصعبت مواجهتها. لقد تراجعت قدرة الإعلام على كشف العيوب وإظهار الحقائق وممارسة الرقابة على ما تقوم به الحكومة وشركائها بالقطاع الخاص والسر هو الاعتماد المتزايد لوسائل الإعلام ماليا على الطرفين حيث تسيطر الحكومة ومجموعة محدودة من الشركات الخاصة عليها بصورة مباشرة وعبر اذرعها الاستثمارية والتحكم الكامل بموازنات الدعاية والإعلان إضافة إلى نجاح الحكومة بخلق ( تربية ) جيل شبه كامل يعمل بالإعلام يدورون في فلكها ولا يجرؤ على نقدها فسادت أجواء الخوف والنفاق وخاصة بعد أن ضيقت القوانين غير المتوازنة وعقوباتها الثقيلة الأفاق ونجحت بلجم خيول أصيلة وأخرجتها من ساحات العمل الإعلامي فانطفأت جذوة نار التعبير "الحامية" الكامنة في بعض الصدور. ولعل , ما اسميه , "الاحتواء الرباعي" الذي قامت الحكومة الحالية فيه بأستقطاب وزيرين من جريدتين يوميتين وتعيين مستشارين كبيرين من جريدتين يوميتين أخريين قد طوق هذه الصحف الرئيسية المؤثرة واحتوى باقي الصحف الورقية منها والالكترونية بصورة جعلت من قيام معارضة حقيقية لما تقترفه الحكومة من قوانين غير دستورية مثل قانون الضريبة وما اتخذته من قرارات مثل فرض المزيد من الضرائب على السلع الاساسية وغير الاساسية وما تنوي اقراره من رفع الدعم عن اسطوانة الغاز واضافة فروق اسعار الديزل على فاتورة الكهرباء, ما هي إلا نماذج صارخة على شعور اركان هذه الحكومة بالاطمئنان على أن أحدا في اعلامنا الاردني لن يعارض بجدية هذه التوجهات المرفوضة سابقا وحاليا وإن عارضها احد ما فستكون, معارضة غير مؤثرة تسمح للحكومة بإدعاء وجود حرية التعبير ومعارضة. إن تبرير القرارات والتوجهات الاقتصادية القاسية وغير العادلة وتمريرها عبر بوابات وسائل الإعلام المشرعة جعل منها أدوات طيعة في يد الحكومة ما سهل عليها الاستفراد بالمواطن وتحقيق أهدافها ومخططاتها بأقل كلفة ودون عناء يذكر.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-02-2010 04:00 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||