بقلم :

قفلت راجعا من بيت صديقي في الرابعة من مساء يوم الجمعة بعد تناولي القهوة العربية الممزوجة بالهيل ،والتهمت ما تيسر من كعك العيد والشاي الذي اختلط بالمليسة … وفي طريق العودة مررت من جانب أطفال مسلحين ب" مسدسات الخرز" و خوفا من أن تصيبني "خرزة طايشة"، أسرعت بتجاوزهم… و لا أدري لماذا يحب الأطفال دوما تمثيل دور البطولة،رغم أنني كنت ذات يوم طفلا ، و لو كنت سألتني ماذا تحب أن تصير يوم تكبر لقلت لك:"شرطي أو طيار" ،ولا زلت أذكر أيام الحرب على العراق "حرب الخليج"،كنت أيامها طفلا عابثا لكن كل رسوماتي كانت تزخر بالمدافع والدبابات التي رسم عليها علم العراق الذي كانت تزينه كلمة الله أكبر،و أذكر أننا كلنا في ذلك الصف كنا متشابهين في الرسومات "مدافع ،طائرات…" وكانت دوما طائرات اليهود و الأمريكان هي التي تسقط،حين كبرت عرفت "أن طائرات العراق كلها كانت قد سقطت قبل أن أسقط"… كنا نغني أثناء عودتنا من المدارس "يا صدام اضرب كيماوي …خلي بوش يظله يماوي*" وظل بوش الى هذا اليوم يماوي …لكن مواءه ارتفع و أصبح عواء لكنه أبدا لن يكون زئيرا… سقط تمثال صدام ولم يسقط وحده بل سقطت معه أجياله التي كانت تهدر باسمه،نعم سقط كل الصداميون،ولا أخفي عليكم أن العدو ازداد شراسة بسقوطه… لكن أطفال اليوم أصبحوا مختلفين ،أظنهم يبلغون بسرعة أكبر مماكنا نحن…هم حتى لا يحملون همومنا ،هم يعرفون كثيرا عن الساقطات أكثر مما ينبغي،اختلفت الهموم ،وجاء جيل اخر لا يحمل هم أمة ولا هم وطن،جا جيل اخر "مسخ"،ليس بقرد وليس بشيء اخر ،تحركه الراقصات فهو يحفظ مقاسات أجسادهن، تماما كما كنت أحفظ علم العراق… أما أنا فسأظل أعيش يا وطني ،رغم الدمامل و الجراح وسأخبك مع قدوم الشتاء في معطفي الشتوي ،وأظل أحيك لك من رمش العيون ملابسا تقيك عيونا حاسدة… ويا أمتي المطعونة في الصميم سأظل أسقي بذرتكي حتى تصير غابة من رجال… ملاحظة:أخي كان يحب أن يصبح"سايق جرافة"،لست أدري لماذا؟؟؟ *يماوي:مأخوذة من مواء القطط.