حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4302

هل تسمعون إلى لغة الصمت

هل تسمعون إلى لغة الصمت

  هل تسمعون إلى لغة الصمت

22-04-2009 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

 

الإنسان بطبعه ثرثار ، يقضي جل وقته يتحدث في الهاتف أو العمل ، ونادرا في فترات السكوت ما تجده يملئ رأسه بما بالكلام المفيد ، أشعر دوما أن ما يدور في جلساتنا ما هو إلا كلام يعاد ويكرر ، قصص ماضية محفوظة تحليلات عابرة لا تملك من العمق الكثير ولا القليل .

لو تمعنا في كثير ما يقال لوجدناه استعراض لذات ، وكلام يدور فيه المتحدث حول نفسه ولن تجد صعوبة في تمييز أن هذا الكلام الاستعراضي لا ينطبق مع الذات وأفعالها ولا يترك لك المتحدث إن كان ذكرا أو أنثى مجالا للفضول ، فتراه يكشف عن بطولاته اليومية وقصصه الخاصة التي لا تفيد المستمعين أو تزيد لديهم شيء أمام اضطرارهم أن يستمعوا للحكواتي ودونكشيوت.

   في رأي الصمت له وقع خاص لا يكاد الكثيرون يتقنونه ولا أقصد الصمت المصطنع أو الاضطراري الذي لا يخفي وراءه أسرار العيون الناطقة او الحواجب المتفاعلة مع ما يدور .

الصمت لغة الروح والوجدان وله بلاغة جميلة   تكون   اقوى من حكم الكلمات والحروف . فمرات كثيرة تتوقف أمام عيون تكاد أن تبكي أو وجه أمرأة ملجومة بحزن منعها من الصراخ ومن المؤكد أن حرب غزة الاخيرة كانت الصورة هي التي تتحدث . فصورة واحدة توقفنا امامها أيام طويلة ونحن نتمعن فيما كانت تلك الصورة تترك للذكرى.

 وهذا سر من اسرار الله فالوردة دوما صامتة وهادئة ولكن قادرة على أن تنصع ألف قصيدة حتى لو كانت تفتقد للعطر .

الإنسان   ليس تلفازا أو كاسيت مسجل يفقد حواره إذا صمت ، فهو يستطيع ان يتكلم دون   ان يحرك شفتاه وان    يسمع دون ان يستخدم اذناه وان يرى بلا عيون ! وكيف لا ونحن نتكلم ونسمع ونرى ونركض في احلامنا .وهي صامتة لا تستطيع ان تحرك احيانا ما أغلقها من جفون .

 فالحروف والكلمات ليست سوى جزيئات مادية في عالمنا المادي واما عالمنا الداخلي في عقولنا وقلوبنا فلا يوجد بها سوى الشغف وسر ساكن لب الفؤاد كلما عجز اللسان عن نطقه كان وقعه اعظم .

لذا نصح أحد الحكماء   أن"كيف اجعل للحرف طريقا للتعبير عني وهو نفسه عاجز ان يخبر عن نفسه " .

وفي الصمت يأتي معدن الحب الصافي النقي ،فهو من   خصائص الروح والروح بنوعها نقيه طاهره الا اذا تدخلت فيها النفس الشريرة ، والحب في معناه الحقيقي هو ميول لهذه الروح النقية قبل ان يكون مائلا   للجسد .

الحب أحيانا يعشق التحدث بالصمت ويترك للعيون أن تنطق بلغة المشاعر ،   وعندما يصل الحب الى هذه الدرجة الصافية يسكت اللسان وتصبح لغة الحب الوحيدة هي الصمت ، فمثلا أنقى أنواع الحب الذي يمكن ان يختبره الانسان في حياته واكثرهم رقيا هو حب الام ،فنحن نحب امهاتنا ولكن من القليل قد نعبر لهن عن حبنا وهذا هو الحب الحقيقي حب الروح الذي يدوم الى الابد .

ولذلك احب الصمت وأفضله على الكلام . فالكلام ليس الا انفعال يكرر نفسه وخاصة كلام الحب فقد أصبح في هذه الأيام ليس الا ماركة مسجلة وأرخص البضائع الذي يختار منها الحبيب ما يريد فيقطنيه ولذلك فإنني لو استعرت هذه الكلمات لأعبر عن مشاعري لحبيب لكنت ثرثارة تتكلم عن مشاعر غيرها .

فكل ما اشعر به هنا يشع الدفء والسرور والبهجة الهادئة الصامتة في قلبي فهنا كل شيء بلا صوت ولا صورة وبلا شيء فقط مجرد شعور خاص ذاتي داخلي ابلغ .....

 والنفاق دوما تعلق بالكلام أما الصمت فكان سر داخلي يملك لنفسه تأجيل القرار أو مساحة أخرى للمواقف ، ما أحوج الكثير منا إلى أن يصمت .

 

  








طباعة
  • المشاهدات: 4302
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-04-2009 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم