07-05-2020 01:49 PM
سرايا - موسى العجارمة - قامة من قامات بلاد الرافدين رسخت اسمها بماء الذهب عبر أعمال درامية يرفع لها القبعة ويتفق معها القاصي والداني بأنها مسلسلات تحترم عقلية المشاهد في ظل تصدر المشاريع التجارية المحسوبة على الفن.
الفنان العراقي القدير محسن العلي صاحب المسيرة الحافلة يتحدث لـ"سرايا" بجرأته المعتادة وصراحته الواضحة عن أسباب تراجع الدراما العربية والعوامل التي يستند إليها في اختياراته الفنية عبر المقابلة التالية:
- ما هي العوامل والمعطيات التي يستند عليها محسن العلي لانتقاء أعماله عادة؟
منذ البداية وتحديداً مسيرتي الفنية وعندما وصلت لمرحلة الاختيار، أصبح لدي مبدأ أساسي وهو اختيار الشخصية التي تتناسب معي ضمن الموضوع المتوازي في الطرح الذي يرتقي بذائقة المشاهد والذوق العام، ويتطابق بالشكل والمضمون مع الهدف التربوي والأخلاقي والجمالي للمجتمع وشرائحه.
- على من يضع محسن العلي لومه اليوم في تراجع الدراما العربية؟
موضوع الدراما العربية موضوع شائك وواسع لاختلاف الوسائل والأهداف الإنتاجية وجهاتها وعناصر التنفيذ، والتوجيهات والكوادر الفنية.
وبشكل مؤكد أن الدراما التلفزيونية الآن يحسب لها حساب التسويق والمردود المالي في العملية الإنتاجية؛ لكون الأعمال الدرامية تنتج اليوم من قبل القطاع الخاص غالباً، وابتعدت الدول عن الإنتاج بشكل مباشر.
وهنا تكمن المشكلة الأولى عندما تحولت قنوات الدول بإعطاء تنفيذ الأعمال الدرامية للمنتج الخارجي وذهبت عين الرقيب الدرامي وجاءت عنوان المصلحة الذاتية الداخلية والخارجية، فتحول الفن إلى سلعة ودخلت به تفاصيل كثيرة فمثلاً إذا كانت الميزانية قليلة ومتواضعة سيقومون بإنتاج عمل متواضع، وإن كانت ميزانية العمل كبيرة جيدة ثرية سيتحول قسم من جهات الإنتاج التنفيذية لجلب عناصر العمل بالعلاقات الشخصية والمنفعات.
وسيدخل العمل بعد ذلك في نفق المزايدات في الأجور لتحقيق الفائدة المرجوة الحسابية فأحياناً تذهب معظم الميزانية لجيوب قسم من النجوم وليست للصورة أي الإنتاج. فيصبح المسلسل ضعيف الصورة و الثراء في الشكل.
وهناك أيضاً أعمال تكتب لنجم فيكون الموضوع خاصًا بائساً ما يعني أن الأحداث تذهب للشخصية وليس للموضوع العام، وعدا عن الأعمال التي لا تعكس الواقع، إنما تكون مقلدة بشكل مشوه للأعمال العالمية وبعيدة عن عالمنا وناهيك عن المواضيع الساذجة التي تسيء للمجتمع.
*هناك أعمال عربية متخلفة وساذجة
وهناك استخدامات مسيئة للمرأة في تقديم عروض من أجل غرض التسويق وبالتالي يتحول المسلسل إلى عرض أزياء واكسسوارات ومكياج بشكل عام، مما يؤدي إلى فقدان المصداقية والواقعية والابتعاد الكلي عن بناء أي شخصية، فنجد التبرج بالشخصيات النسائية وخصوصاً الشعبية.
وهذا المثال لغياب الرقيب الدرامي إضافة إلى أن معظم المواضيع هي خاصة وليست عامة تخص المجتمع إنما ظواهر خاصة جداً والحقيقة الموضوع طويل جداً.
إن الدراما لدينا في نسبة كبيرة منها متخلفة وساذجة والأعمال الجيدة قليلة جداً لاختفاء فرسانها.
- لو عاد بك الزمن وخيرت بين التمثيل وقطاع آخر، هل ستختار التمثيل ولماذا؟
أنا عملت ممثلاً ومخرجاً أكثر، ولو كنت أدرك في حينها أن الحركة الفنية ستصل إلى هذا الشكل المتناقض في مسمياتها وأهدافها والكم الهائل من الدخلاء عديمي الموهبة لما دخلت هذا المجال، لأني كنت أعتقد أن الفن بعد هذا العمر سيسموا في الطرح وستكون الجمالية والأهداف الإنسانية أعمق، ومع مرور الزمن وجدت هناك تراجعاً تاماً للحركة الفنية وفقدان المتعة والهدف. مؤسف واحتمال نظرتي قاتمة اعتذر.
*الصحافة كرمتني أكثر من التكريمات
- كان لك تصريح بعنوان أنا مجبور بتقبل أخطاء الآخرين تجاهي، لماذا قلت ذلك؟
الصحافة هي الأكسجين للفنان لأنها هي التي تحده في الطاقة بشكل دائم، وهي التي تعلم وتثقف وتوضح وهذا ما يحصل معي، وأنا شخصياً أهتم جداً في آراء المجال الصحفي، وأجده مؤشراً لي وجرس إنذار دائم ، عموماً الصحافة كرمتني كثيراً أكثر من كل التكريمات.
وأنا متصالح مع نفسي وواقعي جداً وأدرك أن الزمن يغير الإنسان والعلاقات والأولويات في الحياة تتأثر وآخرون يصمدون.
وفي مجتمعنا الفني هناك أنواع للغيرة و الحسد والمحبة والكره وسوء الفهم وجميع هذه العادات السيئة موجودة للأسف.
- هل هناك أشخاص أخطأوا بحق محسن العلي ؟
نعم هناك أشخاص أخطأوا ولا يوجد إنسان لم يخطئ أحد بحقه، وأنا يزعجني أن يخطئ بحقي الصديق، وهناك أصدقاء مع الأسف، وهناك ناكري الجميل والأخطاء معي في حياتي قليلة عموماً؛ لأن هناك دروساً في الحياة، ودائماً عليك أن تخرج من حياتك من يهون عليه زمن الصداقة ويضحي بها ومن لا يعرف قيمة مشاعرك، ومن يستمتع في إحباطك وتعكير مزاجك عليك فوراً إخراجه من حياتك.
*أعمال تاريخية الهدف منها تحريضي
- من خلال تجربتك في عالم الكتابة ما هو تقييمك للمسلسلات التاريخية التي قدمت بآخر 5 سنوات؟
من خلال البحث في التاريخ وتقديمه كمادة درامية في فيلم أو مسلسل: العمل التاريخي هو مشروع ثقافي وتنويري بالدرجة الأساسية ومغلفاً بالمتعة"، فنحن هنا في العمل التاريخي لا نقدم التاريخ بأحداثه المعاشة، إنما في الدراما نسير في ظل التاريخ للضرورة الدرامية؛ لتقديم حياة الناس في تلك الفترة التاريخية.
ومن خلال الفترة الماضية تم تقديم أعمال تاريخية مختلفة المواضيع والاتجاهات والأهداف والأجندات، ومنها من كان هدفه تحريضي كأعمال اتجهت بأهداف طائفية محفظة.
وأعمال تناولت سيرة شخصيات وكان الهدف منها إبراز العنصر النسائي للتسويق وكأننا كنا في عالم الجاريات. وعكس الواقع التاريخي على أن النساء كانوا لهم مواقف مشرفة ومحترمة، ومن الأعمال التي يراد منها إسقاط السياسي ومنها محاولة لإعادة كتابة التاريخ المصور الدرامي، وهذه كانت قليلة وأعمال تحولت لفنتازيا.
وعلى العموم الأعمال التاريخية في الدراما ليست مريحة، وفي الغالب يجب أن تنتج من دول. وهناك في مرحلة الأخيرة من هذه السنوات أعمال فاشلة وساذجه وأعمال ترتقي إلى مخيلتنا في مفهوم تاريخينا.
وعموماً لا أحد يهمه تاريخينا الآن لدى المحطات والمنتجين.
- هل العمل الإداري جعلك تبتعد قليلاً عن عملك كممثل ومخرج؟
نعم جعلني أبتعد كثيراً كممثل ومخرج وفني في الإنتاج رغم أني أعمل في نفس التخصص- التمثيل والإخراج الذي يحتاج إلى تفريغ كامل ووظن يصغي لك.
- ما هو أكثر عمل قدمته في مسيرتك الفنية وكانتا الأقرب على قلبك؟
معظم الأعمال التي قدمتها كانت قريبة إلى قلبي، ولأني أؤمن بالموضوع تمامًا.
ولكن هناك أعمال كانت موفقة وملكت المساحة في الحضور، وفي المسرح هناك مسرحيتين كانوا الأقرب على قلبي هم: (الجنة تفتح أبوابها متأخرة ومسرحية بيت وخمس بيبان).
وفي التلفزيون يتبقى دوري في مسلسل النسر ومسلسل عيون خالداً وفي مسلسل المدن الثلاث.
- أخبرنا عن مشاريعك القادمة؟
مشاريعي القادمة في المسرح : مسرحية حتى يرضى للكاتب فلاح شاكر وهناك عمل تاريخي درامي مهم للكاتب فيصل جواد.
- بعيداً عن الفن، محسن العلي إلى من يشتاق اليوم؟
كثر عندي الشوق حتى إني أضعت ما أشتاق إليه.
- كلمة أخيرة لمحبيك في الأردن عبر وكالة سرايا الإخبارية؟
في النهاية أنا أقول: وكالة سرايا تمتلك مهنية عالية جداً في متابعة كل ما هو جديد ومهم ومفيد.إنهم نبلاء في البحث والتقصي، والدليل تواصلوا مع الكثير وأنا واحد منهم.