07-03-2020 11:32 AM
سرايا - موسى العجارمة - قيمة فنية إنسانية، رهنت تاريخها في سبيل الإبداع الحقيقي البعيد عن الرتوش والتصنع، سعت بكامل امكانياتها على تقديم الفن بصورة تحترم وتقدر عقل المشاهد، مزجت ثقافتها وصراحتها على الشاشة دون كلل او ملل، قدمت محنى آخر في عالم الكوميديا وكانت رفيقاً حقيقياً للمشاهد لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن.
النجم السوري أيمن رضا يروي لـ"سرايا" بصراحته المعتادة ذكرياته الفنية، ويوضح الأسباب الحقيقية التي آلت لتراجع الدراما السورية، وسبب غيابه عن الشاشة وظهوره في الفترة الأخيرة بأدوار ثانية وثالثة عبر المقابلة التالية:
* نحن اليوم في مرحلة مشتعلة وجميع المسلسلات التي تقدم غير واقعية
- باعتبارك عايشت الدراما السورية منذ ثمانينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة، بماذا تخبرنا عن الدراما السورية خلال هذه المراحل؟
نحن خريجو معهد العالي للفنون المسرحية دخلنا المهنة ما بعد الجيل الأول، حملنا على عاتقنا أن نضع قواعد لهذه المهنة آنذاك، كان هناك تعاوناً وثيقاً بيننا، استطعنا حينها أن نصنع المخرج والممثل ونقدم أعمال هامة، لغاية دخول ما يسمى بمسلسلات التفصيل التي صممت لمحطات معينة وما أسهمت بابعاد الدراما السورية عن الخطة التي قمنا بتصميمها.
وعندما خضنا تجربة المسلسلات المنفصلة والمتصلة مثل: (سلسلة بقعة الضوء)، كان الفنان ياسر العظمة يعمل بهذا الأسلوب من قبل، ولكن نحن تعاملنا مع هذه النوعية من الأعمال بشكل كثيف وبصورة جديدة، وبقت الأمور بحالة جيدة لغاية دخول المنتج البعيد عن حالة الفنية والذي ليس له علاقة بالفن، ما أدى لبداية تدهور الدراما السورية بالتزامن مع مقاطعتها من بعض المحطات.
وأصبحت الدراما ذاهبة باتجاه آخر بعكس ما كانت عليه من واقعية التعبير عن المجتمع ومتطلباته، وكانت نتيجة هذه التداعيات شعور الإحباط الذي بات رفيقاً لفناني تلك المرحلة، ونحن اليوم بمرحلة مشتعلة وجميع المسلسلات التي تقدم غير قريبة من الواقع.
*ممثلو الدرجة الرابعة والخامسة يلعبون أدوارًا هامة في مرحلة الحروب
أ- أيمن رضا على من يضع اللوم حول تراجع الدراما السورية ؟
أضع اللوم ايضاً على السوشال ميديا التي تركت المتلقي أمام خيارات عديدة، التلفاز اليوم بات بحالة مخاض كحال مرحلة الانتقال من (الراديو) إلى (التلفاز)، ومرحلة الانتقال من (الأبيض والأسود) إلى مرحلة (الشاشة الملونة)، وتطور الدراما الغربية بشكل كبير ودخول مجموعة من التقنيات الجديدة إلى هذه المهنة ساهم بما وصلنا إليه اليوم، وأصبحنا عاجزين امام الجيل الجديد واكتفينا بمشاهدة الأعمال الامريكية والإسبانيا.
وهناك مئات الأسباب الأخرى التي أسهمت لهذه النتيجة لعل أهمها: دخول المنتج السيء إلى المهنة وتغول ممثلو الدرجة الرابعة والخامسة الذين يلعبون أدوارًا هامة في الحروب.
* يعد أيمن رضا من مؤسسي المسلسلات الكوميدية (المتصلة والمنفصلة)، وأبرزها السلسلة الشهيرة (بقعة الضوء) التي حققت نجاحاً منقطع النظير:
أ- ما سبب الانحدار الكبير الذي شهدته هذه السلسلة العريقة في أجزاءها الأخيرة؟
فكرة سلسلة بقعة الضوء كانت من الأساس لـ(أيمن رضا وباسم ياخور)، الخطأ الذي ارتكبناه حيال هذا المشروع: (التنازل عن الفكرة للجهة المنتجة التي اشترطت علينا ذلك في أول جزء)؛ مما أعاق عملية تطوير الفكرة؛ كونها أصبحت غير مملوكة لأصحابها الأساسيين، ولم نستطع السيطرة على هذا المشروع الذي أصبح بمثابة ماراثون بالنسبة للجهة المنتجة التي تقدمه سنوياً وفق مزاجها وليس بمزاجنا نحن.
ب- هل فكر أيمن رضا بطرح فكرة عمل كوميدي رديف لـ"بقعة الضوء" ؟
نعم هناك أفكارًا عديدة، إلا أن الوقت لا يسمح بتنفيذها؛ لأن بعض الدول العربية لا تستطيع أن تتحدث بشكل آخر عن الأحداث.
* أعمال البيئة الشامية لا تمت بالشام بصلة كانت
- كان لك تجارب مختلفة بالأعمال الشامية منها: (باب الحارة، حارة الطنابر، خاتون)، نجد حالياً المسلسل الشامي بنطاق تجاري بحت غير ملبي للطموحات، ما مأخذك حول ما يجرى؟
المسلسلات الشامية التي تقدم لا تمت بالشام بصلة كانت، ولا حتى للواقع، وما يعرض على الشاشة بهذا السياق كسوق للبنات لا أكثر ولا أقل، والممثلات يظهرن من خلاله بهيئة عارضات أزياء، والممثلين يشاركون بهذه الأعمال فقط من أجل المال.
ومن الواضح أن هناك حالة يأس حول إنتاج أعمال درامية حقيقية، والصيغ الإنتاجية والانهيار الذي يحدث بالعالم ساهم بهدم الدراما العربية؛ مما دفع المنتج إلى اللجوء لإنتاج أعمال مشتركة تضم نجوم من مختلف الجنسيات لإنتاج مسلسلات سياحية كحال بعض العواصم العربية التي تحولت من مناطق حقيقية إلى "علب كرتون".
- أيمن رضا فنان من الطراز الرفيع و متعدد للمواهب سواء بالتمثيل أو الغناء أو الكتابة، ولكن اتضح للمشاهد أن كريزما النجم غير متوفرة عنده، هل هذا جاء بشكل عفوي أم كنت متقصداً على ذلك ؟
لا بد التأكيد أن في الوطن العربي لا يوجد نجوم، وهذه الصيغة غير متوفرة على الإطلاق، وبوجهة نظري النجم ينبغي عليه أن يسطع نجمه على الأرض ويلمس ذلك المشاهد، وعندما يعحز على تحقيق هذه المعادلة هو لم يعد نجماً على الإطلاق.
وأنا من الممثلين الذين أجروا دراسة مؤخراً حول الممثلين الذين أصبحوا كوميديين واكتشفت أنهم انعزلوا عن المجتمع مما اصبحوا فاقدين للفكاهة؛ كون الكوميديا مرتبطة بالمجتمع، وهي قابلة للتطور أكثر بكثير من التراجيديا ولديها اختزالات ومفردات تظهر بشكل يومي، وبالنهاية الحب بين الجمهور والممثل هو من يصنع النجومية.
* مسألة انتقاء الممثل لم تعد مرتبطة وفق القدرات التمثيلية
- جاءت مشاركاتك الأخيرة بأدوار ثانية وثالثة وضيف شرف، وعدا عن المواسم التي سجلت غيابك بها، ما سبب ذلك؟
أنا اليوم أعمل بالمهنة كهاوي وليس بصيغة فنان محترف، وبعض مشاركاتي الصغيرة جاءت وفق تفاهم بيني وبين بعض المخرجين وعلاقة الصداقة التي كانت بيننا، ولكن أنا اليوم لا أعمل بهذا المنطلق أبداً، وعندما كنا في مرحلة الدراسة لم نتعلم مصطلح الدور الصغير أو الكبير، وأنا في الأعمال التي شاركت بها بأدوار ثانية وثالثة ظهرت بصورة منافسة للدور الأول.
وأصلاً اليوم لم تعد مسألة الانتقاء وفق القدرات التمثيلية إنما الخيارات باتت وفق متطلبات الصورة بمعنى: "هذا ممثل جميل وهذه ممثلة جميلة" ومودل يسحب البساط من مودل آخر والعكس .
- هل أيمن رضا غائب اليوم أم متغيب؟
لا أعلم أن كنت غائباً أو متغيباً؛ كون ما يعرض علي لا يلبي جزءاً من طموحي ولا يوازي حتى مرحلة عام 2005.
*لا أعلم أن كنت سأشارك مع باسم ياخور مجدداً
- هل من الممكن أن نراك مجدداً في عمل درامي مع زميلك الفنان باسم ياخور بعد خلافكما الأخير؟
لا أعلم أن كنت سأشارك مع باسم ياخور في مسلسل ما، وهذه المسألة تجزم وفق طبيعة العمل الدرامي المطروح.
- لو عاد بك الزمن هل ستشارك ببرنامجه أكلناها؟
لو عاد الزمن سأشارك في هذا البرنامج، لأني إنسان واضح وصريح ولا أخاف أحد، ومن يدق الباب فلا بد أن يسمع يومًا الجواب .
*ما هو اكثر مسلسل أو كركتر قمت بتقديمه وكان الأقرب على قلبك؟
أقرب مسلسل كان على قلبي، أبو ليلى كونه احتوى على حيز كبير من الارتجال مما مكنني من تشكيل الشخصية بمنتهى الأريحية.
- نختلف أو نتفق على أيمن رضا إلا أنه يتمتع بمحبة كبيرة من المشاهدين في مختلف الأقطار العربية، كيف تمكنت من تحقيق هذه المعادلة؟
المحبة من الله عز وجل، والممثل الذي يبادر جمهوره بمحبة كبيرة لابد أن يحصل على نتيجة مطابقة للشعور الذي قدمه لمحبيه، ولأني مفعماً بالحب استقبل شعور المحبة من الجمهور بكل سرور.
- أدليت بدلوك حول سبب استبعادك عن السلسلة الشهيرة (مرايا) في عدة لقاءات تلفزيونية، هناك جزءاً جديداً يحضر له الفنان ياسر العظمة لو تم دعوتك على المشاركة هل ستوافق؟
لا أعلم أن كنت سأشارك في مرايا أم لا، ولكن ياسر العظمة فنان كبير أعتز وأفخر به وليس لدي مشكلة معه وما قلته مسبقاً كانت حقيقة وأحببت أن أوضحها للمشاهد.
- أخبرنا عن جديدك ؟
ليس هناك مشاريع جديدة، اعتذرت عن ثلاثة أعمال مؤخراً لم تكن النصوص مناسبة ولا حتى الأجر المطروح.
- أيمن رضا إلى من مشتاق اليوم؟
مشتاق أن أرى العراق كما كانت في السبعينيات والثمانينيات، ومشتاق أن أرى دمشق كما كانت قبل، مشتاق أن أرى العالم كما كان بالسابق؛ لأن الأيام كانت أفضل بما عليها اليوم.
- كلمة اخيرة لوكالة سرايا الإخبارية؟
أشكر وكالة سرايا الإخبارية على الاستضافة، وشكر خاص للشعب الأردني الذي يحبني كثيراً، وأجد بيني وبينه كيماء عالية، ونتمنى أن نقدم مسلسلات للجمهور ذات مستوى عالٍ من الفائدة والإيجابية.