16-05-2019 04:24 AM
سرايا - تطغى الأجواء الروحانیة على أیام الشھر الفضیل، وتأتي الصدقة على رأس أعمال الخیر لأنھا تساعد المحتاج وتُشعره بأن ھنالك من یقف معھ ولا یتركھ وسط العوز والحاجة، لتؤكد أن التكافل المجتمعي والإحساس بالآخرین حاضر دوما مما.
وتُعد الصدقة في رمضان من أكثر صور الأعمال الخیریة التي یقوم بھا الناس لمساعدة أبناء
ُ المجتمع الواحد، لیكون رمضان في كل عام، ھو باكورة الخیر مضاعف الأجر، كما تشبھھ إیناس،
التي قامت بوضع میزانیة أسبوعیة للتصدق على العائلات المحتاجة التي تقطن بالقرب منھا.
وتحاول إیناس أن تزید من صدقاتھا خلال شھر رمضان، كونھا فرصة ذھبیة لمساعدة الآخرین،
وفي ذات الوقت لكي تكون عنصرا مؤثرا في مجتمعھا، مبینة أن الصدقة مھما كانت قیمتھا لھا
الأثر الإیجابي في النفوس.
أم زید تحرص خلال رمضان أن تتصدق بشكل شخصي ومباشر لبعض العائلات العفیفة لیكون
رمضان ”سعیداً“ علیھم وعلى أطفالھم الذین باتوا ینتظرون ما یقدمھ لھم أبناء المجتمع من صدقات،
لتكتمل صورة التكافل.
وتقول أم زید إن الصدقة التي تقدمھا ھي مبلغ مالي تخرجھ ”عن روح زوجھا“ الذي تُوفي قبل
بضع سنوات، وتحاول أن تزید منھا في رمضان، لمعرفتھا أن كل عمل خیر لھ وقعھ في النفس،
وأجر مضاعف، یعود على الإنسان بالراحة والسعادة.
وعلى الرغم من وجود العدید من الجمعیات الخیریة والمبادرات الجماعیة المنتشرة في كل
محافظات المملكة، إلا أن كثیرین یقومون بتقدیم المساعدة و“الصدقة“ بشكل مباشر، كونھم على
درایة بحال بعض العائلات العفیفة، وحالات أخرى قد تكون بحاجة للمساعدة ”الآنیة“، سواء طبیا
أو لطلاب العلم، وغیرھا من الأشكال.
لذا، یقوم الحاج أبو صلاح، برصد مبلغ مالي في كل عام، یحرص على توزیعھ في رمضان، دوناً
عن باقي أشھر السنة، ویقول الصدقة والمساعدة لھا وقع خاص في النفس بشھر الأجر والثواب
والعمل الإنساني.
ویتعاون أبو صلاح مع بعض الجمعیات التي توفر أسماء عائلات ھي الأشد عوزاً، یقوم بالتنسیق
معھم في توزیع ما رصده خلال رمضان، لتكون فرصة لھم بتوفیر احتیاجات المنزل، وشراء
كسوة العید، ومستلزمات یحتاجونھا.
والصدقة بالمعنى الشرعي ھي ”ما تعطى للمحتاج على وجھ التقرب إلى الله، ولھا كبیر الفضل على
الطرفین، خاصة إن كانت تمارس بشكل سري من قبل أبناء المجتمع، إذ تبث روح التعاون والإخاء
بین أفراد المجتمع وتزیل الحسد بین الناس.
اختصاصي الشریعة الإسلامیة الدكتور منذر زیتون یؤكد أن النبي علیھ الصلاة والسلام حث على
الصدقات في كل وقت، ولكن كان یعطي في رمضان ما لا یعطي في غیره، ووصفتھ السیدة
عائشة- رضي الله عنھا- بأنھ سخي وكان أجود ما یكون في رمضان، فالصدقة سنة وعمل صالح
في كل وقت وخاصة في رمضان لأن الحسنات تتضاعف بعشر أمثالھا.
وأشار زیتون إلى أن الناس في رمضان تكثر حاجاتھا، خاصة أن الوضع العام في المجتمع فیھ
عوز وحاجة وھم بحاجة لسد رمقھم، مبیناً إلى أن ھناك كثیر من العائلات تنتظر رمضان حتى
یدخل علیھم بعض الصدقات ویستطیعوا أن یسدوا حاجاتھم.
واستلھمت أم لیث فكرتھا في جمع ما تتبرع بھ شقیقاتھا من مبالغ مالیة خلال رمضان المبارك،
لتحولھا إلى صدقة لعدد من العائلات التي تتواصل معھا بشكل دائم وتتفقد أحوالھا، خاصة خلال
شھر رمضان، كون تلك العائلات تضم أطفالاً وأشخاصا من ذوي الإعاقة، ھم بحاجة إلى المساعدة
ٍ أكثر من أي وقت مضى.
وعلى الرغم من وجود جمیعات خیریة في منطقتھا تقدم المساعدات للكثیر من العائلات، إلا ان
ھناك أسر عفیفة لا تقبل، وتقول ”ما نقوم بھ ھو أمر اعتیادي ولو قام بھ كل فرد في مجتمعھ
الصغیر سیكون ھناك تقلیص لحجم الفقر والحاجة“.
ولأن الصدقة تأخذ أوجھا عدیدة، فإن الستیني أحمد عبد الرحمن، قرر وعائلتھ أن یقوموا بتجھیز
ّ وجبات طعام بشكل یومي لثلاث عائلات محتاجة تقطن بالحي الذي بجانبھم على مائدة الإفطار.
وبالرغم من أن الحالة المادیة للحاج أحمد لیست جیدة، إلا أنھ یشعر بسعادة وأثر ایجابي یعود علیھ
وعلى أبنائھ، إذ یكفیھ كما یقول أن یرى الفرحة بعیون صغار وكبار، أصبحوا ینتظرون ما سیدخل
بیتھم بكل یوم بالشھر الكریم.
وفي ذات النطاق، یبین زیتون أن امتناع الناس في رمضان عن الطعام والشراب یزید لدیھم
الشعور بالآخرین بجوعھم وعطشھم وحاجتھم، لذا یتولد شعور لدى الشخص بأنھ حین یتصدق
فكأنھ یقدم شیئا لنفسھ، مع الإشارة إلى ان الصدقة لا تشمل فقط المال أو المواد العینیة، فكل عمل
خیر ھو صدقة للإنسان حتى ”الابتسامة“ كما جاء في الحدیث الشریف.
وتتمیز الصدقة عن الزكاة، كما بین زیتون بأنھا تصلح لكل شيء، وتختلف عن الزكاة التي یتم
تحدیدھا بقدر معین، بینما الصدقة لھا میزة بأنھا لا تُحدد بكم ولا بنوع، وھي خیر لصاحبھا ولیس
فقط للفقیر والمحتاج.