20-12-2008 04:00 PM
كانت الساعة تقترب من موعد أذان المغرب ، يوم امس الاول ، الجمعة ، بكبسة زر ، كنت انتقل الى التلفزيون الاردني ، فاذا بعجوز شمطاء ، تغني وتتمايل ، كانت المطربة صباح ، بوجهها البلاستيكي ، لحظات مرت سمعت أذان المغرب ، في المسجد المجاور ، ولحظات مرت قطع البث التلفزيوني ، اغنية صباح ، وخرج علينا ليسمعنا كلام الله ، في الاذان ، وبعد انتهاء الاذان ، ودون ان نسمع دعاء او صلاة على النبي في الحد الادنى ، عاد البث التلفزيوني الى اغنية صباح ، دون احترام لاحد ، وكأن الاذان فاصل دعائي بين وصلتين للمطربة العجوز.
شعرت بضيق بالغ ، فقد وصلت الامور الى مرحلة ، لا يمكن تجاوز كثير من الملاحظات عليها ، واذا كان البعض لا يقبل اليوم ان تناقشه بتلفزيون شرعي ، ويصبح بث الغناء امرا عاديا ، وسط مئات قنوات الطرب والفرفشه ، الا انك لاتفهم كيف لايعرف المشرف على هذه الفترة ، ان الاذان ، اي أذان المغرب مقبل على الطريق ، وكان بامكانه ان لايجعل الاذان يتوسط الاغنية ، وكان بامكانه قبل الاذان بخمس دقائق ان يجعل هناك ، دعاء او برنامجا وثائقيا ، او اي شيء اخر ، لكنهم فضلوا استمرار الاغنية ، حتى رفع المؤذن صوته بأذان المغرب ، فقطعوا الاغنية ، وبثوا الاذان ، وكانت المصيبة انهم عادوا الى الاغنية ، وكأن شيئا لم يحدث ، وكأن الاذان وصلاة المغرب بلا قدسية ولاحرمة ، وكأنهم يخلطون الطرب بالاذان ، في مشهد لاتراه ، في اي مكان في العالم ، وفي مشهد يذكرني بشخص اصر على ان يخفف كاس الخمر بماء زمزم ، ذات يوم ، فاصيب بسرطان الكبد ، بعد حين ، بعد ان استنفد جالونا ، من ماء زمزم وصله كهدية له ، في خلطه بالخمر ، لتخفيف مفعول الخمر ، وفي تحد واضح لله.
لا مشكلة بيننا وبين ادارة التلفزيون ، ولا الادارة العامة لمؤسسة الاذاعة والتلفزيون ، ولا نكايات شخصية ، ولا حسابات ، فهذا شأن الذين يبتزون الادارات لقضايا شخصية ، والعياذ بالله ، لكن ليقل لنا المسؤولون كيف يمكن فهم هذا المشهد وهذه التصرفات ، سوى انها استخفاف بمشاعر الناس ، وكيف يمكن ان نتفهم البث المزاجي للاذان ، فيحضر تارة ويغيب تارة ، وكيف يمكن ان نتفهم هذه الممارسات المشوهة في بلد مسلم وشرعيته دينية ، ألم يكن ممكنا ، احتراما للناس ، جعل فترة الخمس دقائق قبل الاذان فترة دينية للتسبيحات ولذكر الاحاديث او تفسير القران ، وهل نبخل بخمس وعشرين دقيقة يوميا ، اي خمس دقائق قبل كل صلاة ، من الصلوات الخمس ، طوال يوم كامل ، مدة بثه اربع وعشرون ساعة ، من اجل الناس ودينهم ، ثم اذا كان هذا الخط غير مطلوبا ، فليقل لنا البعض هذا الامر بصراحة ، بدلا من "اللف والدوران" وبدلا من هذه الافعال التي لا يقبلها احد ، فقد عشنا حتى رأينا صباح تغني قبل الاذان وبعده ، ويأتي الاذان في المنتصف ، يتيما حزينا.
من جهة اخرى ، ولأن الشيء بالشيء يذكر ، نسأل الجهات الرسمية عن مدة البرامج الدينية في التلفزيون الاردني ، وقد كانت مدتها قليلة جدا تاريخيا ، وفي احسن الاحوال برنامج للفتاوى ، يهد الحيل ، جراء جموده وانجماده ، ولانرى محاولات لتجديد الخطاب الديني والتنوير وخلق ثقافة دينية متنورة ، ولاشد الناس الى دينهم بطريقة عصرية ، وكل مانراه ، كما اسلفت برامج للفتاوى المعلبة والجاهزة لقضايا تبدأ بحقوق الورثة وتصل الى حق الرجل في ضرب امرأته ، والاختلافات حول مستوى الضربة المسموح بها ، من جانب الزوج ضد الزوجة ، وهكذا لانجد اي دور في هذا الاطار ، ولا.. اي ممارسة راشدة في هذا المستوى ، ونحن نعرف ان التلفزيون تاريخيا ، وليس في هذا العهد وحسب ، خرج من المنافسة ، ولم يحافظ حتى على جمهوره في الاطراف... بعد ان سيطرت الصحون اللاقطة على كل بيت.
غريب هو امر اعلامنا الرسمي ، غريب جدا ، فهو في واد والعالم في واد اخر ، وهو اعلام مكلف غارق في الديون ، لا ابداع فيه ولا رؤية ، وهرب منه كل المبدعين ، والبقية ينتظرون ومابدلوا تبديلا ، واذا كان التلفزيون تحول الى تحفة اثرية ، في عهود متتالية ، فعليه ايضا ، ان لا يسبب القهر لنا ، فوق القهر الذي فينا ، فيخرج علينا قبل الاذان بدقائق بعجوز شمطاء ، ثم تسكت ليخرج علينا صوت المؤذن ، ثم تكمل صباح وصلتها ، وكأن الجمهور مصاب بانفصام الشخصية ، او يراد له ان يصاب بهذا الانفصام ، جراء الخلط بين ظروف كهذه ، وجراء كسر هيبة الاذان وحرمته ، جهارا نهارا. ودون ان ندخل في خانة الذين يتصيدون الاخطاء لاحد ، فمن الواجب ان يتوقف التلفزيون عن هذه السياسة ، وان يتوقف هذا التمادي ، وان يحاسب من كان مسؤولا عن هذا المشهد ، وعن أي خطأ.
فعلا... عشنا وشفنا.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-12-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |