حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,29 مارس, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 17409

تقرير حالة البلاد فخامة الاسم وحدها لا تكفي

تقرير حالة البلاد فخامة الاسم وحدها لا تكفي

تقرير حالة البلاد فخامة الاسم وحدها لا تكفي

26-12-2018 09:42 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عادل إسماعيل بصبوص
ما كنت أود أن أكتب مجددا عن قطاع الإسكان وقد أشبعته بحثا وتحليلا في العديد من المقالات كان آخرها قبل يومين إثنين، إلا أن الإعلان عن إصدار "تقرير حالة البلاد" من قبل المجلس الإقتصادي الإجتماعي الذي يقوده الناشط والمثقف والأكاديمي د. مصطفى حمارنه، وما تضمنه عن هذا القطاع، قد دفعني بل إضطرني مجددا لمعاودة الحديث عن الموضوع، وذلك من باب أن الضرورات قد تبيح "المحظورات" أحيانا.
يمثل د. حمارنه حالة مختلفة بحماسه وإندفاعه لا بل وجرأته في طرح وتناول القضايا المختلفة مما أوجد له خصوما ومنتقدين أكثر بكثير من الأصدقاء والمريدين، يتهمه كثيرون بأنه يقود "حكومة ظل" تتبنى توجهات لا تحظى برضا وقبول كبير من الطبقة المحافظة التي أدارت البلاد سنين طوال.
جاء الإعلان عن إشهار التقرير بصورة أضفت عليه الكثير من الأهمية، وأنه يمثل "وجهة نظر أخرى" (Second Opinion) وخلاصة جهد كبير وعمل دؤوب للمئات من الخبراء والمختصين على مدى عام كامل، وفق منهجية علمية حيث تم "تحكيم" أجزاء التقرير المتعددة، ضماناً لجودة المضمون والمحتوى، وقد شمل التقرير الذي يتكون من1590 صفحة تقارير قطاعية لكافة المحاور الإقتصادية والإجتماعية، ويتضمن التقرير القطاعي تشخيصا وتحليلا للواقع والتحديات ثم ينتهي بتوصيات محددة لتطوير ذلك القطاع والنهوض به، وبالتالي لم يعد للحكومة "حجة" بأنها تعمل وتجتهد وحيدة بمفردها، فقد جاء أخيرا من يعينها ويساعدها دون تفضل ولا منة...!!!
لأن التقرير طويل جدا وتحتاج قراءته إلى الكثير من الوقت، فقد سارعت لتصفح الجزء المتعلق بالقطاع الذي عملت به سنين طوال، فوجئت بل صعقت لأكتشف أن إجمالي تقرير قطاع الإسكان لا يتجاوز ثمانية صفحات فقط (صفحة منها تبين الجهات العاملة في القطاع والتشريعات الناظمة له) من أصل حوالي ألف وستمائة صفحة، يعني عمليا سبع صفحات لقطاع إن توقف أو تعثر تتوقف مصانع الإسمنت والحديد والخرسانة الجاهزة والدهان والأسلاك الكهربائية والمواسير المعدنية والإسمنتية ومعامل الطوب والبلاط ومقالع ومناشير الحجر والرخام والحصمة وتتعطل آليات وجرافات الحفر والقلابات، وورش النجارة والحدادة والألمنيوم والجبصين والديكور والزجاج وغيرها، والمئات من محال مواد البناء والمستوردين والتجار والآلاف من العمال والفنيين والمهندسين..... وتقلص المصارف والبنوك أعمالها.
قطاع فيه يضع الأردنيون ثرواتهم المتواضعة مع تعب العمر وشقاء الغربة، من خلال مسكن يمتلكونه يقيهم برد الشتاء وحر الصيف، هو مشروع الأردني الأول والأهم، هو حصته من الوطن، لأجله تؤجل مشاريع العشق والخطبة والزواج ..... ولا يحظى إلا بصفحات سبع من مئات الصفحات...
قطاع يمثل الكنز ومنجم الذهب للخزينة فكل دينار ينفق عليه، حصة "بيت المال" منه مضمونة ولا تقل عن الربع .... ضرائب ورسوم وعوائد مختلفة، وتخصص لمشاكله وهمومه وإنجازاته والتوصيات اللازمة لتطوره بضع صفحات فقط.
قد يقول قائل "هون عليك يا رجل الموضوع لا يقاس بالشبر ... المهم المضمون"، نذهب للمضمون والمحتوى لتزداد الصدمة وتتعمق، لا مضمون على الإطلاق.... أكثر من نصف الصفحات نسخت من قانون مؤسسة الاسكان وخطتها الإستراتيجية، المؤسسة التي أضحت عملياً خارج القطاع بدليل أن التقرير نفسه يقر أن 99% من المساكن ينتجها القطاع الخاص المنظم والأفراد، وأن المؤسسة لم تنفذ من خطتها لعام 2017 إلا الجزء اليسير، أين تحليل مشاكل القطاع المزمنة منذ عقود، ماذا عن المادة والسلعة الاساسية في القطاع وهي الارض والتي تضاعفت اسعارها عشرات إن لم يكن مئات المرات، ماذا عن الأسر الفقيرة التي تلاشت أحلامها بالحصول على سكن ملائم، ماذا عن التمويل الإسكاني ومشاكله، أين قضايا الإسكان الرئيسية الأخرى من تشريعات وتقنيات بناء وقطاع تأجير وإطار مؤسسي وشراكة مع القطاع الخاص وغير ذلك الكثير، ماذا عن التراجع المستمر في نشاط القطاع منذ عام 2015 وحتى الآن بدلالة الإنخفاض الحاد في حجم التداول العقاري وفي مساحات رخص الابنية .... الأمر الذي ينذر بكارثة إقتصادية حقيقية في حال إستمراره، أين تحليل مؤشرات القطاع الكمية والنوعية...، أما الطامة الكبرى فتتمثل بالتوصيات التي ستحل مشاكل القطاع وتعيد إليه الألق والنشاط .... كلام مجزوء يعاد تدويره .... وصياغة عامة من أوراق ودراسات قديمة ..... هل من صاغ الصفحات السبع يعيش فعلا في الاردن .... هل هذه مخرجات مقبولة لخبراء أمضوا سنة كاملة في البحث والتحليل...؟؟؟
إن المقلق في الموضوع برمته ليس المعالجة الهزيلة والسطحية للقطاع وقضاياه في التقرير، فلم نكن نتوقع الكثير من التقرير في هذا المجال فمشاكل القطاع معروفة ومحددة منذ عقود، وإنما التساؤل الكبير الذي يبرز أمامنا ومفاده..... إذا كانت المنهجية والجهد الذي صرف على قطاع الإسكان في هذا التقرير هو نفسه الذي طبق على القطاعات الأخرى من التقرير، عندها يحق لنا أن نتساءل جميعا عن القيمة الفعلية لهذا التقرير...... قياسا بالهالة الكبيرة التي أسبغوها عليه.



لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 17409
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم