29-10-2018 10:52 AM
سرايا -
كتب ماهر ابو طير - استطاع رئيس الوزراء في الشهور الأولى، من حكومته، تحقيق شعبية لابأس بها، وبكل تلقائية كانت مكانته تتأسس على اقتراب طبيعي من الناس، وهي شعبية كانت تساعد الحكومة، عموما، بحيث كان الرئيس يبدو بصورة الذي يحمل كل الحكومة على كتفيه.
لم يكن الرئيس يصنع صورته بطريقة زائفة، وقد كان هنا يحقق اكثر من هدف، أولها ترميم سمعة رؤساء الحكومات، واسترداد الثقة بالمسؤولين ولو بشكل جزئي، إضافة الى ان الشعبية هنا، وسيلة حكم، يتم تسييلها في الازمات، وخصوصا، ماقبل العودة الى تعديلات ضريبة الدخل، من اجل تخفيف الحملات، سواء الطبيعية، او تلك المسيسة لغايات مختلفة.
لكن الازمات لاتترك أي حكومة، اذ سرعان مادخلت تعديلات ضريبة الدخل على الخط، وقد شهدنا الرسائل الغاضبة في المحافظات بحق الوزراء، وكانت الرسالة الحكومية القائلة ان الضريبة لاتستهدف الا عددا قليلا من الأردنيين ضمن دخول محددة، رسالة هشة، لان الكل يدرك ان المستهدفين بالضريبة، سيعوضون خسائرهم من كل المواطنين عبر رفع أسعار خدماتهم، وكانت تلك المحطة الأولى في التأثير السلبي على شعبية الحكومة، وماحققه الرئيس في شهوره الأولى.
جاءت المحطة الثانية تلك المرتبطة بالتعديل الوزاري، وكثرة التمهيد لوجود معايير لتقييم أداء الوزراء، وكانت المآخذ تتعلق ،لاحقا، باكتشاف كثرة، ان وزراء لايعملون بقوا في مناصبهم، فيما تم اخراج وزراء اكفاء، دون سبب، فجاء التعديل الوزاري الأول،مثيرا للتساؤلات، حول فائدته، اذ لم يكن مقنعا الى حد كبير، وبدلا من ان يتسبب بدعم بنية الحكومة، ترك اثره على شعبيتها، التي تأسست أساسا بجهد شخصي من الرئيس ذاته، في ظل أداء الوزراء.
اما المحطة الثالثة فكانت فاجعة البحر الميت، وتخبط الوزراء في التصريحات، والارتباك، والتراشق بالاتهامات، والاحساس العام، بالبحث عن ضحايا اضعف لتحميلهم كل المسؤولية، وحصر القضية بالجانب الفني، والقفز عن المسؤولية السياسية والأخلاقية، في هكذا حوادث.
فاجعة البحر الميت، لم تكن سهلة، بل تسببت بموجتي هجوم كبيرتين على الحكومة، الأولى من الرأي العام، والثانية لغايات التوظيف السياسي، فاختلطت الدوافع، في ظل المشهد المؤلم، هذا فوق ان رئيس الحكومة امام المشهد، لم يكن قادرا على ان يواصل حمل الوزراء، وتبرير أي نقاط ضعف، فتسببوا باحراجات شديدة له، اقلها توريطه في التغريدة على حسابه في التويتر التي اتهمت المدرسة بتغيير موقع الرحلة، وتقديم معلومات مضللة له، دون التأكد من كل الملف، وكأن المشكلة كانت فقط، في موقع الرحلة، وقد كانت كل البلد، يومها، تحت وطأة ظرف جوي سيء.
مايمكن قوله هنا، ان مجمل أداء الوزراء، قبل التعديل وبعده، سلب الحكومة شعبيتها، وكل الرصيد الذي جمعه الرئيس كان يتم تبديده على يد آخرين في حكومته، ولعلنا نسأل بكل هدوء عن الكيفية التي ستدير بها الحكومة ملفات مقبلة حساسة، مثل تعديلات ضريبة الدخل، التي ستثير عاصفة من ردود الفعل، من جانب مجتمع يمر بحالة غضب وتوتر وتشنج، بسبب فاجعة البحر الميت، وفي ظل سلب الحكومة شعبيتها ورصيدها الذي جمعه د .عمر الرزاز طوال شهور.
يبقى السؤال: كيف ستتمكن الحكومة ورصيدها بهذه الحالة، من تمرير تعديلات قانون ضريبة الدخل، وقد نجح بعض الذين حول الرئيس وحواليه، من سلبه رصيده، وحرق عمر الحكومة، بهذه السرعة؟!.