16-10-2018 12:32 AM
سرايا - حالة من الفرح إنتابت مريم (اسم مستعار) بعد دخول تعديلات قانون التقاعد المدني حيز التطبيق ، ذلك ان سنوات خدمتها العشرين في وظيفتها الحكومية لن تذهب هباءً.
فهي ضمنت أن أبناءها سيستفيدون من راتبها التقاعدي في حال وفاتها ليعيشوا حياة كريمة، خصوصا أنها تعاني من مرض عضال, فراتب زوجها التقاعدي وحده لن يكفي مصاريف العائلة.
الخمسينية هناء فخري « اسم مستعار» نذرت نفسها للعناية بوالدتها التي ليس لها معيل غيرها،فلم يقدر لها أن تتزوج ،فقد اكتشفت قبل أشهر قليلة إصابتها بمرض السرطان الذي تفشى في جسدها ولم يبق لديها سوى أشهر قليلة لتعيشها وفق ما قاله الأطباء،لم تحمل هم المرض لكن كان جل خوفها على والدتها «فمن سينفق عليها ويعتني بها من بعدي»، لكن بعد التعديل الجديد للقانون أحست هناء ببعض الراحة «فمعاشي التقاعدي سيؤمن لها حياة كريمة من بعدي».
حال مريم وهناء كحال العديد من النساء اللاتي بذلن سنوات من عمرهن في الوظيفة وهن يعملن بجانب أزواجهن لتأمين حياة كريمة لأطفالهن. وفي التعديل الجديد للقانون في عدة مواد شعرت هؤلاء النساء ببعض الإنصاف.
«التعديل الابرز »
المادة 14 يلغى نص المادة (31) من القانون الأصلي ويستعاض بالنص التالي:المادة 31 يعتبر الأشخاص الآتي ذكرهم أفراد عائلة الموظف أو المتقاعد المتوفى الذين لهم الحق في راتب التقاعد أو المكافأة أو المكافأة بموجب أحكام القانون (أ. الزوج / الزوجة أو الزوجات،ب. الأبناء الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من عمرهم،ج. البنات غير المتزوجات أو الأرامل أو المطلقات ،د. الأم والأب).
وفي هذا السياق ترى الخبيرة في حقوق الإنسان المحامية رحاب قدومي أن التعديلات الجديدة أنصفت المرأة بشكل كبير وبخاصة فيما يتعلق توريث الراتب التقاعدي.
وتؤكد أن إقرار التعديل «خطوة ايجابية تدل على مدى اهتمام المملكة بالإصلاح التشريعي «. ووفق القدومي «توريث الزوج لراتب زوجته هو حق من حقوقه كما الزوجة من حقها أن ترث زوجها فلماذا نحرمه من هذا الحق طالما ندعو للعدل بالحقوق بين الجنسين».
وفي ذات السياق ترى المستشارة القانونية للّجنة الوطنية لحقوق المرأة آمال حدادين بأن التعديلات الجديدة عززت حقوق المرأة،لافتة في الوقت ذاته الى أن ما يؤخذ على القانون السابق وجود مواد تنطبق على فئات معينة من المجتمع؛ فالمرأة العسكرية مثلا تطبق عليها تشريعات تختلف عن المطبقة على المرأة في القطاع العام..
وتشير الى ان قانون التقاعد العسكري، عدل في العام 2015 حيث ساوى، في معظم مواده تقريبا، بين المرأة والرجل العسكريين ،مبينة أن تعديل القانون حقق العدالة للمرأة الموظفة في المواد التي طالها التعديل، إذ كان في السابق انتقال راتب تقاعد المرأة في حالة وفاتها إلى مستحقيه «مشروط» بأن يثبت احتياجهم، وإذا كانت الموظفة مسؤولة مباشرة عن إعالتهم.
غير أن حدادين تلفت الى ان القانون الجديد «لم يعد يميز ولا يشترط الإعالة» وكان تعريف القانون سابقا يشمل الرجل فقط لكن بعد التعديل أصبح تعريف الورثة «عائلة الموظف وعائلة الموظفة».
«إيجابيات التعديل على الأسرة والمجتمع»
وترى القدومي أن للتعديل الخاص بتوريث الزوج الراتب التقاعدي لزوجته وغير المشروط به ايجابيات عديدة.. فتوريث الزوج لراتب زوجته ينعكس إيجابا على وضع الأسرة واستقرارها وبخاصة إذا كان الأبناء ما يزالون على مقاعد الدراسة فتوريث الزوج لراتب زوجته يساعده بالإنفاق على أبنائهم وعلى إكمال دراستهم وبخاصة إذا كان وضعه المادي سيئا ويحتاج لمن يدعمه بالإنفاق عليهم وتلبية احتياجاتهم..
وتنبه القدومي إلى أنه عندما يستطيع الزوج تلبية حاجات أولاده وأسرته «تخف نسبة التسول والانحراف الناتجين عن سوء الوضع المالي الذي يدفعهم للتسرب من المدارس وحرمانهم من التعليم.. ليتحولوا إما إلى التسول أو عمالة الأطفال بما تحويه من استغلال.
وترى رئيسة الإتحاد النسائي الأردني العام ميسون تليلان أن أثر تطبيق القانون على الأسرة والمجتمع يتجلى من خلال المكاسب المادية التي تتحقق لمستحقي الراتب من حيث تأمين دخل مادي لهم وبخاصة إذا كان هؤلاء المستحقين أطفالا دون سن التكسب.
وهو، في نظرها، ينعكس ايجابا على المجتمع بحيث تخف نسبة رفد المجتمع بأطفال جانحين بسبب العجز المادي للأسرة الى الشوارع, كما يدعم وضع الأسرة اقتصاديا ويجعلها قادرة على تقديم أشخاص أسوياء للمجتمع.
«تأثير التعديلات على مشاركة المرأة في سوق العمل»
وبحسب حدادين « هناك مواد في القانون طاردة للمرأة من سوق العمل وفي كل مرة يتم تجديد القانون وتحسينه وتعدل المواد التي تميز ضد المرأة وتكون مجحفة بحقها».
وترى ان هذه التعديلات الجديدة، ستعزز» مشاركة المرأة الاقتصادية؛ لأنها «لن تشعر بأن القوانين مجحفة في حقها»، مشيرىة في هذا الصدد الى ان نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل بلغت (13,8 بالمئة)، وهي الأقل على مستوى المنطقة.
ووفق تليلان فإن استفادة أبناء المتقاعدة يدعم بشكل كبير استمرارية حضور المرأة بسوق العمل، إذ يمنحها الشعور بقدرتها على العطاء بصفتها الشريك الفعال في المجتمع،الامر الذي يحفز فيها شعور العطاء الذي يؤدي بها إلى الاستمرارية في العمل والمساهمة في البناء والنهوض».
وترى ان القانون سيوجد أسرة قوية اقتصاديا، إن لم تكن كذلك، فعلى أقل تقدير «يوجِد أسرة مقتدرة اقتصاديا, كما يشعرها وأفراد أسرتها بالأمان.
وتؤكد تليلان أن هذا التعديل «يعزز من شعور المرأة بدورها الفاعل في الاقتصاد ويجعلها شريكا رئيسيا في إدارة عجلة الاقتصاد والشعور بالطمأنينة وعدم الخوف من ضياع الحقوق، ما يفعِّل دور المرأة العاملة لتكون على سوية عالية».
الرأي