سرايا -
سرايا -
أكد الدكتور عمر الرزاز مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي على أهمية برامج الضمان الاجتماعي وعلى ضرورة توجيهها ضمن خطط إصلاحية متوسطة وطويلة المدى تعمل على تعزيز فرص الحماية الاجتماعية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي مقبولة في المجتمع مما ينعكس بالتالي على الناس والمجتمع بالخير والاستقرار من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية .. وقال خلال لقائه مع رؤساء تحرير الصحف الأسبوعية أن مؤسسة الضمان الاجتماعي تسعى إلى شمول كل القوى العاملة الوطنية بمظلة الضمان الاجتماعي، من أجل توفير سبل الحماية اللازمة للإنسان العامل وأفراد أسرته، بما يكفل توفير الحياة الكريمة لكل أبناء المجتمع.. وأضاف الرزاز بأن مشروع قانون الضمان الاجتماعي الجديد الذي تقدمت به المؤسسة جاء لتحقيق عدد من الأهداف الرئيسة، يأتي في مقدمتها تعزيز الحماية التي تقدمها المؤسسة للمشتركين والمتقاعدين، وبخاصة من خلال ربط الراتب التقاعدي لمتقاعدي الضمان بارتفاع التكلفة المعيشية (التضخم) وذلك من أجل حماية الرواتب التقاعدية من التآكل في ظل ارتفاع كلفة المعيشة.. والتوسع في تطبيق تأمينات جديدة مثل تأمين الأمومة وتأمين التعطل عن العمل والتأمين الصحي.. كما أن مشروع القانون الجديد أخذ باعتباره دعم مبدأ العدالة الاجتماعية بين أفراد الجيل الواحد ووفي الوقت ذاته راعى أهم نقطة وهي ضمان استدامة هذه العدالة من خلال توفير الحماية الاجتماعية التي تؤمّنها نظم الضمان للأجيال المتعاقبة، وهو هدف كبير راعى المشروع الجديد تحقيقه من خلال وضع سقف للراتب الخاضع للضمان، إضافة إلى تعديل معادلة حسبة الراتب التقاعدي لصالح تقاعد الشيخوخة مع مراعاة أصحاب الدخول المتوسطة والمتدنية.. وأضاف مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي بأن اقتراح مشروع القانون الجديد لم يأت من فراغ بل جاء من منطلق المسؤولية الاجتماعية التي تضطلع بها المؤسسة، وفي ضوء ما تكشفت عنه التجربة من ثغرات في النظام التأميني، كان لا بد معه من معالجتها بالسرعة الممكنة من أجل ضمان استمرارية عمل المؤسسة وضمان استمرار قدرتها على توفير الحماية والحياة الكريمة لمشتركيها عندما تنتهي خدماتهم ويحالون على التقاعد، أو في الحالات التي يتعرضون فيها لأخطار العجز أو الوفاة أو غيرها. وقال بأن من أهم الاختلالات التأمينية وأكثرها خطورة على نظام الضمان، واستنزافاً لأمواله، حسب ما كشفت الدراسات هو التقاعد المبكر.. الذي وصل في الأردن إلى درجة أصبح فيها قاعدة وليس استثناء، حيث أن القانون الحالي لم يضع من الضوابط الكافية للحد من هذه الظاهرة، نظراً لسهولة شروط استحقاق راتب التقاعد المبكر.. وهو أمر يهدد مستقبل الضمان دون شك، ويضر بالاقتصاد وبالمسيرة التنموية في البلاد، خصوصاً إذا عرفنا أن نسبة المتقاعدين من الضمان تقاعداً مبكراً وصلت إلى حوالي (73%) من مجموع المتقاعدين سنوياً وهو ما يشكل عقبة وثغرة تمس بأهم مرتكزات الضمان الاجتماعي وهو عنصر الديمومة والاستمرار..؟؟ ونوه إلى ان التقاعد المبكر اثر سلباً على سوق العمل وأدى إلى نشوء افواج من العاطلين عن العمل في أوج عطائهم وخبراتهم مشيرا إلى ان مشكلة التقاعد المبكر كخطر رئيسي أشارت إليها بالإضافة إلى الدراسات الاكتوارية لجنة الأجندة الوطنية وهيئة شباب كلنا الأردن . واشار الرزاز الى أن الدراسة الاكتوارية الأخيرة للضمان دقّت ناقوس الخطر إذا ما استمر النظام التأميني القائم دون تعديل أو تطوير، حيث أبرزت الدراسة نقاط التعادل الثلاث التالية: 1) بحلول عام 2017م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية مع النفقات التأمينية. 2) بحلول عام 2028م سوف تتساوى الإيرادات التأمينية وعوائد الاستثمار مع النفقات التأمينية، ما تضطر معه المؤسسة إلى البدء بتسييل موجوداتها وأصولها للوفاء بالتزاماتها التأمينية. 3) مع حلول عام 2038م سوف تنفذ أموال الصندوق، وستبدأ بعدها مرحلة العجز التراكمي وهو ما سيضع الضمان الاجتماعي والوطن أمام وضع صعب للغاية لا قدر الله ، وبالتالي ضرورة انجاز القانون . واشار ان المؤسسة درست عدة بدائل لإصلاح النظام التأميني ولمعالجة الثغرات الكثيرة في القانون النافذ لتفادي مرحلة العجز عن الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه الجيل الحالي والأجيال القادمة فتم دراسة عدة بدائل يتمثل البديل الأول في اقتصار التعديلات على المشتركين الجدد وتبين أن هذا الخيار ليس كافياً لتمكين المؤسسة من الوفاء بالتزاماتها خلال السنوات المقبلة حيث لن يظهر أثره الايجابي الا بعد (30) سنة أي بعد استنزاف أموال الضمان والبديل الثاني يتمثل في زيادة نسب الاشتراكات المترتبة على العمال وأصحاب العمل مع الحفاظ على منافع التقاعد المبكر كما هي في القانون الحالي وقد بينت الدراسة الاكتوارية أن سد العجز يتطلب زيادة الاشتراكات لتصل بمجموعها الى نحو (27%) من إجمالي أجور المؤمن عليهم بدلاً من (16.5%) حالياً دون احتساب كلفة إضافة أي تأمين جديد وهذا الخيار تم رفضه لتاثيرة السلبي على سوق العمل . والبديل الذي تبنته المؤسسة يتمثل بتعديل معايير وأسس التقاعد لصالح تقاعد الشيخوخة والرواتب المتوسطة والمتدنية والتدرج بتعديل الحد الأدنى لسن التقاعد ومدة الإشتراك ومعامل المنفعة. علماً بأن مشروع القانون أستثنى جميع من يستوفي شروط التقاعد المبكر (سن 45 ومدة الاشتراك 18 سنة للرجل و15سنة للمرأة) قبل نهاية العام الجاري باستمرار تطبيق القانون الحالي رقم (19) لسنة 2001 عليهم فيما يتعلق براتب التقاعد المبكر أو راتب الشيخوخة بغض النظر عن تقاعدهم أو استمرارهم بالعمل بعد نفاذ القانون الجديد. وأكد الرزاز ان مشروع القانون لن يمس بأي شكل من الاشكال استحقاق راتب التقاعد فيما يتعلق بمعامل المنفعة لمن تقل أجورهم الخاضعة للضمان عن (1500) دينار مضيفا ان الغالبية العظمى من مشتركي الضمان والمتقاعدين الحاليين الذين يكملون الشيخوخة سيستفيدون من مشروع القانون لان (95%) من مشتركي الضمان تقل رواتبهم عن (500) دينار و(75%) من المتقاعدين رواتبهم تقل عن (200) دينار علاوة على ربط هذه الرواتب بغلاء المعيشة لضمان عدم تاكلها . وأضاف الرزاز ان ما نحاول تكريسه هو الضمان الاجتماعي للشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل والتأمينات الأخرى وهو من أهم واجبات الضمان الاجتماعي في اي بلد في العالم وهي الرسالة التي ينبغي ان يكرسها الضمان الاجتماعي لكن للأسف في الفترة الأخيرة انقلب هذا المفهوم وصار التركيز على التقاعد عند سن (45) سنة مما اضرَ بمفهوم الضمان التكافلي والعدالة الاجتماعية . وأوضح الرزاز ان دور الاستثمار هو دور تكميلي لاستدامة الضمان وبكل تاكيد ليس بديلا عن إصلاح العثرة الحقيقية المتمثلة بالتقاعد المبكر فالاستثمار وتطوير عائداته مكمل لتعديل القانون وليس بديلاً عنه ولا يسمح بأي شكل من الاشكال ان نهرب من استحقاقنا فيما يتعلق بالجانب التأميني على الاستثمار، الدراسة التي أجريناها أظهرت لنا ان كل عائد استثماري بقيمة 1% زيادة يؤجل استنزاف أموال الضمان الاجتماعي سنتين فقط . وقال الرزاز في ضوء هذه المعطيات وانطلاقاً من إيمان المؤسسة بضرورة التفاعل مع جمهورها العريض، وإدراكاً منها لأهمية القناعات المجتمعية والرأي العام في ترسية وإقرار مشروع جديد للضمان الاجتماعي وقبل أن تقدم مقترحاتها كاملة لتعديل القانون بادرت إلى إشراع أبواب حوار اجتماعي وطني موسع استمر زهاء سنة ونصف، تواصلت عبره مع الجمهور من مختلف شرائح المجتمع واستمعت إلى مختلف الآراء والمقترحات من أجل الوصول إلى نظام تأميني شمولي توافقي عصري وعادل تتوافر فيه كل مقومات الاستمرار وتقديم منافعه لكل الأجيال، ويكون قادراً على مواكبة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، مؤكداً بأن المؤسسة لم تستعجل في تقديم مشروع القانون، بل إنها لم تقدم المشروع إلاّ بعد أستوفت الحوار حوله طوال تلك المدة، ووقفت على كل الآراء التي قدمتها شرائح وأطياف المجتمع التي نقدم لها الشكر الجزيل على تفاعلها مع الحوار الوطني حول هذا المشروع الحيوي المهم .. وأكد الرزاز على تفهمه بان العديد من الذين اختاروا التقاعد المبكر كانوا مرغمين على ذلك من قبل أصحاب العمل وبالتالي ظهرت أهمية معالجة جذرية لهذه الظاهرة وأشار إلى اننا كمجتمع وكوطن وكوسائل إعلام بحاجة إلى تجذير مفهوم الضمان الاجتماعي على أساس أنة يوفر الحماية اللازمة للإنسان عندما يصاب ، يشيخ ، يعجز ، يتوفى وليس لمكافأة من يخرج عند سن التقاعد المبكر ال (45) سنة وهذه هي المسؤولية الحقيقية للضمان الاجتماعي . وأعرب مدير عام الضمان الاجتماعي عن شكره لوسائل الاعلام على تعاطيهم مع مشروع القانون وتفاعلهم مع الحوار الجاد الذي دار حوله، وأكد أن العلاقة التشاركية التي اتسمت بها الحوارات الوطنية حول مشروع قانون الضمان كانت مفيدة وإيجابية جداً، وأسهمت في التوصل إلى مشروع عادل إلى حد كبير يخدم كافة الأطراف ويحقق المصلحة الوطنية المشتركة..