سرايا - كنت من أوائل الذين اشتروا هواتف متحركة في أواخر القرن الماضي وقد أبهرني هذا الجهاز بحق . . .
حيث أصبحت حرا في إجراء المكالمات الهاتفية من أي مكان على وجه البسيطة متخلصا من أ صفاد المكان الذي عُلق فيه ذلك الهاتف الثابت القميء .

مشكلتي بدأت عندما اصبحت تلك الهواتف تخرج بالتدريج عن المهمة الأساسية التي أبدِعت من أَجلها . . . صار الهاتف كاميرا . . ثم جهاز تصوير فيديو . . ثم أَصبح محطة ألعاب حتى أمسى بشكله الحالي . . . شبكة اتصالات وأنترنت متكاملة بين يدي حامله
على الرغم من كل هذه الإمكانات لم أشعر بأي رغبة في اقتناء هذا الهاتف الذين يسمونه الهاتف الذكي مع تحفظي الشديد على هذه التسمية إذ أن صفة الذكاء خاصة بالبشر فقط ولا يصح أن تطلق على أجهزة صماء
السبب في عدم رغبتي باقتناء هذا الجهاز يعود على من أراهم من الأشخاص الذين ينفصلون عن الواقع بمجرد أن يقع هذا المسخ بين أيديهم فيصبحون مغيبون كأنهم منومون مغناطيسيا أو مثل المخلوقات الإفتراضية في أفلام الرعب والسايكولوجي المسمية بالزومبي
قاطعت كل الهواتف الذكية واحتفظت بكل فخر وإعتزاز بهاتفي
(الغبي) القريب إلى قلبي
حتى أن زملائي بالعمل كانوا يتندرون على هاتفي ويطلبون مني بإلحاح أن اشتري هاتف حديث لأواكبَ ما يُكتب بين سطور رسائلهم على ما يسمى بالقروبات - سيئة الذكر -
ولكن يبدو أن الأمور ستختلف فليلا فقد استدعاني مديري المباشر وأخبرني بلهجة حازمة عن ضرورة أقتناء هاتف
متطور بسبب ظروف العمل وضرورة الإطلاع على التعميمات والكتب الرسمية الواردة التي يتم نشرها على القروب الخاص بالمؤسسة
وما زاد الطين بله إلحاح زوجتي علي لشراء هذا الهاتف لأنها على حد تعبيرها - لا تريد أن تكون أنقص من غيرها من جاراتها اللواتي يتراسلن مع أزواجهن عبر الواتس أب -
أنا في حيرة من أمري وأخشى ان يَعبثَ بي هذا الجهاز فأتلاشى من الواقع الحقيقي لأقع في شباك الواقع الإفتراضي فأصبح كمن كنت أشفق عليهم هائم كجسد بلا روح أو ككائن خيالي في احد افلام الرعب