28-02-2016 10:10 AM
سرايا - من نظام التعليمات في الجامعات بخصوص ترقية أعضاء هيئة التدريس من رتبة إلى رتبة أعلى ، لابد للعضو أن يقدم بحوثا محكمة ومحددة للرتبة التي يريد أن يتقدم إليها ، والخطوات التي تحصل ما يلي:
ـــ يرسل الباحث بحثه إلى مجلة محكمة ، وتشترط أغلب المجلات بما فيها المجلات المحكمة الأردنية أن تكون عدد صفحات البحث ثلاثين صفحة ، أو تزيد قليلا بما فيها من هوامش ومصادر ، هذا حديثي بالنسبة لبحوث الكليات الإنسانية .
ـــ ترسل المجلة المحكمة البحث إلى محكمين لتحكيمه ، وتشترط عليهم المدة وهي ثلاثون يوما فقط ، بحسب الخطاب الرسمي المرسل إلى كل محكم .
ـــ لو قسمت عدد صفحات البحث على عدد الأيام الممنوحة للمحكم ، لكانت النتيجة أن المحكم يقرأ في اليوم صفحة واحدة من البحث ، مع العلم أن البحوث ترسل عبر (الإميل) وليس في البريد حتى لا يتأخر البحث عن المحكم .
ـــ بعض المحكمين الظلمة يقبل تحكيم البحث المرسل إليه ، ولكنه مشغول جدا، فيتأخر في إرسال تقريره لمدة شهرين أو أكثر، مما يلحق الضرر بصاحب البحث ؛
لأنه غير مكترث ومهتم بزميله الآخر ، ومن لا يرحم لا يرحم، والمقصود بالرحمة هنا ، الرحمة بالوقت ، واحترام الوقت .
ـــ والسؤال الذي يطرح نفسه ؟ !! لو كان هذا البحث للمحكم نفسه ، فهل يرضى أن يتأخر تحكيم بحثه ؟ وماذا يقول لو تأخر عليه الجواب سلبا ، أو إيجابا ؟
ــ أين محكمو البحوث من قول الرسول ـ عليه السلام ـ ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).
ــ اعتقد لو كانت المكافأة على البحث مئتي دينار ، لوجدت بعض المحكمين أنهى تحكيمه في ثلاثة أيام ، طمعا في المادة ، فالمادة عند بعضهم (مراهم) ، فالدراهم مراهم .
ــ إنه من المؤسف حقا ، إن الواسطة ، والمحسوبية ، والمزاجية، قد دخلت إلى سوق البحوث العلمية كغيرها من المعاملات في المجتمع ، فأصبح الحكْم ليس على صلاحية البحث العلمي وقيمته ، ومدى منفعته للمكتبة ، وطلاب العلم ، وإنما الحكم على صاحب البحث ، والدليل على ذلك ــ وأقول هذا من تجربة طويلة ــ أن بعض المحكمين عندما يصله البحث ، يبحث عن صاحبه، حتى يعرفه ، فإن كان من( شلته) ، ومن خطه ، نجح البحث ، حتى ولو كان ضعيفا لا قيمة له ، وإن كان غير ذلك ، ليس من خطه ، رسب البحث ، ولو كان البحث ناجحا ، حتى ولو شهد في نجاحه كبار المحكمين المنصفين .
ــ أذكر أن أحد الزملاء في جامعة أردنية رسمية ، له بحث أرسله للتحكيم ، فمكث عند محكم ثلاثة أشهر وهو ينتظر ، فاتصل بي ، فأخبرني عن قصته ، فقمت بالاتصال مع المسئول عن المجلة ، وعلى الفور اتصل مع المحكم ، فأخبره أن البحث قد ضاع بين كتبه وأوراقه الكثيرة ، وطلب منه إرسال صورة عنه ، ثم سأل مسئول المجلة عن تقرير المحكم الأول ، فقال له : التقرير إيجابي ، فما كان منه أن أرسل بعد ثلاثة أيام تقريره عن البحث وكان ناجحا ، هكذا تحكم البحوث، فأين الأمانة العلمية ؟
ومما يؤسف له أيضا ، أن بعض رؤساء الجامعات ــ وهم قلة ـ يتدخلون في ترقية عضو هيئة التدريس، فإذا كان مرضيا عنه ، ترسل بحوثه إلى محكمين رحماء مع التوصية والشكر ، وإن كان مسخوطا عليه ، ترسل بحوثه إلى محكمين قساة ، مع التوصية بالتشديد عليه، وعدم نجاح بحوثه . فأي عدالة ؟ وأي بحوث علميه هذه ؟
لقد ساومني أحد رؤساء الجامعات على ترقيتي ، فطلب مني بحوثا زيادة فوق المقرر المطلوب ، فوافقته ، ثم ساومني على المدة ، حيث طلب مني حذف سنة من مدة ترقيتي ، فرفضت ، فهذا غيض من فيض .
وأخيرا أقول : فهل بحوث الكليات الإنسانية، كبحوث الكليات العلمية، كالطب ، والهندسة ، والعلوم ، وغيرها، حتى تحتاج إلى مدة شهر في تحكيمها ؟
هذا عبث بمصير عضو هيئة التدريس في الكليات الإنسانية ، وظلم قاهر لهم ، لن ينسوه أبدا .
فهذه رسالة لكل مسئول ، أن يعاد النظر في قضية تحكيم البحوث ، ورسالة أيضا إلى بعض المحكمين الظلمة بأن يرسلوا تقاريرهم ضمن المدة المحددة ، حتى ولو كانت سلبية ، فوصولها سلبية ضمن المدة المحددة ، أفضل بكثير من وصولها إيجابية ، خارج نطاق المدة المحددة .