05-09-2008 04:00 PM
شرق أوسطي جديد والنظام الإقليمي العربي الدكتور عاهد مسلم المشاقبة أثار المشروع الشرق أوسطي الكبير المزعم قيامه في هذه المنطقة البالغة الحيوية، جدلاً فكرياً واسعاً في جميع الأوساط العلمية والسياسية والمنابر الفكرية على نطاق الساحة العربية وخارجها، ويتركز هذا الجدل في جانب كبير منه على مسألتين متناقضتين أحدهما الرؤية المؤيدة لهذا المشروع والتي ترى فيه خلاصا لحالة عدم الاستقرار والصراع التي اتسمت بها المنطقة، وقد اتخذت هذه الرؤية من ضرورات التعاون الإقليمي والرغبة في السلام والاستقرار مدخلاً ذرائعياً لتصوراتها. أما الرؤية الثانية وهي الرؤية المناهضة او المعارضة لهذا المشروع، فهي تنطلق من اعتبار إن قيامه يحتم إجراء تغيرات هامة وبالغة الحساسية في المنطقة على الصعيد الجغرافي والفكري. وإذا كانت الرؤية الأولى تستند في تصوراتها إلى مصالح الأطراف الدولية الفاعلة والأطراف الإقليمية الحليفة، فان الرؤية الثانية تنطلق من الاعتبارات المناهضة لتلك المصالح وهي تعتمد في تحليلها على ما سيترتب على قيام نظام إقليمي شرق أوسطي من متغيرات جوهرية تؤثر في وجود وفاعلية الطرف المناهض للمشروع الغربي-الصهيوني المتمثل بالنظام الإقليمي العربي، لذلك نلاحظ تداعيات هذا المشروع شكلت مناسبة لإثارة العديد من قضايا الإصلاح الداخلي وإشكالياته في الوطن العربي أو إعادة طرحها مثل: الإصلاح السياسي، وتجديد الخطاب الديني، واعادة تقويم خبرة الحركات الإسلامية المتشددة وتطوير السياسات الثقافية والإعلامية، بالإضافة إلى المخاطر القيمية والتي تؤثر على الجانب القيمي للمنطقة العربية،رغم ان الحقائق كلها تشير إلى ان الشرق أوسطية هي إحياء للدعوات الغربية والصهيونية التي تناهض المشروع القومي العربي، والتي لا يمكن ان تقوم إلا على حساب العروبة كانتماء وهوية. وهو ما لم يتهاون سياسيو الغرب وقادة الفكر الصهيوني في الإعراب عنه. لهذا ينطلق مفهوم الشرق أوسطية في الفكر الصهيوني من ضرورة تقويض (الخطر الأكبر) وهو الفكرة القومية العربية والتعامل مع العرب ليس كأمة وحضارة بل شعوب متفرقة ودولاً منفردة، فإسرائيل لا تجد لنفسها موقعا في حالة نجاح المشروع العربي كما ذهبت"جلود مائير" رئيسة وزراء إسرائيل وهي بذلك تعي أن النظام العربي عامل تقويض لوجودها وأمنها،ومن هذا الإدراك الصهيوني "الإسرائيلي" يرى "شمعون بيرز" إن تأسيس الشرق أوسطية الجديد، يجب أن يقوم على نظام لا قومي إقليمي، بعيداً عن الانتماء التي من شأنها أن لا تخلق نقاط الالتقاء بين إقليم الشرق الأوسط. ومن ناحية أخرى هناك مخاطر استراتيجية تنطوي على قدر كبير من الخطورة يمكن ان تلقى بظلالها على النظام العربي كنتيجة حتمية لترتيبات النظام الإقليمي الشرق أوسطي، الذي يتطلب إعادة التعامل أيضا مع ثروات المنطقة بما لا يخدم النظام العربي، بالإضافة إلى التعامل بمنظار أحادي في الجوانب الأمنية إقليمياً يجعل التوازن في هذه المنطقة منقوداً ويميل لصالح أطراف إقليمية أخرى ستدخل حتما في الترتيبة البنيوية الجديدة لهذا النظام. بالإضافة لذلك هناك المخاطر الاقتصادية، والتي تشمل على: - الليبرالية التي يجب أن يقوم عليها الإصلاح الاقتصادي في جميع أقطار الشرق أوسطية، أي بمعنى ان يكون بالمفهوم السياسي والاجتماعي وضرورة إنتاج فئات اجتماعية ذات مصلحة في السلام. - الربط بين السلام السياسي والإصلاح الاقتصادي والتعاون الإقليمي، وهي بذلك تسعى إلى خلق قناعة على الصعيد العربي باتجاه حتمية التعامل الإقليمي كسبيل لتطوير المنطقة. - قيام سوق شرق أوسطية وانفتاح المنطقة على علاقات تبادل تجارية واقتصادية بين مستويين من الاقتصاد،الأول"إسرائيل" كطرف يملك التقدم التقني والإنتاج المتطور، والثاني الطرف العربي الذي يعاني اقتصاده من مظاهرة خلل بنيوية ويشكو من هشاشة مقوماته الارتكازية. وفي ضوء ما تقدم يمكن القول ان نظام مشروع الشرق أوسطي الكبير، هو رؤية غربية صهيونية تهدف إلى إعادة ترتيب المنطقة العربية وما حولها، ترتيبا لا ينسجم مع وقائعها التاريخية والقيمية الفكرية، حيث الشرق أوسطية إلى إنشاء نظام إقليمي فسيفسائي التكوين يضم أقوام أو شعوب وأفكار وعقائد مختلفة ومتباينة يكون العرب بظلها الطرف الأكثر ضعفاً حيث ستطمس هويته المميزة والقضاء على الحس القومي والانتماء العربي الموحد زيادة على خلق بنية اقتصادية تقوم على استلاب مقومات الاقتصاد العربي وتجريدها من فاعليتها عبر قوانين السوق الحر واحكام التبعية الاقتصادية، كما ستلحق النظام العربي مخاطر أمنية في ظل غياب التوازن العسكري ودخول أطراف غير عربية محملة بأطماعها وتطلعاتها الإقليمية وتحظى بأدوار فاعلة إقليمياً.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-09-2008 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |