18-08-2015 10:10 AM
سرايا - سرايا - فيما تصدر الحق في حرية الرأي والتعبير قائمة الحقوق التي واجهت إشكاليات في تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان للعام 2014، جاءت قوانين: منع الإرهاب، الحق في الحصول على المعلومات، حماية وثائق وأسرار الدولة، الأكثر تماسا مع قيمتي الحق في الأمن والحرية.
وفي مؤتمر صحفي عقده أمس لإطلاق التقرير، قال مدير المركز موسى بريزات "إن التشريعات الناظمة للحق في حرية التعبير مثلت المجال الأساسي للإشكاليات الناجمة من توتر في العلاقة بين قيمتين أساسيتين للمواطن والأمن، وهما الحق في الحرية والأمن".
وأشار إلى أن القوانين الثلاثة سالفة الذكر هي من أبرز التشريعات "ذات التماس مع ثنائية الحق في الحرية والأمن"، مبينا ان من أبرز توصيات التقرير "وجود تشريع واضح ومفهوم يبين ماهية الأعمال والأفعال التي تشكل تجاوزا على القيود على من يمارس الحق في حرية التعبير".
وأضاف أن الأطراف مجتمعة اقتربت من الفهم المشترك لطبيعة المعيقات الأخرى التي تمثل تحديا يجب التعامل معه، إلى جانب التحدي الذي تمثله التشريعات، وهو السياسات العامة للدولة.
ولفت إلى أن هناك تحديا لا يقل أهمية عن ذلك، وهو البعد الاجتماعي والثقافي، خاصة العادات والتقاليد، ورغم ما في هذا البعد من إيجابيات إلا أنه ما يزال يؤثر في جوانب محدودة.
"ففي قضايا التعذيب مثلا، طرأت تطورات ايجابية رغم أنها ليست بالمستوى المطلوب، وفي المقابل حصلت تطورات سلبية طالت حرية الرأي والتعبير"، بحسب بريزات.
وقال "نحن نخوض حراكا لتعزيز حقوق الإنسان في الأردن ونأمل أن تكون ثماره إيجابية"، مؤكدا أن أبرز حلول وقف إشكالية الحق في حرية التعبير "وجود تشريع واضح يحدد الجرائم التي تمس الأمن الوطني والقومي".
وأشار إلى أن الحالة العامة لحقوق الإنسان العام 2014 في الأردن، سواء ما تعلق منها بإجراءات الحماية أو التعزيز لهذه الحقوق أو أدوار ونشاطات الفرقاء جميعاً، "لم تخرج عن المألوف".
وبين أن جهود الحكومة جاءت بالوتيرة ذاتها وفي إطار مبادرتها العام 2013، حيث "تأرجحت هذه الجهود بين نقطتين: إدارة الانتهاك و/ أو اجراءات حماية غير جذرية".
فعلى صعيد ادارة الانتهاكات، اتخذت السلطات الثلاث خطوات كانت جلها ذا صبغة وقائية، لكن أبرزها تلك التي قامت بها الحكومة وتجلت بتفعيل آليات المراقبة والمتابعة الرسمية من أجل ضبط ممارسات الأجهزة المعنية والوزارات والدوائر ذات الصلة بحقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن "الرصد الدقيق للأوضاع السائدة والوقوف على واقع ما تقوم به الأجهزة والمؤسسات الرسمية، ومعرفة ما تنفذه (أو لا تنفذه)، هو البداية في أي خطة وطنية أو توجيه رسمي للرقي بأوضاع حقوق الإنسان".
واكد أن "تنفيذ مثل هذا التوجيه الشامل يحتاج لوقت وجهود ربما غير متوفرة فوراً"، ومع أن موضوع هذا التعميم كان يجب أن يكون في إطار المتابعة والتحقق من تنفيذ توجيهات يجب أن تكون صدرت سابقاً في ضوء الجهود الدؤوبة والمستمرة سواء من قبل المركز أو مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، أو حتى الحكومة ذاتها في مجال حقوق الإنسان، "إلا أن مجيئه متأخراً أفضل من غيابه نهائياً".
وأوصى التقرير بمتابعة تعديل التشريعات بشأن عدد من القوانين النافذة لمواءمتها مع الدستور والمعايير الدولية التي التزمت بها الدولة، والتي تستدعيها ضرورة الوفاء بتعهدات الأردن الدولية، والمباشرة في عملية إدماج معايير حقوق الإنسان في السياسات العامة للحكومة فعلياً، ومحاسبة ومساءلة مرتكبي الانتهاكات حسب التشريعات الأردنية والمعايير الدولية ومقتضيات العدالة النافذة.
وبين أنه تجسيداً للتوجه الحكومي المذكور ابدت الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالرصد والمراقبة والمتابعة لأوضاع حقوق الإنسان "استعدادها للتعاون مع المركز ومنظمات المجتمع المدني في متابعة الشكاوى، وتحديد مصادر الانتهاكات ومواطن الخلل والقصور، ومن خلال ذلك أمكن متابعة شكاوى المواطنين بسهولة أفضل خلال 2014".
كما استمر التعاون مع وزارة العدل في مجال إصلاح منظومة العدالة الجنائية، بحسب التقرير الذي قال إنه "يمكن اعتبار التوجيه الملكي للحكومة بإعداد خطة وطنية لحقوق الإنسان وتشكيل رئيس الوزراء اللجنة المذكورة أبرز خطوة رسمية تنفيذية حصلت العام 2014".
وعلى الصعيد الحكومي أيضاً، قام وزير التربية والتعليم بجهود حثيثة في إطار معالجة اختلالات عديدة في ميدان التعليم الأساسي والعام، وتعتبر هذه الجهود خطوة مهمة في سبيل إعادة الاعتبار لمبدأ التنافسية والجدارة، وفقا للتقرير.
وفي سياق لفت الانتباه لواقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أشار التقرير الى انه لا بد من التنويه إلى واقع القطاع الصحي وحق المواطن في الحصول على أعلى مستوى ممكن من الرعاية الصحية، موضحا أن من أبرز الثغرات في هذا المجال غياب مفهوم الخدمة المتكاملة بتوفير الرعاية الصحية، واستمرار عدم وجود آلية وطنية وقانونية للمساءلة الطبية، وغياب اجراءات فعّالة قانونية وإدارية متكاملة لحماية الكادر الطبي الرسمي من الاعتداءات المتكررة ضده، والتفاوت الصارخ بين معاملة الأطباء في القطاعين العام والخاص، و "الملاحظة التي تستدعي الانتباه هي غياب سياسة وطنية لتحقيق درجة من التكاملية بين القطاعين العام والخاص في المجال الطبي".
ولم تكن الحقوق المدنية والسياسية أفضل حالا العام 2014، لاسيما في إطار ما كان مأمولاً بعد ما لمسه المركز وإدارته عامي 2012، و2013 من توجه رسمي على الصعيد الحكومي لتحاشى أي اشتباك مع حقوق الإنسان.
وأشار التقرير بهذا الخصوص إلى ما جاء على لسان رئيس الوفد الحكومي لعملية المراجعة الدورية الشاملة التي نفذها مجلس حقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في تشرين الأول (اكتوبر) 2013، وشارك فيها المفوض العام لحقوق الإنسان باسم المركز.
كما أشار الى تأكيد مماثل على لسان رئيس الوزراء خلال لقائه اعضاء مجلس الأمناء في نيسان (أبريل) 2014، وبرغم ذلك "حصلت وللأسف ارتدادات في مسألة حرية التعبير، مع التنويه الى أن المركز غير غافل عن أهمية أخذ متطلبات الأمن الوطني وحماية الأخلاق والنظام العام وحقوق الآخرين وسمعتهم بالاعتبار"، بحسب التقرير.
وبين أن "حالات وأمثلة على انتهاكات وقعت بشأن الحق في حرية التعبير العام 2014 أكدت الحاجة الملحة لسن قانون واضح يحدد معالم الطريق لأصحاب الحق في حرية التعبير والرأي من حيث أين تبدأ مسؤولية الالتزام باعتبارات الأمن وماهية الأفعال التي تمثل تهديداً للأمن الوطني، وتلك التي تعتبر من مستلزمات حرية التعبير، دون المساس بحق أساسي هو الحق في مجموعة من الحريات تشمل حرية التعبير والرأي والقول والتفكير والمعتقد وممارسة الشعائر الدينية بحرية وعلانية".
وأشار التقرير الى أنه "لم يحدث تقدم ملحوظ في معالجة القضايا المتكررة في مجال الحرية الصحفية وحرية الإعلام"، لاسيما الشكاوى الواردة بشأن وجود تقييدات ذات طبيعة إدارية وتنظيمية وفنية بقانون هيئة الإعلام "وبشأن بعض ممارسات تقييدية تقع من وقت لآخر"، موضحا انه لا تزال تشريعات مثل قوانين "مكافحة الإرهاب، منع الجرائم، العقوبات، البلديات والحق في الحصول على المعلومة" تنتظر جسر الفجوة بينها وبين معايير حقوق الإنسان الدولية.
ونوه الى ان قانون مكافحة الإرهاب ذهب بعيداً في إغفال شروط حماية حرية التعبير والرأي، وتظهر آثار مثل هذه القوانين، في ارتفاع عدد الموقوفين قضائياً من منتسبي التيارات الإسلامية (السلفية) ومن بينهم أعضاء بارزون في النقابات، وكذلك الزيادة الملحوظة في اعداد الموقوفين ادارياً وقضائياً، مبينا انه مع أن هناك محاولات لمعالجة النوع الأخير من التوقيف، الا أن غالبية الإجراءات الجديدة التي تم تبنيها من قبل وزارة العدل تبقى في غاليتها ذات طبيعة إجرائية.
وأوضح التقرير أن جهود المنسق الحكومي الدؤوبة وكذلك تعاون مكتب الشفافية وحقوق الإنسان في مديرية الأمن العام لم تشفع في احتواء الآثار السلبية على حقوق الإنسان الناجمة عن حملة إعادة "هيبة الدولة"، وعن الحملة الواسعة التي تشنها إدارة مكافحة المخدرات على أهميتها وضرورتها للمجتمع اضافة لتعاون مديرية الأمن في مجال تمكين فرق المركز من رصد الأوضاع في مراكز التأهيل والإصلاح ومراكز التوقيف والاحتجاز الأولي.
وعرض التقرير لحالة قطاعات الصحة والإعلام والثقافة والنقل والطاقة التي وصفها بأنها لم تكن أفضل حالا.
وأوصى بالإسراع في وتيرة الاصلاح السياسي والاجتماعي لأن تبعات البطء والتردد في ذلك أشد خطراً على الحالة العامة من السرعة والانفتاح في هذا المجال.
كما أوصى برفع درجة وعي المواطن حول حقوقه وواجباته وتعزيز قدرات المؤسسات المعنية بإنفاذ القانون، وتوسيع وتعميق الشراكات بين الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني بنظرة وطنية وتحت رقابة مجتمعية برلمانية مستقلة ورأي عام فاعل، والالتفات وبنفس الأهمية الى كل من الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفيما يتعلق بحقوق المرأة، أوصى التقرير بالمصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتعديل قانون العمل لإلغاء أي قيود على مشاركتها في أي نشاط اضافة الى تعزيز المشاركة السياسية لها.
وعن حقوق الطفل، اوصى بضرورة تبني قانون خاص لحقوق الطفل ومراجعة وتعديل المادة 62 من قانون العقوبات، إضافة إلى التوسع في تبني منظومة مجابهة العنف المدرسي.
وعن الحق في العمل، أوصى بالإسراع في استكمال الاجراءات الدستورية اللازمة لإقرار مشروع القانون المعدل قانون العمل، وايجاد آلية وطنية تتعلق بالتعامل مع ضحايا الاتجار بالبشر، ونشر الوعي بالمواثيق والمرجيعات الدولية ذات العلاقة بالاتججار بالبشر. الغد