11-10-2014 04:05 PM
سرايا - سرايا - عصام مبيضين - تنتظر حكومة عبد الله النسور الثانية استحقاقات كبيرة أمام ظروف اقتصادية وسياسية واجتماعية وإقليمية صعبة جدا، أهمها حرب التحالف الدولي على "داعش" في ظل توتر الأوضاع في العراق وسوريا ولبنان ومصر.
كان النسور رئيس الوزراء الوحيد الذي تمضي حكومته عامين كاملين في عهد الملك عبد الله الثاني، بعد حكومة علي أبو الراغب، والأكثر عمرا منذ انطلاقة "الربيع العربي" بعد سمير الرفاعي، ومعروف البخيت، وعون الخصاونة.
وخلافًا لرؤساء الحكومات السابقة يشعر النسور براحة تجاه الوقت لإنجاز ملفات لن يستطيع غيرة الاقتراب منها في "الدوّار الرابع"، رغم مشاغبة الصالونات السياسية من بعض رؤساء الوزراء السابقين في ظل مرحلة حساسة شهد الشارع خلالها حالة من الغليان الشعبي؛ ما فرض على الحكومة تقديم خطوات كبيرة، وبث رسائل سريعة لجميع أطياف المجتمع، باتجاه تحقيق الإصلاح المنشود.
استحقاق رفع أسعار الخبز
ووفق تقييم وزير سابق (..)، بعد مُضِي عامين على حكومة عبد الله النسور، فلقد أصبح وزير التخطيط والتربية الأسبق الأجرأ في اتخاذ القرارات غير الشعبية التي كان أبرزها: رفع أسعار المشتقات النفطية، وتحرير أسعار الكهرباء، واتخاذ قرارات صعبة تردد كثير من رؤساء الوزراء السابقين في اتخاذها، بل إنه ينتظر تنفيذ أهم استحقاق: رفع أسعار الخبز!
أهم تحدٍ
الوزير السابق ذاته.. أكد أن كل ذلك جاء مع انفجار أهم تحد، وهو مشكلة الطاقة، وارتفاع كلف دعم الكهرباء؛ وهو الأمر الذي انعكس مباشرة على فاتورة الدين العام، البالغ 20.3 مليار دينار في نهاية، مُشكلا ما نسبته 79.5% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2014، مقابل 19 مليار دينار.
ويستدرك الوزير السابق ذاته بأن حكومة النسور وسط كل الضغوط استطاعت إنقاذ الدينار، والدفع بقانون ضريبة يرفع التحصيل من البنوك والشركات، بعد ان تم تخفيضه من حكومة سابقة؛ خدمة لرجال "البزنس" والبنوك وتجاوز مطبات منطقة العبدلي التى وضعها اقطاب النواب بالريموت كونترول من الخارج لاسقاطة اكثر من مرة
المَهَمة الخطيرة
وشدد على أن مهمة النسور تعد خطيرة؛ حيث منوط به تحسين المناخ السياسي، مضيفا: \"لهذا دفع قانون الانتخابات واللامركزية، وهما مطلب أساسي لتهيئة الوضع العام للانتخابات القادمة، للوصول لمجلس نيابي يستطيع التشريع والإصلاح حيث المكان الطبيعي لها\".
وتساءل عن كيفية معالجة حكومة النسور للقضايا الملحة، وبخاصة الاقتصادية في ظل توصيات ومتطلبات المؤسسات الدولية وصندوق النقد الدولي.
تغيُّر المبادئ السريع
وأشار ناشط رفض ذكر اسمه إلى أن مواقف النسور في البرلمان شيء، وفي رئاسة الحكومة شيء آخر! ذاهبا إلى أنه "يبدو مضطرا لتنفيذ القوانين التي لا يؤيدها شخصيا".
وتساءل عن السبب الذي غَيَّر مبادئه ومواقفه بهذه السرعة الفائقة.
وطالب أن يكون النسور ملتزما مع نفسه، وألا يكون متناقضا معها، "فهو اعترف أن مجلس 2010 مزور؛ وبالتالي أي قرار يصدر عنه فهو غير شرعي، وضد رفع الأسعار".
عبور حقل الألغام
وتقول جهات مقربة من الرئيس "ان أمام حكومة النسور ملفات عديدة: سياسية واقتصادية واجتماعية، وكلها لا تحتمل التأجيل، بل المراجعة والبحث وسرعة الإجراء من خلال طرح برنامج شامل مدفوع بسياسات جديدة.
واعتبر مراقبون أن النسور برفعه أسعار المحروقات التي فر منها أسلافه؛ خشية عواقبها، حمى الاقتصاد الوطنى امام عواقب كارثية ولهذا عبر حقول الألغام الخطرة، غير أنه تجاوزها، وذلك على الرغم من مواجهته في البداية معارضة نيابية شرسة ومشاغبة، ومحاولة نواب وسياسيين الإيقاع به عبر أيّ حادثة أو فرصة سانحة.
الحاجة لـ"مانعات الصواعق"
ويؤكد المراقبون ذاتهم أن أمام رئيس وزراء فرصة ذهبية لإبعاد وزراء التأزيم؛ لئلا تنفجر قنابلهم وضعفهم بحكومته، ولا سيما أن الشعب وضع"فيتو" على بعض الأسماء المعروفة في بعض الوزارات.
ورأوا أن على النسور إثبات أنه حر هذه المرة إنْ سمح له بإجراء تعديل وزاري، دون تدخلات من أي جهة أخرى بتعيين الوزراء، وباتخاذ كل القرارات المناسبة التي تضمن هيبة الدولة، وتحقق مطالب واحتياجات المواطنين، وصولاً إلى وزراء يعرفون مكونات الشعب، ويعملون "مانعات صواعق" أمام مطالب المواطنين.
وتتأمل أوساط سياسية إبعاد الوزراء غير المستعدين للتنازل، وعدم التعامل مع المواطنين برفق؛ مما أدى إلى ضعف الثقة بالدولة، علاوة على المزاجية في التعيين، ونقص الخدمات وعدم الوصول للمواطنين في مواقعهم، وهنا فإن كلفة إرضاء الشارع الغاضب لن تكون سهلة، وبخاصة أن الشارع تمرس في الاحتجاج ضد الحكومة والبرلمان.
اضمحلال الطبقة الوسطى
الخبير الاقتصادي سامي شريم تساءل عن كيفية ارتفاع المديونية الداخلية والخارجية إلى هذا المستوى القياسي، على الرغم من الانصياع لكل مطالب وشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي؛ بالتخلي عن دعم معظم السلع الأساسية، وبيع الشركات والمؤسسات الوطنية التي كانت تشكل رافداً أساسياً للخزينة.
وقال إن الأزمة الاقتصادية بالعجز الكبير في الموازنة الذي أدى إلى تخفيض النفقات الرأسمالية المولدة لفرص العمل، والى وقف التعيينات، كما سيؤدي إلى التوسع في الاقتراض؛ وبالتالي الانصياع التام لشروط الدائنين والمؤسسات المالية الدولية.
وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية أدت إلى اضمحلال الطبقة الوسطى؛ حيث لم يعد لدى شرائح كبيرة ما يكفي لتغطية الأساسيات، والإصلاح الاقتصادي يجب ان يتركز على مكافحة الفساد، ومعالجة آثاره، ووقف الهدر في المال العام، وكبح جماح التضخم، وبرنامج حقيقي لمعالجة ظاهرتي الفقر والبطالة؛ لأن ما يهم المواطن هو تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
وأكد أن المطلوب هو تغيير النهج العام الذي أدى بالأوضاع إلى ما وصلت إليه من حيث المديونية، وتفكيك المؤسسات العامة، وبيع ممتلكات الوطن، وجمع "السلطة والمال"، والاستفادة من مطبخ القرارات في "البزنس"، وإقامة الشركات، و"تسليك الأمور لوزراء وشخصيات واصلة " نشرت تقارير عنها من هنا، ونجاح الحكومة مرهون بالدرجة الأولى بملامح تشكيلة فريقها، وقرارات ومحاربة الفساد، ودراسة التعيينات السابقة في بعض المناصب، وإعادة تقييم تجارب المدن التنموية والعقبة الاقتصادية، وتحسين دخل شرائح صغار الموظفين والمتقاعدين، ومعالجة الملفات والمشاكل التي دفعت الناس للخروج إلى الشارع.
وفي النهاية.. يبقى سقف التوقعات حول حكومة النسور مرتفعا، فهل تكون على مستوى طموح الشعب الذي ظل يرى جعجعة دون طحن؟