16-08-2014 08:03 PM
سرايا - سرايا - يبرز خبراء ومختصون نجاح المقاومة في قطاع غزة في تحييد جزئي للتكنولوجيا العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة الذي بدأ في السابع من يوليو الماضي، وهو ما مكنها من تقليل خسائرها من جهة وتوجيه ضربات نوعية من جهة أخرى.
ووظف الاحتلال خلال عدوانه المستمر التكنولوجيا العسكرية المتطورة لتدمير تجهيزات فصائل المقاومة و"اقتناص" عناصرها بعيدًا عن تدخل العنصر البشري الذي قد يكون في خطر بأي مواجهة مباشرة مع المقاومين.
وتشهد فصول المعركة- سيما البرية منها- على قدرات ملفتة لفصائل المقاومة استطاعت بموجبها تحييد تلك التكنولوجيا بنسب متفاوتة، بل وتمكنها في بعض الأحيان من التغلب عليها واستخدامها لبث رسائلها للجيش والمستوطنين.
ويتوزع التفوق التكنولوجي الذي يتباهى به جيش الاحتلال على سلاح الجو وتجهيزات جنود المشاة والآليات المدرعة والاستخبارات وجمع المعلومات عن المقاومة، بشكل أساسي.
فيما استطاعت المقاومة التغلب جزئيًا على التفوق الإسرائيلي التكنولوجي بذكاء وحنكة، عبر استخدام الأنفاق للتغلب على سلاح الطيران، والالتحام المباشر مع جنود المشاة من نقطة الصفر، واستخدام تقنيات جديدة في بعض الصواريخ للتغلب على منظومة القبة الحديدية، والهجوم العكسي على موجات الاتصالات العسكرية وحتى القنوات الفضائية العبرية.
تحييد واختراق
وقلّل الأداء العسكري النوعي لفصائل المقاومة من اختلال ميزان القوى الذي كان يميل لجهة الجيش الإسرائيلي بشكل كبير، وتمكنت المقاومة من تحييد بعض المنظومات العسكرية الإسرائيلية بشكل كلي خلال العدوان على غزة، كما يؤكد الخبير العسكري اللواء واصف عريقات.
ويشير عريقات في تصريحات إلى قدرة المقاومة على تحييد منظومة "القبة الحديدية" بشكل كبير، وإيصال الصواريخ إلى أهدافها بعيدة المدى، معتبرًا أن تفادي عدد كبير من الصواريخ لتلك القبة يعتبر تطورًا نوعيًا.
وما يلفت انتباه عريقات، إجادة فصائل المقاومة استخدام "مفاجأة الأنفاق" سواء الهجومية أو الداخلية في تقليل اختلال ميزان القوى، وتحييد استهداف عناصر المقاومة من الطائرات في الجو، والدبابات والمدفعية على الأرض، والبوارج الحربية في البحر.
وهو يرى أن الأنفاق الأرضية استطاعت تحييد تأثير الأسلحة الإسرائيلية نسبيًا.
كما أن منظومة الأنفاق – بحسب عريقات - مكنت عناصر المقاومة من التحرك في الميدان، والتواصل مع بعضهم البعض، وإدامة القصف على الأهداف الإسرائيلية من مرابض الصواريخ تحت الأرض، ما يعتبر تحييدًا أساسيًا لسلاح الجو وفشلًا فعليًا له.
ولم تقتصر إنجازات المقاومة على تحييد التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية في ميدان المعركة فحسب –يضيف عريقات- بل تعدى ذلك لاختراق "السايبر" الإسرائيلي، وبث رسائل مقاومة عبر الفضائيات العبرية والمؤسسات الحكومية أو الرسائل القصيرة (Sms).
لا مقارنة
وعن الأداء العسكري للجيش الاحتلال خلال الحرب، يقول عريقات: إن "إسرائيل لم تقاتل كجيش، إنما استخدمت آلة تدميرية موجهة عن بعد دون أن تستخدم الجندي على الأرض بشكل كبير"، مضيفا أن "هذا يعد نظام إرهابي وليس جيش نظامي".
ولا يجد عريقات مجالًا للمقارنة بين أداء الجندي الإسرائيلي والمقاومة خلال المعركة "فجندي الاحتلال تلقى دروسًا - باعتراف إسرائيلي- وتفوق عليه المقاومة الفلسطيني بمهارات القتال والروح المعنوية".
ويرى أن نتيجة العدوان على القطاع حتى اللحظة كانت "مجموعة من الإنجازات على الجانب الفلسطيني، ومجموعة من الإخفاقات على الجانب الإسرائيلي".
اعتماد على التكنولوجيا
ويعتمد جيش الاحتلال بشكل كبير على التكنولوجيا العسكرية، في سبيل حماية جنوده على الأرض وإيقاع أكبر الخسائر في صفوف عناصر المقاومة.
ولعل استخدام الطائرات المقاتلة بدون طيار (الزنانة) في استهداف المقاومين والمنازل، كان من أبرز استخدامات التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، كما حاولت "إسرائيل" حماية الدبابات والجرافات وناقلات الجند من خلال منظومة "معطف الريح".
وزودت الصناعات العسكرية الإسرائيلية الآليات بنظام سمته "معطف الريح"، الذي يتألف من رادار وأجهزة استشعار لكشف القذائف المضادة للدروع بزاوية360 درجة, وعند اقتراب الصاروخ من الآلية ينقل الرادار إشارة إلى كمبيوتر داخلي لتحديد زاوية التهديد وإحداثيتاها والوقت الأمثل لإطلاق شحنة ناسفة لتدمر الصاروخ قبل وصوله.
وعرضت فصائل المقاومة سيما كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" أشرطة فيديو متعددة لاستهداف آليات إسرائيلية بصواريخ موجهة خلال المعركة دون أن يعمل ذلك النظام.
ويرى الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب أن فصائل المقاومة نجحت في تحييد التكنولوجيا المتطورة للاحتلال، وأصابت عدد كبير من آلياته بدقة وهو ما يمثل فشلا لتكنولوجيا الاحتلال وآلياته.
وما يلفت نظر حبيب تغلب المقاومة على التكنولوجيا الإسرائيلية من خلال عدم استخدام التكنولوجيا، فالمقاومة امتنعت عن استخدام أجهزة الاتصالات اللاسلكية (الورور والسيناو) واستخدمت بدلًا منها الاتصالات الأرضية عبر الأنفاق، ما أعجز الاحتلال عن ضرب المقاومين والوصول لاتصالاتهم.
ويعتبر حبيب أن المطلوب من فصائل المقاومة العمل على تحييد الطيران الحربي الإسرائيلي بنوعيه (بدون طيار وF16) بعد أن عطّلت فعالية الطيران المروحي بالصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف.
ويشير إلى أنه "لولا وجود الطيران لكان قتلى الجيش الإسرائيلي بالآلاف، وكان الفلسطينيون يسرحون ويمرحون في سديروت والمجدل وعزاتا (..) وإذا نجحت المقاومة في تحيد الطيران ستنقلب المعركة رأسًا على عقب".
وفي المقابل، فاجئ التقدم التكنولوجي الذي كشفت عنه المقاومة خلال المعركة الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء- يضيف حبيب- وكانت طائرة "أبابيل" القسامية بدون طيار، ومديات الصواريخ التي شارفت على 200كم، وبندقية القنص المتطورة "غول" أبرز معالم التطور العسكري لدى المقاومة.
تطوير القدرات
ويتوقع كل من عريقات وحبيب أن تشهد المعركة المقبلة مع الكيان الإسرائيلي تطورًا كبيرًا في قدرات المقاومة على تحييد أنظمة إسرائيلية جديدة وإخراجها من المعادلة، إلى جانب تطوير تكنولوجيا عسكرية لإيقاع خسائر أكبر في جيش الاحتلال.
وهما يدفعان بقدرة فصائل المقاومة على تطوير إمكانياتها العسكرية وتقنياتها خلال الفترة المقبلة، على أن يشمل التطوير كافة الأصعدة سيما "تذويب" قدرة القبة الحديدية بشكل كامل وتحييد فعاليتها بالمطلق خلال أي مواجهة مقبلة، على أن تشكل دروس صد العدوان الحالي قواعد مهمة للانطلاق بذلك.