11-09-2013 01:05 PM
سرايا - يعد البرلمان تتويجاً للعملية السياسية في الديمقراطيات العربية العريقة وله تقاليد معينة خاصة مع اختيار الشعب للنخبة التي تمثلهم لتكون على قدر المسؤولية اتجاه الحكومة في الرقابة والتشريع والدفاع على حقوق المواطنين .
والسؤال الذي يطرح نفسه على ما يجري تحت قبة البرلمان وما جرى في اروقته من صراعات ومناكفات وصلت الى حد ان البرلمان اصبح جزءاً من ازمة الوطن واصبح الجميع يعاني من تلك الصراعات والسؤال المطروح هو هل العقاب وحده كاف لتقويم سلوك الانسان والحد من تلك التجاوزات وارتكاب الافعال السيئة وصلت الى حد الجريمة فالمسؤولية تعد قبل كل شيء انسانية اذ لا يعقل ان يتحمل غير الانسان اي مسؤولية لذلك واذا راجعنا واخذنا مشاركة ذوي الاختصاص من علماء النفس والاجتماع ورجال القانون والمنشغلين في علم الاجرام الاهتمام بمدى علاقة المسؤولية بالجزاء وأثرها في نفوس الافراد والمجتمع وذلك من اجل تحقيق التنظيم الاجتماعي الآمن وهنا كان مدى اهمية ابراز دور العقوبة ومدى تأثيرها في تنظيم سلوك الاخرين والجزاء ضروري لتقويم سلوك الفرد لان هذا الفرد حر وعاقل وبالتالي بامكانه الاختيار والاختيار لفعل ما ينتج من افعال ومسؤوليته عن ارتكاب اي عمل سيء او مشين او جرم فهو مسؤول باختياره فالشرير يختار فعلته بإرادته بعيداً عن تأثيرات جانبية مؤثرة ويجب ان يحكم عقله قبل اي انفعال او عنف خارج عن الارادة والسيطرة ويجب ان يجازى مرتكب هذا الجرم على افعاله فالعقل قادر على التمييز بين الخير والشر والجزاء بقدر ما هو عقاب من اجل ردع امثاله ايضاً هو تكفير عن الذي لوث به الشخص فعلته وهو وتطهير للنفس عن الدنس الذي لحق بها نتيجة الفعل السيء .
وعلماء النفس والاجتماع يشخصون ويرون ان بعض السلوكيات الاجرامية والتصرفات المشينة مردها الى قوى لا شعورية تتمثل في بعض الدوافع والميول المكبوتة لتأخذ شكل التمرد على القانون والقيم الاخلاقية والمتعارف عليها .
ما من انسان على وجه الارض الا وله عيوب ومساويء وما من مجتمع الا ويعاني من ظواهر انحراف وشذوذ وفي كل الاحوال ما دمنا نعاقب فاننا نعترف بمسؤولية المجرم عن جرمه وافعاله .
وعليه يجب ان يكون الالم الناتج عن العقاب اكبر من اللذة الحاصلة بالجريمة حتى لا يعود اليها مستقبلاً ومن اجل المحافظة على امن وسلامة الاخرين وعبرة لغيره يقول عز وجل ( ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب ) وعلينا ان ننظر بالمقابل على وسائل الوقاية والردع والاسباب والدوافع التي تؤدي وادت للانفعال وقيام الفرد بفعل افعاله المسيئة والجرم وبواعث ذلك وما مدى الظلم الذي وقع عليه او اسباب الاستفزاز ومن قبل من ومن خلفه من محرضين لان المجلس باعطائه الثقة على الحكومة انقسم الى قسمين من اعطى الثقة فقد حصل على الرضا والدلال واموره تسير بشكل ممتاز وطلباته اوامر وكل الابواب المغلقة تفتح له بأمر من الرئيس ولقد اصبحوا دروعاً بشرية للرئيس يتصدون لكل من يحاول مناقشة الرئيس اي بمثابة حرس الرئيس النيابي ويصولون ويجولون بالرئاسة اما الطرف المقابل الذي حجب الثقة فلقد اصبحوا الفئة المغضوب عليها والغير معترف بها رسمياً وطلباتهم مرفوضة وليس هناك من يسمع لهم اي ان كافة اشكال الظلم تمارس عليهم من قبل الرئيس .
ويقول عباس محمود العقاد ( لا يكفي ان تكون في النور لكي ترى بل ينبغي ان يكون في النور من تراه ) اي ان هناك سبب واضح لهذه الصدامات والانقسامات وهو التمييز بالمعاملة وهذا ظلم .
نعم لقد تحول مجلس النواب الى ساحة للصراعات السياسية والشخصية وابتعاده عن دوره التشريعي والرقابي واصبح يشكل عبئاً مالياً ومضيعة للوقت .
ولو اجرينا مقارنة بسيطة بين الضرر والمنفعة التي تعود على المواطن من انعقاد جلسات البرلمان لوجدنا ان الضرر اكبر واشد تأثيراً من المنفعة .
بالاضافة الى انه ساحة للصراعات والتي امتدت لتحريض الشارع الاردني على الكراهية والعداوة ومنطلقاً لنشر ثقافة العنف وان الدور الرقابي والتشريعي للمجلس قد اصبح في اضعف احواله حيث اصبحت الرقابة الخارجية اكثر اهمية من الرقابة الداخلية خاصة ونحن نشاهد الانسحابات للنواب من الجلسات وعدم اكتمال النصاب القانوني للتصويت على قرارات في اغلب الجلسات وفض الجلسات بسب الصراعات فأصبح بالصراع اكثر من طرف حكومي وفريق الثقة بالميدان وفريق عدم الثقة مقابلة اي ان ثلاثة اطراف تتصارع في حلبة واحدة اي ان المجلس اصبح جزء من الازمات بدلاً من ان يكون جزءاً من الحلول .
في البداية من عمر المجلس قلنا ان العذر هو حداثة التجربة للنواب الجدد وقلة الخبرة والمعرفة فكانوا في وضع الخداج يحتاجون الى رعاية وتوجيه اما الان بعد مرور فترة كافية لانعقاده فان الظواهر السلبية للصراعات على اشكالها وانواعها اصبحت تشكل ظاهرة خطيرة تستحق التوقف عندها من قبل صاحب القرار والنظر في اطراف الصراع وما آلت اليه الامور وما ستؤول اليه وهل باستمرارية المجلس فائدة ترتجي ام مصيبة ستحل بالشعب والوطن وهل يحق للحكومة ان تؤجج هذا الصراع والانقسام وبدل ان تكون مع طرف ضد طرف كان بالاحرى ان تمتص الطرف الاخر بالحوار البناء وكسبهم لجوارها دون احداث تشنجات ودون ان يقع عليهم اسلوب التهميش وبالتالي الظلم الذي يؤدي الى الغليان ويؤدي لقيام الفرد بتصرفات خارجة عن الارادة لان هناك اعراف واخلاقيات يجب ان يتم الالتزام والتقيد بها والعمل بروح الفريق الواحد في ظل الازمات المتراكمة على الوطن داخلياً وخارجياً يجب ان تحفز روح التسامح وروح العمل المشترك اكثر من اي وقت لان مصلحة الوطن وسمعة الوطن اهم من كل شيء .
hashemmajali_56@yahoo.com