10-09-2013 04:57 PM
سرايا - عندما كنا صغار وعلى مقاعد الدراسة ننهل من ينابيع العلم الصافي كان عودنا طري وضحكاتنا ربيع يزين البيوت وينعش النفوس احلامنا اشعاع شفاف افراحنا حقول مفروشة بالورود ولما شب عودنا وانتفضت قاماتنا اكتسبنا الكثير من القيم والاخلاق والمقولات والمفاهيم تفوق اعمارنا اكتسبناها من اجدادنا وآبائنا ومن المدرسة والحي والشارع التقطنا كل كلمة تلامس سمعنا لتعبر بعمق لنجد مستقراً لها في عقولنا وقلوبنا وكنا نقبل على الحياة بشغف رغم قساوتها وصخبها لكننا لم ندير لها ظهرنا يوماً بل نتحصن بها وعندما وقفنا عند مهمات الحياة ودخلنا معتركها لتوظيف ما اكتسبناه من خبرات ومعرفة وعلم بحثنا عن تلك المقولات التي ما زالت تشع في قلوبنا كسند وذخراً لنا وشعرنا بمتعة الوقوف والحوار مع اقرب الناس ( كما اعتقدنا ) مكانة وقدراً وجاهاً وسلطة وفكراً وفهماً فوجدنا ان كل الكلمات والمقولات والقيم مفقودة لديهم وكأنهم ترعرعوا في مجتمعات غير مجتمعاتنا وقيمهم ومبادئهم تختلف كليا ًعما تعلمناه من اجدادنا وابائنا فأصبح كل شيء في عالم المصلحة والمنفعة المتبادلة لا قيمة لصلة القرابة ولا للصداقة وكأن مواقفك معهم ليست الا واجب عليك كي تتجنب شرورهم فهم المعتمدين من السلطة الحاكمة ( كما يشعروننا ) وما انت الا مطيع لهم وبما يؤمرون فأما ان تكون كما يريدون والا فلن يكون لك وجود فهم ديناصورات المجتمع والعائلات وبواباتك لتخدم وطنك ومجتمعك ويجب ان تختم بختم خاتمهم كي تكون احد افراد عصابتهم حتى يرضوا عنك.
لكن حب الوطن كان مبعثي للتحدي والاستمرار ورددنا كثيرا ًما تعلمناه وحفظناه من قيم ومباديء وما زلت اردده واتوقف ملياً امام مدلولاتها الواسعة العميقة والتي ما زالت ترسم مسارها في طريق الحياة لتصنع منك فارساً نبيلاً ورجلا ًشجاعاً مدركاً لكل شيء منتمياً لوطنك وليس لاشخاص هكذا كان اجدادنا وآباؤنا لا ان تكون مثل هؤلاء الديناصورات الكرتونية فهم مرتزقة لاجندات خارجية وليس لهم عمق في الولاء والانتماء للوطن ولا للمجتمع ولا لأهلهم المادة تاجهم والمصلحة شعارهم ومبدأهم بالتعامل ( حكلي لأحكلك ) .
هل الامر يحتاج الى تفسير فالشباب تدفع ثمناً باهظاً لتحصل على رضاهم بالرغم من ان هناك من يهمس بأذني قائلاً " بالاخلاق تبنى الشعوب وترقى الامم " وعلى قول الشاعر " وانما الامم الاخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا " واني لاشد على يديه واضحك من نشوة الاعجاب واقول له " انهم من الخارج رخام ومن الداخل سخام " وربما يقف شاب او فتاة امام منزلهم او مكتبهم ايقظها صوت الضمير الوطني المخبأ في رغيف الخبز الذي تبحث عنه هاربة من زحمة الوحدة والانعزال تحمل شهادتها بيدها وبعد انتظار لساعات تجده يتولول ويتهرب من المسؤولية ويتذمر ويشكي اكثر من شكواها فتضحك الفتاة والشاب لدرجة ان عيناها دمعتا وهي تقول ان النتيجة الى الان تعادل وتحتاج الى مزيد من الجولات والوقت حتى تأتي الانتخابات ويكون هو بحاجتي ليأتي مهرولاً الى منزلنا ليخبرنا ان الفرج قريب فبصوتكم نحقق المستحيل ونبني مستقبل الاجيال ولقد عصب رأسه بمنديله ليخفي حقد فكره المخزون في عقله ويقول لكبار اصحاب البيت الله يرحم ايام زمان لقد كان لابائنا وابائكم صولات وجولات ومواقف وجلسات اصحاب حكم وقيم واخلاق ومباديء وهو بعيداً كل البعد عنها .
نعم الف رحمة على ايام زمان وعلى رجال ايام زمان اصحاب المواقف الرجولية والوطنية اصحاب المباديء والمواقف والقيم والاخلاق تلك الايام هي التي غرست في نفوسنا انقى العبارات واسمى المواقف النبيلة واقول ماذا يبقى من هؤلاء الديناصورات الكرتونية الذين نتسابق في تقديم المواقف لهم والابتسامة العريضة لهم لو جردناهم من امتيازاتهم وماذا سيبقى لهم من مكانتهم ووظيفتهم التي يستر بها جهله وتقاعسه وخذلانه لاقربائه ومجتمعه وراء مصالحه ونسي الاخلاق والقيم والمباديء فلقد ظنوا انفسهم عباقرة زمانهم باسلوبهم المراوغ وعلى مكاتبهم الجرداء التي تئن بأكاذيبهم ويكاد الكرسي ان يلفظهم لثقل دمهم وطباعهم وغلاظة مخهم وجفاء عبقريتهم فلقد اصبحوا مكشوفين سواء لاصحاب القرار وحتى لابناء المجتمع الصغير منهم قبل الكبير .
اقول لصاحب القرار ان هؤلاء هم الذين قصروا بحق الوطن وبحق ابناء المجتمع والمجتمع وبحق اهلهم يجلسون وراء طاولات تراكمت عليها الاستدعاءات والاوراق التي تحمل وعوداتهم المبنية والمرتبطة بمصالحهم فهم ينصبون انفسهم زعماء ليفرضوا ما يريدون ولا تراهم الان مع وعي الشباب والكبار والصغار الا وهم في ساحة ضيقة ملآى بالعفن يستجدي الصوت ويدفع ما لديه ليحافظ على مكانته .
ان الوطن بحاجة لمقبرة خاصة لامثالهم والتي لن تقدر على هضمهم في حفرها فهم سماسرة الوطن ارجوكم لا تسألوا عن اسم واحد منهم فهم كثر في هذا المجتمع والذين لم ولن يقدموا للوطن شيئاً بل قدموا لأنفسهم الشيء الكثير ... انها فشة خلق لأولئك المقصرين بحق مجتمعهم ووطنهم الذي لم يقصر معهم يوماً وجعل منهم اصحاب مقامات وسلطات وتسميات .
hashemmajali_56@yahoo.com