سرايا -  لقد هزمت امريكا في فيتنام وكذلك في الصومال ليس بسبب قوة المقاومة العسكرية في كلاهما ولا لما يمتلكون من اسلحة حديثة او متطورة لا بل الذي هزم امريكا هو الصور التي هزت ضمير الشعوب من الداخل بما فيهم الشعب الامريكي ففي فيتنام كان هناك ما لا يقل عن 700 مصور فوتوغرافي وتلفزيوني وصحفيين نقلوا الى العالم والى منازل الامريكان بشاعة المآسي التي ارتكبت بحق الشعب الفيتنامي ومن بين هذه الصور صورة لطفلة فيتنامية تجري وتصرخ بعد ان حرقت بقنابل النابلم وجسدها عاري وجلدها مسلوخ فلقد ابكت ملايين الامريكان وبسببها خرجت المظاهرات تلو المظاهرات في الشوارع مطالبة بانهاء الحرب اما في الصومال فلقد اضطر البيت الابيض لسحب الجيش الامريكي بعد ان ثار الشعب الامريكي لصور التقطت لمجموعة من الشبان الصوماليين وهم يسحبون جثة جندي امريكي ويمثلون بها في الشارع وحتى الكيان الصهيوني ( اسرائيل ) التي تستثمر وتستجدي العالم دائماً بصور اليهود في معسكرات هتلر نجد انها تتهرب خجلاً من صور اطفال الحجارة والمجازر التي ارتكبتها مثل مجزرة شاتيلا ومجزرة قانا وما كان لهما من تأثير على الرأي العالمي عند كثير من شعوب الدول . 
كذلك الامر عند احتلال امريكا للعراق فأشد ازمة واجهتها هي ازمة تسريب صور تعذيب المعتقلين العراقيين في السجون ونشرها عالمياً كذلك صور سجن ابو غريب حيث ان المنتج الامريكي ايريك مانسون والذي شهد له بمعارضته للحرب قام بتوزيع ما لا يقل عن 200 كاميرة فيديوعلى شباب واطفال العراق لتصوير معاناة الناس في كل مكان وبعدها قام بتجميع ما بها من مادة فلمية اخرجها فلماً وثائقياً هز مشاعر الشعب الامريكي وقلب تأييدهم لبوش ولسياسته .
اما في الشأن السوري فكلنا على يقين وقناعة ان النظام يلفظ انفاسه الاخيرة ليس فقط بسبب دعاء الارامل والشيوخ واليتامى عليه بل بسبب ما يمتلكه الشباب من وسائل تصوير اعلامي مختلفة ( موبايل ، كاميرات فيديو ، ... وغيرها ) قامت بتوثيق مجازر النظام وبثها للعالم الذي اصبح بوابته مفتوحة للجميع عبر مواقع الانترنت وغيرها فلقد تم فضح جرائم ومجازر النظام لحظة وقوعها في الغوطه الشرقية وما ان ظهر ضوء الصباح حتى كانت صور الاطفال والشيوخ والمواطنين المختنقين بغاز السارين قد بثت للعالم أجمع هذا وبدون شك يختلف عن مجزرة حماة التي ارتكبها حافظ الاسد عام 1982 ولم يسمع بها أحد وتمت التغطية عليها اعلامياً بسبب عدم توفر اي وسائل اعلامية تبث مباشرة كما هو الحال الان ، كذلك ما قام به النظام من حرق للجوامع وتدميرها والتنكيل بالنساء وبالجثث وطرق تعذيب المعارضة البشعة فلم يعد للتعتيم اي مجال بسبب صور كاميرات الجوال وتقنيات التواصل الاجتماعي لقد كان النظام مخطيء بسبب ارتكابه مجازر الغوطة الشرقية بالاسلحة الكيماوية والغاز الذي سبب ما شاهدناه مما اعطى سبباً رئيسياً لتحريك الرأي العام العالمي وسبب يدعو الدول الكبرى للتدخل عسكرياً .
نعم انني على قناعة تامة بأن اقوى سلاح واجه النظام السوري هو صور الضحايا سواء اطفال او شباب او شيوخ واستخدامه للمواد الكيماوية السامة والتي ألبَّت العالم عليه لأن الصور والافلام التي تم بثها لها قدرة ذاتية على تغيير القناعات البشرية كما فعلت ذلك في اكثر من حرب وصراع .

hashemmajali_56@yahoo.com