حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,26 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 76309

نظرية الشك والمعرفة بين الإمام الغزالي وديكارت

نظرية الشك والمعرفة بين الإمام الغزالي وديكارت

نظرية الشك والمعرفة بين الإمام الغزالي وديكارت

29-07-2013 10:49 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد أمين غالية
الإمام الغزالي هو أحد أكبر علماء الأمة الإسلامية على مر التاريخ الإسلامي وهو حجة الإسلام بلا منازع لما له من قوة برهان وتفكر في النظريات والقوانين العقلية، ورسوخ قدم في شتى مجالات العلوم الشرعية، فترك بصمة واضحة في قلوب أصحاب الزهد والعبادة والتصوف، ولا يستغنى عن آراءه في عند علماء الأصول، كما شغل عقول الفلاسفة وأهل الكلام والمعقولات بقوة محاججته حتى وضع له قدماً راسخة في ساحة الفلسفة بشرح نظريات أهلها تارة وبرد آراءهم تارة أخرى.
غير أن ميدان الفلسفة الذي اشتهر به الإمام الغزالي ميدان فسيح والغوص في لجج بحاره يثير تساؤلات عميقة لم يكن لإمام المتكلمين في عصره أن يغيب عنها... فظهرت الإشكالية التي عرفت عن الإمام الغزالي بظاهرة الشك..
وقد عرف عند الفلاسفة قديما وحديثاً مذهبان للشك الأول هو الشك المذهبي أي الشك لغرض الشك وليس للوصول إلى الحقيقة وهو مذهب السفسطائيين والغوغائيين والثاني هو الشك المنهجي وهو عدم تقبل النظريات والتسليم لها حتى يتم فحصها وتمحيصها وفق القوانين الخاصة بكل علم.
وعندما كان أول المهام النظر، ظهرت الإشكالية عند الإمام الغزالي حيث بدأ بفحص الحقيقة والوجود عن طريق النظر في الأدوات الموصلة إلى إثباتها بداية وفق قاعدة الشك المنهجي.
فوجد أن الإنسان إنما يصل إلى معرفة الأشياء بطريقين الأولى عن طريق الحس، والثاني بالعقل والتفكر.
وأفضى به النظر بالطريقة الأولى إلى عدم إمكانية الثقة في الحواس لنقل المعلومة الصحيحة من المعلوم إلى المجهول ثم العودة إلى المعلوم للوصول إلى معرفة صحيحة حيث أن الحواس غير معصومة عن الخطأ فمن الممكن أن يتوهم الإنسان رؤية شيء كالسراب أو سماع شيء وهو غير موجود فيبني معرفة على ما شاهد أو سمع ويتوصل إلى نتائج مغلوطة.
كما رأى أيضاً عدم إمكانية الثقة في العقل بشكل تام لأن العقل قد يصور أموراً وأفكاراً ويعكسها كردات فعل على الجسم وما هي إلا أوهام وأحلام.. ومثال ذلك الرؤيا في المنام حيث يصورها العقل على أنها حقيقة واقعة.. وهي لا تعدو أن تكون محض خيال..
فوقع الإمام الغزالي في حيرته المعروفة واعتزاله عن عالمه ولم يجد تفسيراً أو حلاً يمكنه من الخروج من محنته، حتى عكف على عبادته وأوراده ثم عاد إلى سابق عهده مفسراً سبب خروجه من إشكاله بنور قذفه الله في قلبه أعاد له الثقة بأحكام الحواس والعقل...
وقد ظلت هذه الإشكالية متكررة على مر العصور وتجدد الدهور إلى أن جاء الفيلسوف .. ديكارت الذي يعد بحق أبو الفلسفة الحديثة صاحب النظرية الأشهر "أنا أشك إذا أنا موجود" استطاع بمقولته أن يبني على ما بدأه الإمام الغزالي وأن يحل الإشكالية التي مر بها وأن يعيد الثقة بالعقل والحواس.. وأن يوضح مفهوم الشك المنهجي العلمي..
ولم يبتعد ديكارت كثيراً عما كان يشغل الإمام الغزالي فهو أيضاً اعتبر أنه لا يمكن الثقة المطلقة بحكم الحواس أو العقل، كما أنه تابع الإمام الغزالي باعترافه أن من مصادر الاطمئنان إلى العلم هو البداهة أي التصور الذي يتولد في نفس سليمة منتبهة عن مجرد الأنوار العقلية.
أما الطريقة الثانية التي اعتمدها فهي طريقة الاستنباط: أي العملية العقلية التي تنقلنا من الفكرة البديهية إلى نتيجة أخرى تصدر عنها بالضرورة.
وبالتالي فإنه لا يوجد سوى حقيقة بديهية أولى وهي الشك فطالما أنني أشك إذا أنا موجود فإذا وجد الشك في وجود الأشياء وحكم الحواس والعقل عليها فلا بد إذاً من وجود ذات تمارس عملية الشك وهي الحقيقة الأولى التي لا يمكن إنكارها أو الحياد عنها.. فإن الشك في الشك يعيدنا إلى الدور مهما طال،، وطالما أن هناك ذاتاً فلا بد أن هذه الذات موجودة ولا بد للموجود من موجد وهذا الموجد لا بد أن يتمتع بصفات علية قادرة على الإيجاد... إلى آخر نظريته، حتى قال "كلما شككت ازددت تفكيرا فازددت يقينا بوجودي".
فاستطاع ديكارت أن يطور نظرية الإمام الغزالي وأن يجعل منها سبباً لحصول اليقين وإثبات الوجود بلاً من أن تكون سبباً للشك والاضطراب.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 76309
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم