01-07-2013 03:37 PM
سرايا - ذُكر ان الناس في زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) جاؤوا اليه وقالوا :
نشتكي اليك غلاء اللحمة فسعره لنا فقال لهم ارخصوه انتم فقالوا نحن نشتكي اليك غلاء سعر اللحمة عند الجزارين ونحن اصحاب حاجة فتقول لنا : ارخصوه انتم وهل نحن نملكه حتى نرخصه وكيف نرخصه وهو ليس في ايدينا فقال قولته الرائعة ... اتركوه لهم .
وتذكُر كتب التاريخ انه قيل لابراهيم بن ادهم ان اللحم قد غلا !! فقال ارخصوه اي لا تشتروه حيث قال في ذلك واذا غلا شيء علي تركته .
فيكون أرخص ما يكون إذا غلا .
ان عمر رضي الله عنه يرسم لنا نظرية اقتصادية بسيطه لكنها عظيمة الاثر كبيرة النفع وهي الموازنه بين الطلب والعرض فمن المعلوم انه عندما تحدث زيادة في الطلب على سلعة ما فإن الاسعار ترتفع تبعاً لذلك مما يؤدي الى تراجع الناس عن الشراء فيحدث توازن بين الطلب والعرض فزيادة الاسعار على السلعة ادى الى خفض زيادة الطلب وبالعكس اذا كان الطلب اقل من العرض فإن الباعة يتوجهون الى خفض اسعارهم عندئذ تختفي زيادة العرض .
فهل نعمل بوصية عمر رضي الله عنه للتغلب على رفع الاسعار الذي احرق اموال الكثيرين من المواطنين محدودي الدخل لا اقول ان نتخلى عن بعض السلع الحيوية كاللحم بل ان قائمتنا الرمضانية تحوي الكثير من البذخ الذي يثقل كواهل الجيوب وبقليل من العزم والارادة والتفكير السليم خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة على كافة المواطنين وحتى نضع حداً للتجار الجشعين والاستغلال الذي يتعرض له المواطن خاصة في شهر رمضان المبارك نستطيع حسن الاختيار وتوفير الكثير من الاموال خاصة اننا نلاحظ ان هناك فائض كبير من الاطعمة يذهب هدراً عند الكثيرين ، بل ان علي بن ابي طالب رضي الله عنه يطرح علينا نظرية اخرى في مكافحة الغلاء وهي ارخاص السلعة وليس ابدالها او الاستغناء عنها بسلعة اخرى .
ولقد جاء في تاريخ يحيى بن معين ان زرين بن الاعرج قال غلا علينا الزبيب في مكة فكتبنا الى علي بن ابي طالب بالكوفة ان الزبيب قد غلى علينا فكتب علي لهم ان ارخصوه بالتمر اي استبدلوه بشراء التمر الذي كان متوفراً في الحجاز واسعاره رخيصة وبذلك يقل الطلب على الزبيب فيرخص وان لم يرخص الزبيب فالتمر خير بديل .
والقاصي والداني يعرف ماذا حصل لبعض البضائع الدنماركية عندما قاطعها الناس واستبدلوها بسلع اخرى كيف تهاوت اسعارها بشكل كبير حتى وصلت الى اقل من النصف وكانت رسالة واضحة عن قدرة الناس على مواجهة الاستغلال والاحتكار والتحدي السياسي والديني .
فهل نبادر الى تغيير سياستنا في ادارة احوالنا بمواجهة التحديات التي تصبحنا وتمسينا .
وهل نستطيع التغلب على ذاتنا في نبذ العشوائية والفوضوية والسطحية في التعامل مع ما يواجهنا من تحديات ومشكلات وهل نؤمن ونوقن ان النعم لا تدوم .
واللبيب من الاشارة يفهم .
والمتابع لاصوات العديد من التجار عبر وسائل الاعلام المختلفة ومن يؤيدهم من المعنيين انهم يستنكرون على المواطنين الشكوى والرفض لحالة الغلاء الغير طبيعي والغير مبرر مهما تنوعت الاعذار خاصة في شهر رمضان الفضيل .
اننا كمواطنين لا نشكك بوطنيتهم لان ذلك ليس من حقنا خاصة وان الامر لا يتطلب موقفاً وطنياً اتجاه ذلك اي انه ليس هناك ازمة حقيقية تستحق ان نرتقي بحوارنا او مواقفنا لهذا البعد من المفردات لكن الامر المتوقع من المتابعين هو التشكيك في انسانية بعض تجارنا حيث انهم للاسف تعاملوا مع موجة الغلاء العالمية بطريقة مبالغ فيها ولم يراعوا حال واقع الحال للمواطن الاردني خاصة في الظرف الحالي ولتدني دخل الموظف والمواطن في آن واحد ولكثرة الطلب على السلع في الشهر الفضيل وهل في زيادة الاسعار واخفاء وتخزين المواد الاساسية بعد انساني ام هو جشع وطمع من تجار اعتادوا الربح المضاعف خاصة بمثل هذه الظروف وبهذا الشهر الفضيل .
ومن حق الاعلام ان يستشير انسانيتكم ويحرك الساكن منها لنصل معكم ومع الجهات الرقابية الحكومية والجهات المعنية في كلا القطاعين الحكومي والخاص الى افضل المستويات في التعامل وان لا تمتلئ جيوب وتفتقر جيوب اخرى .
كذلك اين دور اتحاد الجمعيات الخيرية في التحضير والترتيب مع فروعها بالمحافظات لتقديم ما يمكن تقديمه ودعم الجمعيات في كافة مناطق المملكة واين دور الصناديق الوطنية المختلفة في وضع استراتيجيات لمحاربة الحاجة في هذا الشهر الفضيل على الاقل .
وهل ستتنازل الجهات المعنية من التخفيف من البذخ الغير مبرر في اقامة الولائم والموائد التي فيها ما لذ وطاب من الطعام والشراب والحلويات هنا وهناك للمسؤولين الذين هم ليسوا بحاجة لمثل هذه الولائم وفي ظل ظروف صعبة على المواطنين ولو قامت احدى الجهات المعنية بالدراسات والاحصاءات بحساب كلفة موائد البذخ والسرف والترف في هذا الشهر الفضيل التي تقيمها الجهات الحكومية لوجدنا انها تقدر بالملايين التي بالامكان استغلالها بما ينفع من ان تملأ بطون المتنفذين والمسؤولين المكتفين بالاضافة لما يواجهة الوطن من تحديات كبيرة من كافة النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمالية .
كذلك ما تقوم به الشركات الكبرى من الخيم الرمضانية على جوانب الطرقات والتي اصبح يرتادها المكتفين وليس المحتاجين فلماذا لا تكون مثل هذه الخيم الرمضانية في مختلف المناطق النائية في المحافظات خاصة ان هناك شركات متخصصة في تزويد هذه الخيم اينما كانت بوجبات جاهزة او بالتعاون مع القوات المسلحة الاردنية القادرة على تقديم مثل هذه الخدمة ونكون بذلك حققنا الهدف والغاية بالطريقة الصحيحة .
ومن جانب آخر استرجعت شركة من شركات اللحوم في الولايات المتحدة 65 مليون كيلو غرام من اللحم المفروم الذي سبق وان وزعته بعدما كشفت جمعية من جمعيات حقوق الانسان عن فيديو اثبتت فيه ان الابقار التي ذبحت وصنع منها اللحم المفروم سيقت الى المجزرة بواسطة رافعات شوكية اي انها لم تكن قادرة على المشي مما استنتج معه انها كانت مصابة بجنون البقر أو مرض آخر والتي قدرت ثمنها ب ( 170 ) مليون دولار ، والسؤال الذي يفرض نفسه فرضاً هنا وهو لو حدث شيء من هذا القبيل عندنا هل ستقوم الجمعيات المعنية بحقوق الانسان او جمعية حماية المستهلك بالتصدي لذلك اذا ثبت انها غير صالحة للاستهلاك البشري الجواب بالنفي والشواهد على ذلك كثيرة اهمها شحنة القمح التي ثبت بالوجه القطعي عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري لوجود فئران وحشرات في احدى الشحنات والتي تم ادخالها بشكل او بأخر متجاوزين كل النداءات الرسمية والغير رسمية والتي اصبحت الان في بطون المواطنين وتدعي العدالة وحقوق المواطن وغيرها من الشعارات الرنانة .