حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,7 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 28334

المحامي الدكتور محمد ابو هزيم يكتب .. التحديات الاقتصادية بين الواقع و القانون .. !

المحامي الدكتور محمد ابو هزيم يكتب .. التحديات الاقتصادية بين الواقع و القانون .. !

المحامي الدكتور محمد ابو هزيم يكتب  ..  التحديات الاقتصادية بين الواقع و القانون .. !

18-05-2013 10:35 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - - أجزم بأن أي فريق إقتصادي في أي منظومة من دول العالم أصبح هاجسه هو البحث عن السبل الكفيلة للتخفيف من هول البطالة و الفقر , هذا الخلل البنيوي الذي أصبح ينخر المجتمعات في العالم أجمع و بالخصوص في دول منظومة العالم الثالث بسبب الأزمات الإقتصادية العالمية و إرتفاع الأسعار , و ربما أيضا لأسباب سياسية كثيرة أدت بالنتيجة إلى عدم الإستقرار الأمني و الإقتصادي و السياسي و الإجتماعي , خلفت من وراءها جيشا من العاطلين عن العمل الذي هو بالنتيجة أحد أسباب الفقر و الخلل الإجتماعي.

نعم إن الحديث عن أي خلل في المجتمع لم يعد مقبولا إن لم تصاحبه إقتراحات و إجتهادات للوصول إلى حلول تزيد من حالة الوعي التكويني لكل أفراد المجتمع للوصول إلى نتائج و بدائل تساهم في بناء رافعة للوطن , فالعمل الجماعي إن لم يكن هاجسه هو حسن النية فإن عوامل نجاحه قليلة , و لعل أحد هذه الحلول أو الإقتراحات هو زيادة الإنتاجية بطريقة عملية و متطورة أساسها التعليم و التدريب.

لذلك يبقى السؤال الذي يبحث عن جواب هو كيف يمكن لكل دولة أن تطور و تزيد في كمية و انتاجية اليد العاملة لمصلحة الإقتصاد الوطني , ففي دولة مثل المملكة الأردنية الهاشمية تشكل نسبة المتعلمين نسبة عالية جدا إذا ما قورنت مع مجموعة دول العالم الثالث الذي تنتمي إليها هذه الدولة , و مع ذلك فإن التعليم الأكاديمي لا يكفي لتعزيز و زيادة الإنتاجية بل لابد من تطوير المهارات و زيادتها للعاملين من الرجال و النساء.
الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها أن الإقتصاد الأردني يعاني من تدني الإنتاجية و تراجع تنافسية مختلف القطاعات الإقتصادية , علما بأن قياس الإنتاجية يتم حسابه إما على أساس كل عوامل الإنتاج مجتمعة أو على أساس إنتاجية العمال و هي الناتج للوحدة من انتاج العمال و يقاس ذلك إما بعدد العاملين أو بعد ساعات العمل.

و يمكن كذلك تناول الإنتاجية من منظور نقدي فإذا ارتفع الثمن المتقاضى لقاء ناتج ما دون زيادة في تكلفة عوامل الإنتاج , فإن ذلك يعتبر زيادة في الإنتاجية , و هذا ما تسعى إليه كافة إقتصادات العالم الحر.

لقد اصبحت زيادة الإنتاجية و تعظيمها هو الهدف الرئيسي الذي تسعى إليه كافة الدول خاصة الدول قليلة الموارد و التي لا يوجد لديها اقتصاد هيكلي مثل البترول و الغاز و المعادن الثمينة كالذهب و الفضة و النحاس و الفوسفات في مرحلة لاحقة , لذلك فإن السعي من منظور العمل اللائق تطوير المهارات العمالية التي من شأنها في آن واحد أن تزيد في كمية و انتاجية اليد العاملة المستخدمة في البناء الإقتصادي.

نعم إن من شأن تطوير المهارات القابلة للإستخدام بالتدريب العملي و تنمية الموارد البشرية و الوصول إلى إنتاجية متقدمة و التي بدورها تعتبر أحد الأسس لتحسين مستويات المعيشة و زيادة النمو في الناتج العمالي , و مما يعني زيادة فرص العمل اللائقة الأمر الذي يعني التخفيف من هول البطالة هذا الخلل البنيوي الذي أصبح ينخر أغلبية دول العالم و العالم الثالث بالخصوص.

إن أهم أسس زيادة الإنتاجية و زيادة النمو الإقتصادي تكمن في البحث عن الوسائل التي تؤسس بين احتياجات سوق العمل و التنسيق مع مخرجات التعليم و التركيز على فكرة ربط التعليم بالتدريب التقني و دخول سوق العمل بالتعلم في مكان العمل و التعلم المتواصل , و التجربة الموجودة حاليا في المملكة المغربية تؤسس لمثل هذه الحالة.
نعم إن إستدامة الإنتاجية و تطوير المهارات الفنية و العملية من شأنه أن يؤدي إلى مخرجات مهمة يتم ترجمتها بإنتاج فرص عمل كثيرة للعمال المهرة , خاصة ذات التحدي الكبير لكافة دول العالم الثالث و الدول العربية بالخصوص بإستثناء دول الخليج البترولية , هو هذا الهول الكبير من العاطلين عن العمل.
إن من شأن هذه الدول أن تبقى في حالة إستجداء للحصول على المعونات , و هذا ما يترك أثرا سلبيا على خياراتها السياسية و هو أحد التحديات الكبيرة التي تواجه المملكة الأردنية الهاشمية , نقولها بكل صراحة و صدق فلم يعد الأمر خافيا على أحد إلا من أراد التقصد بالجهل و عدم المعرفة لواقع الحال و ما وصلنا إليه بعد أن أصبحت المديونية حوالي عشرين مليار دولار , إلا شاهدا على ذلك.
إن كل هذه الأسباب مجتمعة و منفردة و أسباب أخرى أدت إلى تدني تنافسية الإقتصاد الأردني بالإضافة إلى كثير من المسائل أولها ثقافة العيب المغروسة في المجتمع الأردني رغم أننا ساهمنا كثيرا في تطوير مهارات العمالة الوافدة سواء بطريقة مقصودة , أو غير مقصودة , مما يستوجب تعريف و إعادة بناء جديدة لمفهوم العمل و هذا ما يتطلب إيجاد منظومة متطورة من التشريعات الإقتصادية و تعديلها لتصبح مسايرة لواقع المجتمع و التطورات التي طرأت مؤخرا و التسارع التكنولوجي و بناء إعلامي حقيقي يصاحب هذه المرحلة من التحديات الكبيرة التي تتطلب تعاون كل شرفاء الوطن من أجل هذا البناء المهم.
لذلك لابد من إعادة الإعتبار لمؤسسات الدولة التي فسد منها الكثير إما بالفساد المالي أو بالتعيينات التي كانت عبارة عن تنفيع لأشخاص و أبناء المسؤولين و من والاهم بحيث كانت فاقدة لكل مشروعية أو كفاءة , نعم لقد كانت العشر سنوات السابقة من (عصر الديجتال ) وبالا على هذا الوطن الذي لابد من إعادة الإعتبار إليه بإيجاد نخبة سياسية لديها انتماء حقيقي بالعمل و البناء و ليس بالقياس على مصالحها الشخصية.
إن أهم التشريعات التي تستوجب التعديل هي منظومة التشريعات المتعلقة بالإستثمار و تشجيع الإستثمار و الإستفادة من تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال , ففي تونس حيث يتعامل المستثمر في (شباك واحد فقط) بمعنى أنه لا يذهب إلا إلى جهة واحدة و خلال مدة قصيرة يستطيع أن يأخذ كافة الموافقات لكن وفق ضوابط قانونية تحفظ حقوق الدولة و المجتمع.
فعلى سبيل المثال قد تقدم الدولة أرضا لإقامة مصنع ما لكنها لا تسجل الأرض إلا في حالة مباشرة المصنع بالعمل الفعلي وتشغيل عدد محدد على الأقل من العمالة الوطنية و بأموال استثمارية حولت بطريقة قانونية من الخارج و ليس بأموال المواطنين , و هذه حقيقة تكشف كيف أن من أطلق عليهم مستثمرين حضروا إلى البلد و قاموا بالإستثمار و المتاجرة بأموال الأردنيين عن طريق إنشاء شركات مساهمة حققت كثيرا من الأرباح على حساب الأردنيين بوسائل و طرق قانونية لكنها في الحقيقة وسائل إحتيالية غذاها بعض من رجال الأعمال الأردنيين و الفاسدين من المسؤولين الذين تولى بعض منهم الصف الأول من المسؤولية.
آخر الكلام...
نعم إن الإستثمارات الحقيقية هي التي تساهم فعلا في زيادة التنافسية و في إيجاد فرص عمل لأبناء الوطن وبالتالي التخفيف من هول البطالة و الفقر هذا الخلل البنيوي الذي أصبح يهدد مجتمعنا , مما يؤثر على استقرارنا و أمننا الإقتصادي و الإجتماعي و السياسي , و بالتالي فإن الحديث عن أي خلل في المجتمع لم يعد مقبولا إن لم تصاحبه إقتراحات و إجتهادات للوصول إلى حلول و نتائج , أما عصر الشعارات البراقة و المهاترات فقد ولى و لن يعود بعد اليوم , بعد أن أصبح هناك حالة من الوعي التكويني و بسقف عال من الحرية.
محام و أكاديمي
Drmabuhazim@yahoo.com








طباعة
  • المشاهدات: 28334

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم