12-05-2013 10:25 AM
سرايا - الفساد من القضايا التي تنخر في قوام الدولة وتصيب مفاصلها بالشلل وتحول بين الدولة وبين التطور والنمو بكل اشكاله سواء كان اقتصاديا او سياسياً او ماليا ًفهو يكرس الفشل ويغذي التخلف ويهدر مقدرات الوطن ، وفي اجتماع سابق لجلالة الملك مع رؤوساء السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ذكر ان المواطن قد مل من شعارات مكافحة الفساد واكد على اهمية وضرورة تحويل كل ملفات شبهات الفساد للقضاء مؤكداً انه لا حصانة لأحد وهو ما وصفه مسؤولون بأنه اشارة البدء بحرب شاملة وطاحنة لمكافحة الفساد في الاردن تشمل القريب والبعيد والغريب والحسيب وبين الادانة والتبرئة ابتدأ المشوار .
فاستفنرت هيئة مكافحة الفساد والمحاكم بالتالي للنظر في قضايا شبهات الفساد شاملة كبار المسؤولين ورؤساء الحكومات ووزراء وكبار رجال الاجهزة الامنية ومستثمرين وأمين امانة عمان ورجال اعمال وملفات لمنطقة العقبة الاقتصادية ومشروع العبدلي ومشروع سرايا والفوسفات وغيرها الكثير حيث ابتدأ المشوار في التحقيق بهذه القضايا وخرجت الحراكات في جميع محافظات المملكة كولادة حركة احتجاجية لا يقنعها إلا رؤية الفاسدين خلف القضبان ومطالبين بالاصلاحات الكل يعمل من أجل انارة النفق المظلم ولو بشمعة أمل .
قال تعالى " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ( 41 ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين ( 42 ) " .
ظهر الفساد يعني انقطاع المطر عن البر الذي يعقبه القحط ونقصان الزروع والثمر .. بسبب المعاصي ومن عصى الله في الارض فقد افسد في الارض لان صلاح الارض والسماء بالطاعة لرب العالمين قبل كل شيء .
وكثيراً ما يستعصي علينا فهم المعنى المقصود لابيات شعرية ينظمها الشعراء حينها نقول ان المعنى في بطن الشاعر وقد كان هذا حالنا حين قرأنا ما نظمه الشاعر الكبير ابو العتاهية من ابيات في قصيدته التي جاء فيها :
بكيت على الشباب بدمع عيني فلم يغن البكاء ولا النحيب
فيا ليت الشباب يعود يوماً فأخبره بما فعل المشيب
فماذا كان الشاعر يقصد بالشباب هنا أكان يقصد به تمام الصحة وعنفوانها ام قوة الارادة والبدن وافكاره الشاطحة ام ماذا .
ولان تمني الشاعر عودة المرحلة الشبابية ببكائه عليها بدمع العين فقد تكون لكل هذه الاسباب الا ان ما هو مؤكد هو ان الشاعر ربما يقصد شيئاَ آخراً لم يرق لفهمنا ولم تلحظه ثقافتنا ولم تمارسه عاداتنا وتقاليدنا اي ان المعنى الخفي لهذه الابيات حقاً هو المعنى الدفين في بطن الشاعر .
ونعتذر من الشاعر ان اقتبسنا منه روح نص بيت الشعر الذي يتمنى فيه عودة الشباب بأن أنظم بيتاً من الشعر مشابهاً له وهو :
ليت الفساد يعود يوماً .... لاخبره ماذا فعلنا بغيابه
والمعنى واضح وضوح الشمس لا يحتمل الخفاء ولا التأويل .
فكل الحروب التي شنت على الفاسدين وضحايا البورصات الوهمية وغيرها لم تحقق ما كان يصبو او يشفي غليل الشعب ولم تعود تلك الاموال لتعزيز رصيد ميزانية الدولة ومن هرب هرب ومن سجن لفترة قصيرة كان لامتصاص غضب الشارع ومنهم من تحسنت صحته بالسجن اكثر والفاسدين الرئيسين لا يزالون يصولون ويجولون ومنهم من يحمل اكثر من جواز سفر اما لديه جنسيه امريكية او بريطانية وغيرها وملفات اغلقت وانشغلت الحكومة ومجلس النواب والاعيان والشعب بذلك انبلشنا وانشغلنا وتعطلت كل الاعمال وتوقف الاستثمار واغلقت الطرقات بالحراكات والوزارات انشغلت بتصوير الملفات والتحقيقات ومرت القصة والحكاية ولا نتيجة تشفي غليل الصدور فهذا يعني ان كان هناك من قد اتهم الفاسدين في السابق ناعتاً اياهم بفريق الديجتل وهم الذين دمروا وضربوا البلد فاني اقول اهلاً وسهلاً ومرحباً بهم ولعودتهم فلقد تحقق في فترتهم الامن والامان والطمأنينه ولا عجز بالميزانية ولا زيادة بالاسعار ولا ... ولا ... وكان الخطأ الرئيسي بالإدارة المشرفة على ادائهم والتي اعطتهم وفوضتهم كامل الصلاحيات للعبث والسلب والنهب ولعدم وجود جهات رقابية حقيقية عليهم ولم يتم تقييم الاداء مع نسب الانجاز مما ادى الى ما ادى اليه من فساد مالي واداري .
لقد كانت حرية الرأي والتعبير سقفها أعلى ( حيث كان هناك من ينتقد الاداء بقوة وبحس وطني ) وكان في الاقتصاد قوة وكان هناك وفر بالاحتياط النقدي وزيادة في الانتاج وعلاقات خارجية دولية قوية ومؤثرة وتنامي في معدلات السياحة وليس هناك حراكات مبرمجة ولا ممنهجة ولا ذات اجندات خاصة وشعارات وهتافات عالية السقوف ومصاريف لتوزيع العصائر والمياه كل ذلك كان بتكاليف باهظة على ميزانية واقتصاد الدولة اذا ما أخذنا بعين الاعتبار تعطيل عمل المحلات التجارية وغالبية الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية والتكاليف المالية المترتبة على مصاريف الاجهزة الامنية لضبط الامن والاستقرار وملاحقة العابثين والمستغلين لتلك الاوضاع ولو صرفت تلك المبالغ على مشاريع تنموية واستثمارية لتحققت نتائج ايجابية وقللت من نسبة الفقر والبطالة .
فليت الفساد يعود يوماً ... لما شاهدنا الذي نشاهده بالدول المجاورة من حروب وصدامات وصراعات نزاعات القوى السياسية على المناصب وتدهور احوال الدول اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وارتفاع معدلات الجريمة مع الاخلال بالامن والامان مما سبب دمار في دمار تحت شعار محاربة الفساد والمطالبة بالاصلاح .
لغياب العقلانية والطريق الصحيح للاصلاح ولغياب الفهم المشترك للقوى السياسية لوضع استراتيجية الادراة السليمة للدولة ولتبني الاسلوب الامثل لرفع سقف الحرية وتحقيق العدالة والمساواة علمياً ومنهجياً واجتثاث جذور الفساد بالتطوير والشفافية والرقابة المحكمة عند انصاف العاملين ورفع مستوى انتمائهم وعدم الجور على رواتبهم وانصافهم ليعيشوا حياة كريمة .
ليت الفساد يعود يوماً ... ليدرك من وصفوه بذلك انه لم يكن بمستوى اسلوبهم الفوضوي وان التهرب من المشاركة في الاصلاح لاكبر دليل على منهجية اسلوب التعطيل والتدمير واللجوء الى شراء حلقات بالفضائيات لاثارة الشعب ونشر الفتن والتشجيع على الفوضى للاخلال بالامن ، فهل سيكون حال المشاريع التي صرح عنها دولة رئيس الوزراء بعشرات المليارات حال المشاريع السابقة التي ملأتها ايادي الفساد ام ستتغير منهجية وآلية العمل والتعامل معها وفق الاسس الصحيحة والسليمة وتحت الرقابة السليمة .