حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,6 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 66674

لينا جرادات تكتب : اربع ساعات من الغربة

لينا جرادات تكتب : اربع ساعات من الغربة

لينا جرادات تكتب : اربع ساعات من الغربة

06-05-2013 12:29 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - بعد شوق كبير لرائحة الوطن قررت مؤخراً سرقة بضعة أيام من بيتي وعملي وحزم أمتعتي والالتحاق بأول طائرة متجهة من مقر إقامتي إلى عمان الحبيبة الغالية استنشق اريج ربيع الوطن واستمتع بجماله.
بينما كنت في الطائرة خلال طريقي بصحبة طفلتي الصغيرة نايا التي رافقتني برحلتي السريعة كنت اراقب حركة الطائرة وموعد وصولها بشغف لحظة بلحظة ..كل ما كنت افكر به لحظة وصولي عمان استنشاق هواء الوطن العليل وامتاع بصري ببساطه الربيعي الاخضر ...
كلما اقتربت من عمان يزداد شوقي للوطن ..يزداد شوقي لوسط البلد وكشك ابو علي لابتاع منه حتى الكتب الموجودة في مكتبتي لأنها من رائحة كشكه العريق..اشتاق لسوق السكر والتجول بين دكاكينه العتيقه ...زاد شوقي لرائحة جوري وياسمين اربد ..واحتساء فنجان القهوة مع امي الغالية تحت شجرة العنب في فناء منزلنا..
ما أن حطت الطائرة في مطار عمان حتى بدأت أسارع خطاي لأنهي اجراءات وصولي والخروج من المطار الذي فاجئني بحداثته وفخامته ..بحثت في المطار الحديث المتطور عن وجوه قديمة تركتها قبل عام ونصف كانت تحيطنا بحفاوة الاستقبال الاردني الأصيل والترحيب لكنني لم أجد حتى مجرد وجوه ... همست لي سيدة انني لن اجد ما أبحث عنه لان ذلك لا يتماشى مع تطور المطار وتغير ادارته للفرنسيين.
بحثت في المطار "الفرنسي" أقصد الاردني المتطور عن جهاز هاتف عام بعد تعطل هاتفي النقال لأطمئن أقاربي على وصولي سالمة لكنني لم اجد من يرشدني الى طريقة الوصول الى هاتف إن وجد أصلاً ...
ذهبت إلى السوق الحرة التي بدت أكثر غنى بمحتوياتها عن السوق القديمة التي تركتها سابقاً ...فوجئت لأول مرة من جميع سفراتي انني عند ابتياع اي شيء في السوق لا بد من إظهار جواز سفري وتذكرتي للموظف المسؤول لأخذ بياناتي ..وتقييد ما ابتاعه ..احسست ان مشترياتي مراقبة لكنني لم اهتم للأمر ....كل ما كان يهمني هو الخروج الى أرض عمان واحتضان وطني الحبيب.

انتظرت الكثير من الوقت حتى وصلت أمتعتي .. كان هناك الكثيرين الذين ابدوا انزعاجهم من تأخر الامتعة .. قالت إحدى القادمات وهي منزعجة "يبدو ان تكنولوجيا مطار عمان الجديد تؤخر الامتعة" بينما برر احد الموظفين انه لا يوجد عدد كاف من الموظفين في المطار الجديد وان حزام الأمتعة يسير وفق نظام يراعي مساحة كافية بين أمتعة المسافرين مما يؤخرها..
بعد خروجي من مبنى المطار الحديث كان اول مستقبل لي احتضنته بشوق كبير... أمطار عمان الدافئة .. أدركت ان علاقتي الحميمية بالمطر الاردني وعشقي الأبدي له جعله يزور عمان في موعد وصولي..مازاد تفاؤلي بقضاء وقت جميل في وطني الغالي..
فتحت نافذة السيارة التي أقلتني من المطار رغم برودة الطقس لاستنشق هواء الاردن الغالي ولم أشعر وقتها إلا بدفىء نسماته وأمطاره ...كانت طريق المطار أكثر جمالاً بما اكتسته جانبيها بردائها الأخضر الذي زادته بهاء أمطار نيسان ..
ملوخية أمي وورق العنب وتشكيلتها من المحاشي التي طهتها لي كانت لها قصتها فهي الأكثر لذة بينما تنقر الأمطار شبابيك المنزل والتدفئة المشتعلة ..اجواء أمطار نيسان حفظتها في ذاكرتي لتبقى ذكرى جميلة في رحلتي القصيرة ...
عشت بالأيام القليلة التي قضيتها في الاردن بفصول الشتاء والربيع ويومها الاخير الصيفي لحظات رائعة...
ما ان وصلت مطار عمان "المتطور" للمغادرة حتى تلاشت تلك الصور الجميلة ..كان موعد اقلاع الطائرة في الساعة الخامسة والنصف مساءً ووصلت المطار في الرابعة والربع لم أجد على بابه شخص يساعدني على حمل الامتعة ..اتجهت الى الموظف المسؤول في خطوط الطيران التي ابتعت منها تذكرتي وهو ينهي إجراءات سفر سيدة سبقتني بثوان.. وما أن أنهى إجراءاتها حتى أبلغني بتجهم ودون أدنى اهتمام أن الطائرة التي بقي على إقلاعها مدة تزيد عن الساعة قد فاتني موعدها ..
نظرت اليه باستغراب دون أن يستجيب لاستفساراتي ماذا علي فعله الآن ..ليجيبني بعد فترة ان علي الحجز على خطوط اخرى ..بحثت في المطار الحديث عن مسؤول اشتكي اليه تعامل الموظف السيء .. لكني لم أجد
استطلعت بضعة العاملين القلائل في المطار عن اسم مسؤولهم دون أن اجد لسؤالي جوابا فلا احد منهم يعلم من هو الموظف المسؤول عنهم ...ادركت حينها ان غربتي بدأت منذ أن وصلت الى "المطار الفرنسي" المقام على الأرض الاردنية ..
استسلمت لخسارتي الرحلة كوني غريبة في "المطار الفرنسي" وحجزت على طائرة اخرى كان موعدها بعد ثلاث ساعات تجولت خلالها في أروقة المطار الغريب ...
بينما أتجول غريبة في المطار صادفتني سيدة مسنة شكت لي انزعاجها من مرافق المياه التي صممت وفق التصميم الاوروبي وتخلو من "المياه" دون مراعاة ان مستخدمين هذه المرافق من العرب والمسلمين حتى وان كان المطار "فرنسي"...
احد المسافرين كان مستاء من تخبط الموظفين القلائل في "المطار الفرنسي" وعدم المامهم بإجراءات وآليات السفر..
فتاة عشرينية شكت لي انها عند وصولها للسوق الحرة لابتياع الشوكولاته التي نصحتها احدى موظفات السوق بعرضها المغري تفاجئت عند مراجعتها الفاتورة انها ابتاعتها بدون عروض وبسعر يزيد عن أسعار السوق الخارجي...
من الشكاوي الاخرى التي وصلتني اثناء تجولي عدم وجود مياه شرب في سوق المطار اذ شكا رجل وزوجته من اضطرارهم لشراء عبوتين صغيرتين من المياه بمبلغ ثلاثة دنانير من أحد المقاهي المتواجدة هناك...
قالت لي بألم احدى السيدات التي تحمل صغيرتها وامتعتها وهي مرهقة دون ان تجد من يعينها انها تتمنى عودة المطار القديم عندما كانت تجد نشامى اردنيين لمساعدتها ..
اربع ساعات عشتها في المطار غريبة أكثر من اي مطار اجنبي زرته خلال سفراتي السابقة ...ادركت بعدها ان المطار لم يعد اردني وانما فرنسي لكن مع غياب مظهر التعامل الحضاري...








طباعة
  • المشاهدات: 66674

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم