05-03-2013 01:27 PM
سرايا -
الانسان بمحتواه الداخلي فكما اللغة بالقصد فهناك المنقول والمشترك والحقيقة والمجاز ويوضح فقه اللغة اصل الكلمة وعليه عندما تقول الآن الكعبة فيتبادر الى الذهن انها ذلك المكان في مكة المكرمة ولا أحد يتبادر الى ذهنه انها تعني شكلاً هندسياً ، وهكذا الاعمال فهي بالقصد فان قصد بها عمل كبير كان العمل كبيراً وان قصد بها عمل صغير او تافه فيكون العمل كذلك .
وقال شاعرنا الكبير المتنبي :
على قدر اهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
اليوم هبت رياح التغير في جميع انحاء الوطن العربي وانتهت ثورة تونس وسميت بثورة الكرامة او ثورة الاحرار او ثورة الياسمين وانتقلت الى مصر وخرج الشعب المصري الى الشارع كلمة واحدة ومن مصر الى اليمن وليبيا وسوريا حيث بدأت بمظاهرات سلمية تطالب بتحسين الاوضاع الاقتصادية والسياسية ثم تحولت الى اعتصامات واحتجاجات ثم الى ثورات بمطالب اعلى واكبر فالكثير من المفكرين والمثقفين والمدركين يقولون انها ثورة الشباب العربي بعد ان لمس الفرق الشاسع بين العالم المتحضر والمتقدم وبين عالمه الذي يعيشه من حيث الحرية والديمقراطية والتقدم العلمي والشفافية والعدل والمساواه حيث استغل هؤلاء الشباب التقنية الحديثة في التواصل حتى سميت هذه الثورات بثورة الفيس بوك وآخرون قالوا انها ثورة الجياع .
ويؤيد هذا الاتجاه مسؤولوا الادارة الامريكية الذين تفاجأوا بما حدث في مصر فارتبكوا خاصة في دعم او عدم دعم حسني مبارك .
فلقد نصحته الادارة الامريكية بالديمقراطية قبل اعوام من اندلاع الثورة واقترحت عليه ان يسمح بترشيح اكثر من شخص للرئاسة كمنافسين له وكانت اجابته ان شعوبنا لا تعرف التعامل مع الديمقراطية وتحتاج الى زمن طويل من اجل ذلك بالرغم من الحاحهم عليه مما كان منه إلا ان قطع زيارته السنوية إلى امريكيا لمدة اربع سنوات متتالية .
الاتجاه الآخر من المفكرين كان يستند حول اسباب هذه الثورات بقوله نحن أمة مغلوب على أمرها فلقد قيل لنا وأوحي إلينا بشكل او بآخر من خلال المنظمات الدولية داخل الدولة او رجالات هذه الادارات او بعض الاحزاب والتي جميعها تعمل وفق اجندات خارجية أن ثوروا على حكامكم مستندين على الكثير من المعطيات السلبية لهذه الأنظمة منها الفساد والظلم والمحسوبيات وعدم العدل وعدم المساواة كما حدث في مصر وتونس وليبيا وسوريا وهنا نستذكر القول افعالنا هي عبارة عن ردود فعل لما يريد صناع السياسة العالمية ( الغرب ) ان تفعله بنا فلقد قال احد المسؤولين الامريكيين نحن قادمون الى الشرق لزرع الديمقراطية والضرورة المنطقية والاخلاقية بين هذا وذاك تحتم على جميع الانظمة العقلانية وذات الرؤى الفكرية السليمة ان تبدأ بخلق الحرية المسؤوله والديمقراطية المدروسة والتصالح مع كافة اشكال والوان المعارضة الوطنية والاحزاب السياسية كشراكة وطنية لادارة شؤون البلاد حسب الاتفاق والوفاق وعلينا ان نعتبر ونتعلم من الدروس ونفتح صفحة لمسيرة اصلاحية جديدة ولا اعتقد ان هناك من يستطيع ان يؤمم الثورات او الحراكات او الاعتصامات .
فهل العديد من الدول العربية المتبقية ستستفيد من هذه الدروس وستتعض من ذلك ام ستبقى تعيش سراب الديمومة المطلقة .
المهندس هاشم نايل المجالي
hashemmajali_56@yahoo.com