حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,2 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 4663

حقيقة الغيبة و بواعثها وذمها

حقيقة الغيبة و بواعثها وذمها

حقيقة الغيبة و بواعثها وذمها

17-02-2010 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

من أعظم المهلكات وأشد المعاصي، وقد نص الله سبحانه على ذمها في كتابه، وشبه صاحبها بآكل لحم الميتة، فقال: (ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً، أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ) وقال:( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعاً عليماً). وقال: (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد ). وقال رسول الله عليه وسلم( المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه). والغيبة تتناول العرض. وقال عليه وسلم " إياكم والغيبة، فان الغيبة أشد من الزنا، فان الرجل قد يزنى ويتوب فيتوب الله عليه، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه". وقال عليه السلام " مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم باظافيرهم، فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال الذين يغتابون الناس، ويقعون في اعراضهم ". وخطبت يوماً حتى أسمع العواتق في بيوتها، فقال: " يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فان من تتبع عورة اخيه يتتبع الله عورته حتى يفضحه في جوف بيته ". وخطب (عليه السلام يوماً فذكر الربا وعظم شأنه، فقال: " إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم ". ومر( صلى الله عليه وسلم ). على قبرين يعذب صاحباهما، فقال: " إنهما ليعذبان في كبيرة، أما أحدهما فكان يغتاب الناس،واما الآخر فكان لا يستبرى من بوله " ودعا بجريدة رطبة أو جريدتين فكسرهما، ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبره، وقال: " أما إنه يهون من عذابهما ما كانتا رطبتين "ان باعث الغيبة غالباً. إما يكون الغضب أو الحقد أو الحسد، فيكون من نتائجها، ومن رذائل قوة الغضب، وله بواعث أخر.منها السخرية والاستهزاء. فان ذلك كما يجري في الحضور يجري في الغيبة أيضاً، وكذلك اللعب والهزل .فيذكر غيره بما يضحك الناس عليه على سبيل التعجب والمحاكاة. ارادة الافتخار والمباهاة: بأن يرفع نفسه بتنقيص غيره، فيقول: فلان لا يعلم شيئاً. وغرضه أن يثبت في ضمن ذلك فضل نفسه وأنه أفضل منه. وظاهر أن منشأ ذلك التكبر أو الحسد، أن ينسب إلى شيء من القبائح، فيريد أن يتبرأ منه بذكر الذي فعله، وكان اللازم عليه أن يبريء نفسه منه، ولا يتعرض للغير الذي فعله، وقد يذكر غيره بأنه كان مشاركا له في الفعل، ليتمهد بذلك عذر نفسه في فعله، وربما كان منشأ ذلك صغر النفس وخبثها.وايضاً مرافقة الاقران ومساعدتهم على الكلام، حذراً عن تنفرهم واستثقالهم إياه لولاه، فيساعدهم على اظهار عيوب المسلمين وذكر مساويهم، ظناً منه أنه مجاملة في الصحبة، فيهلك معهم. وباعث ذلك أيضاً صغر النفس وضعفها. ايضاً الرحمة، وهو أن يحزن ويغتم بسبب ما ابتلى به غيره، فيقول: المسكين فلان قد غمني ما ارتكبه من القبح، أو ما حدث به من الاهانة والاستخفاف! فيكون صادقاً في اغتمامه، إلا انه لما ذكر اسمه واظهر عيبه صار مغتاباً، وقد كان له الاغتمام بدون ذكر اسمه وعيبه ممكناً فاوقعه الشيطان فيه ليبطل ثواب حزنه ورحمته. التعجب من صدور المنكر والغضب لله عليه، بأن يرى منكراً من إنسان أو سمعه، فيقول عند جماعة: ما اعجب من فلان أن يتعارف مثل هذا المنكر! أو يغضب منه، فيظهر غضبه واسمه ومنكره، فانه وإن كان صادقا في تعجبه من المنكر وغضبه عليه، لكن كان اللازم ان يتعجب منه ويغضب عليه، ولكنه لا يظهر اسمه عند من لم يطلع على ما صدر منه من المنكر، بل يظهر غضبه عليه بالنهي عن المنكر والامر بالمعروف من غير أن يظهره لغيره، فلما أوقعه الشيطان في ذكره بالسوء صار مغتابا وبطل ثواب تعجبه وغضبه، وصار آثماً من حيث لا يدري. وهذه الثلاثة الاخيرة مما يغمض دركها، لأن اكثر الناس يظنون أن الرحمة والتعجب والغضب إذا كان لله كان عذراً في ذكر الاسم، وهو خطأ محض، إذ المرخص في الغيبة حاجات مخصوصة لا مندوحة فيها عن ذكر الاسم دون غيرها، وقد روى: " أن رجلا مر على قوم في عصر( النبي صلى الله عليه وسلم ) فلما جاوزهم، قال رجل منهم: إني أبغض هذا الرجل لله، فقال القوم: والله لبئس ما قلت! وإنا نخبره بذلك، فاخبروه به، فأتى الرجل رسول الله عليه السلام . وحكى له ما قال، وسأله أن يدعوه. فدعاه، وسأله عما قال في حقه فقال: نعم! قد قلت ذلك. فقال رسول الله عليه السلام : ولم تبغضه؟ فقال: أنا جاره وأنا به خبير، والله ما رأيته يصلي صلاة قط إلا هذه المكتوبة! فقال: يا رسول الله، فاسأله هل رآني أخرتها عن وقتها أو أسأت الوضوء لها والركوع والسجود؟ فسأله، فقال: لا فقال: والله ما رأيته يصوم شهراً قط إلا هذا الشهر الذي يصومه كل بر وفاجر! قال: فاسأله يا رسول الله هل رآني افطرت فيه أو نقصت من حقه شيئاً؟ فسأله، فقال: لا! فقال: والله ما رأيته يعطى سائلا قط ولا مسكيناً، ولا رأيته ينفق من ماله شيئاَ في سبيل الخير إلا هذه الزكاة التي يؤديها البر والفاجر! قال: فاسأله هل رآني نقصت منها شيئاً أو ما كست فيها طالبها الذي يسألها؟ فسأله فقال: لا! فقال رسول الله عليه السلام . للرجل: قم، فلعله خير منك ". ولا ريب في أن انكار القوم عليه بعد قوله أبغضه لله يفيد عدم جواز اظهار المنكر الصادر من شخص لغيره، وإن كان في مقام الغضب والبغض لله. وقال ( عليه السلام): " الغيبة حرام على كل مسلم، وانها لتأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ". أن العاقل ينبغي أن يتأمل في أن من يغتابه ان كان صديقاً ومحباً له، فاظهار عيوبه وعثراته بعيد عن المروة والانصاف، وان كان عدواً له، فتحمل خطاياه ومعاصيه ونقل حسناته إلى ديوانه غاية الحماقة والجهل. ثم ينبغي أن يعلم المغتاب ان الغيبة تحبط حسناته وتزيد في سيئاته. لما ثبت من الأخبار الكثيرة: ان الغيبة تنقل حسنات المغتاب يوم القيامة إلى من اغتابه، وان لم تكن له حسنة نقل إليه من سيئاته. قال( رسول الله عليه السلام)" يؤتى أحدكم يوم القيامة، فيوقف بين يدي الله تعالى ويدفع إليه كتابه، فلا يرى حسناته، فيقول: إلهي ليس هذا كتابي، فإني لا ارى فيه طاعتي، فيقول له: إن ربك لا يضل ولا ينسى، ذهب عملك باغتياب الناس. ثم يؤتى بآخر ويدفع إليه كتابه، فيرى فيه طاعات كثيرة، فيقول: إلهي ما هذا كتابي، فإني ما عملت هذه الطاعات، فيقول له: إن فلاناً إغتابك فدفعت حسناته إليك ". والأخبار الواردة في ذم الغيبة مما لا يكاد يمكن حصرها، وما ذكرناه كاف لايقاظ الطالبين. والعقل أيضاً حاكم بأنها أخبث الرذائل، وقد كان السلف لا يرون العبادة في الصوم والصلاة، بل في الكف عن اعراض الناس، لأنه كان عندهم أفضل الاعمال، ويرون خلافه صفة المنافقين، ويعتقدون أن الوصول إلى المراتب العالية في الجنة يتوقف على ترك الغيبة، لما ورد عن رسول الله عليه السلام أنه قال: " من حسنت صلاته وكثرت عياله، وقل ماله، ولم يغتب المسلمين، كان معي في الجنة كهاتين " وما أقبح بالرجل المسلم أن يغفل عن عيوب نفسه، ويتجسس على عيوب إخوانه، ويظهرها بين الناس، فما باله يبصر القذى في عين أخيه، ولا يبصر الجذع في عين نفسه. الطريق في علاج الغيبة وتركها، أن يتذكر أولا ما تقدم من مفاسدها الأخروية، ثم يتذكر مفاسدها في الدنيا، فإنه قد تصل الغيبة إلى من اغتيب، فتصير منشأ لعداوته أو لزيادة عداوته، فيتعرض لإيذاء المغتاب وأهانته، وبما انجر الأمر بينهما إلى مالا يمكن تداركه من الضرب والقتل وأمثال ذلك. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين .








طباعة
  • المشاهدات: 4663
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
17-02-2010 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم