15-04-2012 01:47 AM
سرايا - شهقت الكلمات ففاضت قرائحها, وزمجرت حروف الذرب فاستنطقت بليغها, استصرختها نداءات المحاني المجلجلة بصلت الصوت فأنخت رابطة جأشها ثم تمطيت صهوة جوامع كلمها, بعد أن اشتد أوارها واتسع آتونها اللاهب فاصطلى بحنظلها الصعوط إزاء هذه الغطرسة التي تمارس على الشعب وتنال من كبريائه بحجة الإخلاص للنظام والانتماء للوطن راكبةً زيف البهتان والتجني على الشرفاء والثوابت الحقيقية للوطن.
حاولت ان أُلملم زخم أفكاري المشتت بين أكثر من موضوع وأكثر من هاجس لطرح بذارها على الورق آملاً من أصحاب المقام وسدة القرار مشاطرتي الموضوعية والصدق في إطار قراءة مضامين المنهجيات والخطط والأدوات التي تستند عليها مؤسسات الدولة في برامجها.
فقد دقت ساعة الفطام لنبش الحقائق وحك الجرح المحتقن وتحمل ألمه حتى يغدو طاهراً من دنس اللوبيات المتهافتة على مكتسبات ومقدرات الوطن وذلك بالاحتكام إلى ميزان الذهنيات الدسمة والتجادل الصريح والمناقشة المجردة في استقبال الأفكار والمقترحات لاستدرار السمين من هذه الأفكار وترك الغث منها, لأن التحصين الحقيقي لا يكون بترصيص الصفوف شكلاً إعلامياً وتنافرها مضموناً, فالمرحلة محتقنة وبدأت حبلاها تتمخض، وسأتناول في مسطرتي هذه بعض الحقائق والفرضيات المتداخلة، والتي تلعب دوراً رئيساً ومهماً بشكل مباشر على الكيان الوطني والوحدة السياسية، مفنداً إياها على النحو الآتي:
أولاً: العشائر
وهي ما أقمت بها حجتي ومبارزتي الذهنية بصفتي أحد أبنائها, فالعشائر التي تمثل السند والمتانة والقوام الثابت والركيزة الأساس للوطن والنظام، قد مسها الضر واستبد بها الغر إزاء ما استهدفها من تشويه وتحريف لمفهومها وفطرتها البيضاء التي أصبحت تصمها بالرجعية والدونية عندما مستها غلالة الخطأ في التعامل والتعاطي مع ثوابتها ومواقفها في الإخلاص والتضحية والوضوح الذي لا يعرف الغموض والصدق الذي ما طرقت المداهنة بابه قولاً وعملاً, إلا أن هذه العشائر قد ضاقت فضاءات فنائها وتقلصت عرصات رحابها وعقد لسانها واصطك الفك بالفك ومراجل قلبها تنفث حميماً وغسّاقاً بعد أن أصابها اليأس والقنوط وهي تشاهد كل أشكال الفساد والواسطات والمحسوبيات والشخصنات والمقايضات غير الشريفة على حساب مصلحة الوطن والمواطن في شتى مؤسسات الدولة ومصادرة منجزات وخيرات الوطن، هو ما جعل الأردن يمر بخطىً متثاقلة إزاء هذه القرصنات والمحاصصات على مقدراته... فالمواطن قد أضناه الكبت وبلغ منه الصبر حد التراقي وهو يشاهد المسرحيات التراجيدية لهؤلاء الأفاكين المتزندقين, فقد أهلكت حلقاتهم واستهلكت أحداثهم وهم يمنتجون مكتسبات الوطن لصالحهم وينهبون خيراته لأولادهم بالتوريث السياسي متناسين باْن البادية تعج بالقدرات الإبداعية والابتكارات الخلاقة وبكفاءاتها العلمية والأكاديمية ما يرقى بها إلى الوظائف العليا وهو حق؛ فالعشائر قد استفاقت من سباتها العميق وما عادت لقمةً مستساغة لهذه الزعامات التقليدية فرابطة جأشها تصهل كبرياءً وأنفة, ثم على الحكومة أن تتخلص من هذه الممارسات والسلوكيات الممنهجة لإبقاء الحلقة تدور بفئة معينة، وذلك من خلال ترسيخ مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص بعيداً عن الجهويات والمزاجيات وفق منهجيات عمل محكمة ومتحررة وذلك بوضع أدوات ترقيم تفصل هذه المؤسسات عن بعضها حتى لا تكون هناك مقايضات.
وفي ذات السياق على المؤسسات العليا أن تدرك أن هذه الأدوات الهرمة والمتقهقرة غير القادرة أيضاً على التعاطي، أطّرت خيار المواطن بين أمرين، إما طأطأة الرأس وسط احتقان يكاد ينفجر، وإما معارض أخذته الغيرة، وزج به اليأس والقنوط إلى الشارع مطالباً بإصلاح مؤسسات الدولة.
فالخطاب في هذه المرحلة بحاجة إلى فرمتة من خلال الغربلة الحقيقية لجميع هذه الأدوات والنخب السياسية بعيداً عن التعنجه والنظر من هامات الشرفات العاجية.
ثانياً: الزيارات الملكية للعشائر
الزيارات الملكية تأتي لتستجلب الهمم وتشحذ المعنويات للالتفاف حول الراية بعيداً عن صخب الشعارات الماجنة والسجع المقفعي، وخصوصاً في خضم هذه المنعطفات والتحديات التي تواجه المنطقة والإقليم, كما أن العشائر أيضاً تنتظر بدورها زيارة جلالة الملك بفارغ الصبر، وتعلق على زيارته اّمالاً جساماً بعيداً عن الخطابات المستهلكة لإطلاعه على الكثير من الملفات الساخنة والاحتياجات الآنية وقضايا وهموم غايةً في الجلل، فالديوان الملكي ممثلاً برئيسه وكبار موظفيه يخطئ عندما يؤطر قالب التنسيق والتشاور في خانة ضيقة من الزعامات التقليدية والتي لا تعرف عن العشائر وتعقيداتها ومجسات همومها لأنها تقطن عمان, وكان الأمل من مؤسسة الديوان الخروج من نسقه التقليدي وأوهامه القديمة, فالعشائر خرجوا عن صمتهم ولم يعد لهذه الزعامات أدنى تأثير، وهم لا يعرفون مراتع إبلهم إلا في الزيارات الملكية للمحافظة على سجع خطاباتهم وصخب شعاراتهم لديمومة مكانتهم والذي يتمثل فيهم قول الشاعر:
أهواء نفوسهم عبدوا والنفس لعابدها صنم
علماً أن جلالة الملك عندما يأتي إلى البادية لا يجوب الجغرافيا والأرض المشاع بل يأتي إلى عناوين مضارب شعبه ليتلمّس احتياجاتهم ويطّلع على همومهم.
كما لا يفوتني في ذات السياق من الالماع على بعض هذه القضايا والملفات التي تمس المواطنين وتستهدف الشباب, جيل المستقبل وأكبادنا التي تمشي على الأرض عندما استهدفتهم الأيدي الآثمة والضمائر الميتة وأغرقت الوطن بالمخدرات بآفتهم القاتلة وسمومهم ألمدمرة والتي جعلت الأجيال التي نعلق عليها الآمال ونرسم بأفكارها الرشد أجساداً خاوية تتمايل في مهب الريح ثم إن هذا الثراء الفاحش لهؤلاء جعل لهم كاريزمات ذات قبول وحضور في الأوساط الاجتماعية بسبب ثرائهم وهم يزاودون على الشرفاء والبسطاء بالوطنيات والشعارات الزائفة.
فأنا أتساءل كيف للرذيلة أن تتدثر ثوب الفضيلة؟ وكيف للمبادئ المغلوطة أن تصبح صاحبة نبل واقتدار؟
فقد بات لزاماً على الحكومة أن تبادر بدورها بالتنسيق مع دول الخليج لمكافحة هؤلاء التجار (المخدرات) حيث أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية قام بدفع (2) مليار دولار للنظام السوري لمحاربة وقتل هذه الآفة من رحم مصدرها ومحاربتها في البداية... وبعد المواقف المشرفة لدولة قطر والمملكة العربية السعودية تجاه الثورة في سوريا تخلت الحكومة السورية عن التزامها تجاه مكافحة محاربة التهريب إلى الأردن ودول الخليج.
ثم سأقول لكم بأني آثرت الصمت في البداية واكتفأت على ذاتي لأني أشد حياءً من هؤلاء اللاهثين وراء الجدل والمناكفات بغية الحصول على المكتسبات المعنوية والسياسية على مقت الأغلبية الأمر الذي ابتز قريحتي بالبوح والكلام.
حمى الله الأردن حراً عزيزاً مصاناً وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وأصلح حاشيته بالحق قولاً وبالعمل إخلاصاً للوطن والملك.
الكاتب : الشيخ سلطان هايل الدحيم بني خالد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-04-2012 01:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |