سرايا - سرايا- تبدء سرايا اعتبارا من اليوم بسرد حلقات عن اسرار تكليف رؤساء وزارات سابقين بتشكيل الحكومات وخفايا رحيل كل منها .

ونشير هنا الى ان هذه المواد الصحفيه الزاخره بالاسرار ستنشر  اولا باول وبالاتفاق مع المصدر واحد المواقع الزميله.

في هذه الحلقه نتناول اسرار تكليف رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عدنان بدران واسرار رحيل حكومته.

ما لم تكن الذاكرة خائنة، فإن رئيس الوزراء الأردني السابق عدنان بدران هو صاحب أقصر تجربة سياسية على رأس حكومة أردنية، وهو جاء إستنادا الى توصية دولية، خصوصا مع تذمر أبدته مرجعية أردنية عليا في عاصمة دولية لصناعة القرار من عدم وجود كفاءات سياسية يمكن الإتكاء عليها، في تطوير موقف سياسي أردني، إذ كانت المرجعية الأردنية تستمع الى إستهجانا دوليا وعربيا من طريق إدارة الأردن لموقفه السياسي في قمة الجزائر العربية عام 2005، لكن إسم عدنان بدران طرح في ذلك الإجتماع بوصفه شخصية أردنية مهملة ومهمشة، وقد يكون لها حضور سياسي، إلا أن علامات الإستفهام والإستغراب إرتسمت فجأة حول هذه الشخصية الأكاديمية التي لم تنخرط في العمل السياسي بإستثناء شغله في عقود سابقة المنصب الوزاري لحقائب غير فاعلة، ولا يشترك شاغلها في صناعة السياسات العامة.

بعد العودة للأردن وطرح الإسم في كواليس القرار الأردني، كان الملك عبدالله الثاني قد إتخذ قرارا مؤجلا لإبعاد رئيس الوزراء فيصل الفايز عن منصبه، وطلب من وزير البلاط الملكي آنذاك سمير الرفاعي الإتصال على رئيس جامعة فيلادلفيا وقتذاك عدنان بدران، وطلبه للقاء الملك في قصر رغدان في الحال، فيما كانت أجواء العاصمة الأردنية ترشح أسماء تقليدية ومكررة لخلافة الفايز في موقعه، إذ حضر بدران الى القصر الملكي، وكان يهجس مع نفسه في الطريق من جرش الى عمان بأن الملك ربما يريد رسم إستراتيجية عليا لملف التعليم العالي، وأنه سوف يكلف النهوض بهذا الأمر، وحينما قابله الرفاعي بعبارة: "مبروك ثقة جلالة سيدنا".

 لم يذهب ظنه الى أكثر من فكر به خلال الطريق، إلا أن الملك بعد شرح مختصر للوضع السياسي الراهن، قال لبدران لقد وقع إختياري عليك لتأليف وزارة جديدة.

الصدمة من التكليف كانت مزدوجة في آن واحد عند بدران نفسه، وعند الشارع السياسي الأردني الذي لم تكن تزد معلوماته عن بدران غير أنه وزير سابق، ورئيس لأكثر من جامعة، وأنه شغل منصبا دوليا أمميا في هيئة اليونسكو، كما أنه الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء، ومدير المخابرات السابق مضر بدران، إلا أن بدران المكلف سرعان ما غادر القصر بإتجاه مكتب الجنرال سعد خير مدير المخابرات وقتذاك للبدء بوضع خطة لتشكيل حكومة جديدة، إذ سرعان ما قفزت معضلة الوزير المستقيل للتو من حكومة فيصل الفايز باسم عوض الله، فرفض المشير خير إدخال عوض الله الى الوزارة الجديدة، ووافق بدران رغم إقتناعه بقدرات عوض الله، قبل أن يأتي الأمر الملكي بأن يكون عوض الله جزءا فاعلا في التشكيل الجديد.

لم يراع المشير خير ومثله بدران مسألة التوزيع الجعرافي للحقائب الوزارية، وظهرت الحكومة كما لو أنها مبتورة طبقا للعرف البرلماني، وكان القصف شديدا بأمر من خير للفريق الإقتصادي بقيادة عوض الله، وشهد الأردن عريضة برلمانية غاضبة من التشكيل الوزاري، وظهرت تهديدات بالإستقالة من البرلمان، إذا استمر التشكيل الوزاري بهذا الأمر، وهو الأمر الذي رفضه المشير خير الذي ألف الحكومة تقريبا نيابة عن بدران، إلا أن الملك عبد الله أقدم على تنفيس الحالة السياسية بإقصاء متتابع للمشير خير، ثم لباسم عوض الله حين أمره بتقديم إستقالته، قبل أن يأمر بدران بإجراء تعديل وزاري يراعي غضبة البرلمان، وهو ما تم في مرحلة لاحقة.

لوحظ أن حكومة بدران غير منسجمة، وأن بعض وزرائها مرتبطين بمراكز قوة، وأنه شكى لمرجعية في أحد اللقاءات الهامة والخاصة أنه لا يمون على وزرائه، وأن بعضهم يتصرف دون علمه أو توجيهاته، لكنه لم يسمح له بإجراء تعديل وزاري، ولوحظ أيضا أنه ليس على إنسجام مع المدير الجديد للمخابرات الجنرال سميح عصفورة، وعلاقته ساءت كثيرا بالمشير سعد خير الذي انتقل الى الديوان الملكي رئيسا لوكالة الأمن الوطني، إضافة لإحتفاظه بمنصب مستشار الملك، ومقرر مجلس الأمن القومي.

وجاءت تفجيرات عمان، وغياب بدران نهائيا عن المشهد الداخلي، ليكتب خاتمة حكومة جاءت في ظروف ملتبسة، ورحلت في ظروف إستثنائية، فلوحظ قبل أسابيع قليلة من رحيل بدران أن الملك بدأ بإعداد شخصية عسكرية ودبلوماسية محترفة داخل الديوان لشغل موقع متقدم، هو الجنرال معروف البخيت.... يتبع

 الماده منشوره بالاتفاق