16-12-2025 02:49 PM
سرايا - في إطار حرص جامعة الزيتونة الأردنية على تعزيز الوعي المجتمعي وترسيخ ثقافة الحوار والأمن الجامعي، نظّمت كلية الآداب محاضرة توعوية بعنوان "العنف الجامعي وتأثيره على البيئة الجامعية والبيئة العشائرية"، قدّمها معالي السيد كنيعان البلوي، مستشار جلالة الملك للشؤون العشائرية، وذلك بحضور أصحاب العطوفة والسعادة، ورئيس الجامعة الأستاذ الدكتور محمد المجالي، ونائب رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور طارق القرم، إلى جانب عمداء الكليات، ومديري الدوائر، وأعضاء الهيئة التدريسية، وطلبة الجامعة.
وتناول معالي السيد كنيعان البلوي أثر العنف على البيئة الجامعية وانعكاساته على المجتمع ككل، وعلى العشائر الأردنية على وجه الخصوص، مبيناً سبل صناعة الأمن الجامعي ومعالجة مظاهر العنف في مؤسسات التعليم العالي، استناداً إلى القيم الوطنية الأصيلة، بهدف إيجاد بيئة تعليمية آمنة. وأوضح أن العنف داخل الحرم الجامعي لم يعد سلوكاً فردياً طارئاً، بل أصبح مؤشراً على خلل في منظومة القيم والوعي والانتماء.
وأشار معاليه إلى أن ربط ظاهرة العنف بالعشائر الأردنية يعد ظلماً وإجحافاً، مؤكداً أن العشائر كانت وما زالت ركيزة أساسية من ركائز الدولة الأردنية، ومنبعاً للقيم الأصيلة من مروءة وكرم وتسامح وانضباط، ومنها خرج العلماء والمفكرون وأساتذة الجامعات وقادة الأجهزة الأمنية الذين أسهموا في بناء الوطن وحماية أمنه واستقراره.
وبيّن أن الجامعات الأردنية شهدت في السنوات الأخيرة تحديات أمنية متزايدة، تمثلت في العنف الجامعي والاختراقات السلوكية والتهديدات التي تمس قدسية الحرم الجامعي، مؤكداً أن مواجهة هذه التحديات لا يمكن أن تتم بأساليب تقليدية، بل تتطلب منظومة أمنية جديدة تقوم على الوعي بدلاً من الخوف، والانتماء بدلاً من الإقصاء، والشراكة بدلاً من التسلط، والوقاية بدلاً من الردع، والابتكار بدلاً من التكرار. وأضاف أن الأمن في جوهره حالة من الطمأنينة، وقد تطور مفهومه ليشمل أبعاداً سياسية واقتصادية وبيئية، ولم يعد مسؤولية الدولة وحدها، بل أصبح مسؤولية جماعية ومشروعاً مجتمعياً قائماً على التشاركية والوقاية والتمكين، مع انتقال المفهوم الأمني من الدولة إلى الإنسان.
وتطرق معاليه إلى أنواع الأمن، موضحاً أن الأمن التقليدي (Traditional Security) يركز على حماية الدولة من التهديدات الخارجية ويعتمد على القوة العسكرية والأجهزة الأمنية الرسمية، في حين يركز الأمن الإنساني على حماية الإنسان من الفقر والمرض والجهل والعنف والتمييز، وقد تبنته الأمم المتحدة كإطار شامل للتنمية المستدامة، فيما يقوم الأمن المجتمعي على إشراك المجتمع في تحقيق الأمن من خلال تعزيز الانتماء، وبناء الثقة، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والدينية والإعلامية في الوقاية من الجريمة والانحراف.
كما استعرض أنواع الأمن المتداخلة داخل الحرم الجامعي، والتي تشمل الأمن الشخصي، والأمن الاجتماعي، والأمن الفكري، والأمن السيبراني، والأمن الاقتصادي، والأمن البيئي، والأمن المؤسسي، مؤكداً أن تداخل هذه الأنواع يجعل الجامعة بيئة مركبة وشاملة تتطلب تعاملاً متكاملاً مع مفهوم الأمن. وأوضح أن التعامل مع الأمن كمنظومة يستدعي الانتقال من التركيز على وسائل الردع كعدد الحراس والكاميرات، إلى بناء ثقافة أمنية داخل الجامعة تقوم على التشاركية، بحيث يكون الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية والعاملون والحراس وحتى الزوار جزءاً من المعادلة الأمنية، من خلال التدريب والتوعية والتواصل المستمر، ووضع آليات واضحة للإبلاغ والتدخل، دون أن تتحول الجامعة إلى فضاء تقييدي، بل إلى فضاء آمن يحترم الحريات ويصون الكرامة.
وأكد معاليه خصوصية البيئة الجامعية الأردنية، نظراً لتركيبتها الاجتماعية المتنوعة التي تضم طلبة من مختلف المحافظات والخلفيات القبلية والمدنية، إضافة إلى اللاجئين والمهاجرين، لافتاً إلى أن التحولات السياسية والاقتصادية في الإقليم تؤثر في التوترات الداخلية، وقد تتخذ أحياناً طابعاً عنيفاً أو احتجاجياً. كما أشار إلى أن الطابع العشائري قد يحول النزاعات الفردية داخل الجامعات إلى نزاعات جماعية، وأن الاحتكاك بين الطلبة من خلفيات ثقافية متباينة، خاصة في الجامعات الكبرى، قد يؤدي إلى ضعف الوعي الأمني وغياب ثقافة الحوار والاحتواء.
كما صنّف معاليه التحديات الأمنية في الجامعات إلى تحديات سلوكية، تشمل العنف الجامعي والمشاجرات والاعتداءات الجسدية والتنمر والتحرش والتخريب المتعمد للممتلكات وتعاطي المخدرات أوالممنوعات، وتحديات فكرية تتمثل في انتشار خطاب الكراهية والتطرف واستقطاب الطلبة لأجندات خارجية وضعف الانتماء الوطني أو المؤسسي، وتحديات تنظيمية تتعلق بغياب وحدات أمن جامعي مؤهلة، وضعف التنسيق مع الأجهزة الأمنية، وغياب خطط الطوارئ، إضافة إلى التحديات التكنولوجية، مثل اختراق الأنظمة الإلكترونية، وسوء استخدام الكاميرات والبيانات، وغياب منظومات الأمن السيبراني.
من جهته، أكد عميد كلية الآداب الدكتور موسى الزغول، الذي أدار الجلسة، أن الجامعة تؤمن بأن دورها لا يقتصر على التعليم داخل القاعات الصفية، بل يتجاوز ذلك إلى بناء شخصية الطالب المتكاملة علمياً وثقافياً ووطنياً. وأشار إلى أن جامعة الزيتونة الأردنية استطاعت توفير بيئة جامعية متميزة وبنية تحتية متطورة، تهيئ فضاءات آمنة ومحفزة للتفاعل الإيجابي وحياة جامعية متوازنة، إلى جانب حرصها على تنظيم الأنشطة اللامنهجية إدراكاً لأثرها العميق في صقل شخصية الطلبة، وتنمية مهاراتهم القيادية والاجتماعية، وغرس قيم العمل الجماعي والانضباط وخدمة المجتمع، وتعزيز روح المبادرة والمسؤولية.
وفي نهاية المحاضرة، أجاب معالي السيد كنيعان البلوي على استفسارات وتساؤلات الطلبة والحضور، حيث دار نقاش تفاعلي تناول أبرز القضايا المرتبطة بالعنف الجامعي وسبل الحد منه، مؤكدًا أهمية الحوار الواعي والتكامل بين مؤسسات التعليم العالي والمجتمع في ترسيخ ثقافة الأمن، وتعزيز قيم الاحترام المتبادل والانتماء الوطني، بما يسهم في توفير بيئة جامعية آمنة ومستقرة تدعم العملية التعليمية وتحقق رسالة الجامعة.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-12-2025 02:49 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||