13-12-2025 11:20 PM
سرايا - كشفت دراسة أعدّها معهد تضامن النساء الأردني أن جائحة كوفيد-19 رافقها ارتفاع ملموس في معدلات العنف ضد النساء والفتيات في الأردن، لا سيما العنف النفسي والاقتصادي والإلكتروني، مؤكدة في الوقت ذاته أن هذا الارتفاع لم يكن حالة طارئة أفرزته الجائحة بحد ذاتها، بل نتيجة مباشرة لتفاقم عوامل بنيوية قائمة، كشفتها الأزمة ووسّعت آثارها.
وجاءت الدراسة التي نشرت في 9 كانون الأول (ديسمبر) الحالي بالتزامن مع ختام الحملة الوطنية السنوية لمجابهة العنف ضد النساء، للبحث في أسباب تفاقم العنف خلال الجائحة ومدى استمراريته، ما عكس خللا في منظومة الحماية الاجتماعية والقانونية، ما تزال نتائجه حاضرة حتى اليوم، وفقا للدراسة.
وأُجريت الدراسة التي شاركت بها الباحثة زهور غرايبة، ضمن مشروع "متحدون لمنع العنف ضد النساء والفتيات في الأردن أثناء وبعد جائحة كوفيد-19"، الذي ينفذه معهد تضامن النساء الأردني في محافظات عمّان والبلقاء وعجلون وإربد ومادبا.
وهدف المشروع، ومن ورائه الدراسة، إلى فهم ما إذا كانت الجائحة قد غيّرت حجم وأنماط العنف ضد النساء، أم أنها كشفت واقعا قائما لم يكن مرئيا بالقدر الكافي، إضافة إلى تقييم قدرة أنظمة الحماية والاستجابة على التعامل مع الأزمات، ورصد الفجوات التي برزت خلال فترة الإغلاق وما بعدها.
واعتمدت الدراسة منهجية بحثية مختلطة جمعت بين مراجعة التشريعات والبيانات الرسمية وخطة الاستجابة الوطنية، وبين أدوات كمية ونوعية شملت استبانة ميدانية على عينة من 700 امرأة من المحافظات المستهدفة، إلى جانب مجموعات نقاش مركزة ومقابلات معمقة مع خبراء ومقدمي خدمات وأصحاب مصلحة.
وأظهرت النتائج بوضوح أن الجائحة شكّلت عامل ضغط أدى إلى ارتفاع معدلات العنف داخل الأسر، مع فقدان الدخل وتراجع فرص العمل واضطراب أدوار الإعالة، ما انعكس في تصاعد التوترات والسلوكيات العنيفة.
كما بيّنت أن إجراءات الإغلاق، رغم ضرورتها الصحية، حدّت من قدرة النساء على الوصول إلى الدعم والحماية، وأسهمت في زيادة العزلة، وأظهرت فجوة بين النصوص القانونية والتطبيق العملي على أرض الواقع.
وسجل العنف النفسي النسبة الأعلى بين الانتهاكات، متخذا أشكال الإهانة والتهديد والسيطرة وتقييد الحركة، فيما برز العنف الاقتصادي بوصفه أداة ضغط مباشرة عبر الحرمان من النفقة أو العمل أو التحكم بالموارد المالية.
كما شهد العنف الإلكتروني تصاعدا لافتا خلال الجائحة، مستفيدا من الاعتماد المتزايد على الفضاء الرقمي، ليعيد إنتاج أنماط السيطرة التقليدية بأدوات جديدة.
وكشفت الدراسة أن النساء الأكثر تعرضا للعنف كنّ من الفئات التي تعاني هشاشة مركبة، مثل ذوات الموارد المحدودة، والنساء ذوات الإعاقة، ومن يعملن في القطاع غير المنظم، حيث تزامن ضعف الحماية مع محدودية الوعي بالحقوق وآليات التبليغ.
كما ظهرت فجوة كبيرة بين وجود الخدمات وقدرة النساء على الاستفادة منها، نتيجة القيود الصحية والبيروقراطية وضعف التنسيق المؤسسي.
ورغم تراجع بعض أشكال العنف بعد انتهاء الإغلاق، تؤكد الدراسة أن آثاره النفسية والاقتصادية والاجتماعية لم تتراجع، بل استمرت، ما يثبت أن العنف لم يكن مرتبطا بزمن الجائحة فقط.
وتربط الدراسة هذه الاستمرارية بغياب إدماج منظور النوع الاجتماعي في خطط الطوارئ، وضعف الاستعداد المؤسسي للتعامل مع الأزمات من زاوية حقوق النساء.
وتخلص الدراسة إلى أن التعامل مع العنف ضد النساء باعتباره حالات فردية أو أزمات مؤقتة يُبقي المشكلة قائمة، وتؤكد أن ما كشفته الجائحة يجب أن يشكّل نقطة تحوّل نحو نهج شامل يدمج التمكين الاقتصادي، والدعم النفسي والاجتماعي، وتطوير منظومة الحماية، وإدماج منظور النوع الاجتماعي في السياسات العامة، باعتبار أن العنف ضد النساء ليس طارئا، بل واقعا بنيويا يتفاقم كلما غابت العدالة والحماية.
وأوصت الدراسة بضرورة اعتماد نهج شامل لمواجهة العنف ضد النساء والفتيات في الأردن، يبدأ بتعزيز الوعي بالخدمات وآليات الوصول إليها، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي المباشر للنساء الأكثر هشاشة.
كما شددت على أهمية تطوير الثقافة المجتمعية الداعمة لحقوق النساء وتمكينهن اقتصاديا لضمان استقلاليتهن، مع إدماج منظور النوع الاجتماعي في السياسات وخطط الطوارئ.
وأكدت الحاجة إلى تقوية التنسيق بين الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، وتحسين جودة الحماية والدعم النفسي والاجتماعي، بما يضمن استجابة فعّالة ومستدامة للنساء والفتيات في جميع الأوقات، لا سيما أثناء الأزمات والأوضاع الطارئة.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-12-2025 11:20 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||