04-11-2025 08:48 AM
سرايا - بدعوة من تيار تنوير الأردني، أقيم حفل توقيع المجموعة القصصية «رائحة الزينكو»، للقاص والناقد الأدبي الدكتور زياد أبو لبن، وذلك يوم السبت الماضي، في جاليري رؤى 32، وأدارت مفردات الحفل الشاعرة زليخة أبو ريشة، وقدم خلالها الدكتور ناصر شبانه ورقة نقدية حول المجموعة.
وتحت عنوان («رائحة الزينكو» لزياد أبو لبن.. رصاصة الذاكرة في لحم النسيان) جاءت الورقة النقدية التي قدمها د. ناصر شبانه، وفيها يقول: «المجموعة هي الخامسة للقاص بعد «هذيان ميت 2006»، و»أبي والشيخ»، 2007م. و»ذات صباح»، 2018، و»أنفاس مكتومة وقصص أخرى»، 2023م.
وقد جاءت هذه المجموعة القصصية الجديدة «رائحة الزينكو»، لتبدو كالرصاصة في معركة الوعي ضد المأساة، وبأنف «أبو كلبشا» يتتبع القاص تفاصيل المخيم، والحياة التي تتسرب كالماء العكر من شقوقه، لتطغى حاسة الشم على كل الحواس التي قد تتعرض كلها للتشويش والخداع إلا هذه الحاسة التي تعتمدها الجوارح في تتبع فرائسها، والعثور على طعامها، وكأن إنسان المخيم قد سلبت منه إنسانيته، ولم يبق منها إلا شكلُ الإنسان وهيكله الخارجي.
من هنا جاء عنوان المجموعة القصصية ليعلي من شأن حاسة الشم على كل الحواس من خلال كلمة «رائحة» التي يتصدر بها العنوان، ولعل تكرار كلمة «رائحة» في عناوين قصص أخرى ينبئ بذلك ويدل عليه، فقد وردت كلمة «رائحة» في عناوين قصص أخرى كقصة «رائحة البؤس»، وقصة «رائحة المخيم»، وكأن هذين العنوانين يوضحان دلالة عنوان المجموعة، فرائحة الزينكو تعني رائحة المخيم التي تعني بدورها رائحة البؤس والحرمان. كما تتكرر مفردة «رائحة» في ثنايا القص، كرائحة الألم ورائحة الانتظار، ورائحة الدخان، لتعبر عن روائح مادية أو معنوية يشتمُّها ساكن المخيم، أطيبها رائحة الرغيف، وأخبثها رائحة المجاري».
وخلال شهادة أدبية عن ذاكرة المكان وكتابة الوجع، قال الدكتور زياد أبو لبن: «حين شرعتُ في كتابة رائحة الزينكو، كنت أعود، لا إلى الورق، بل إلى نفسي، إلى تلك الزاوية الضيقة التي اسمها المخيم، حيث تتقاطع الذاكرة مع الحلم، ويتحوّل الفقر إلى شكل من أشكال الكرامة، ويصير الصفيح سقفًا للوطن المؤجَّل. لم أكتبها كمجموعة قصصية فحسب، بل كنوع من السيرة المبطَّنة، حيث تتخفّى سيرتي في وجوه الآخرين، وتتوزّع ملامحي على أطفال الحكايات ونسائها ورجالها».
وأضاف د. أبو لبن: «كل قصة من قصص رائحة الزينكو هي نافذة على ماضٍ لم يَمُت، بل ما زال يتنفّس بين شقوق الذاكرة، مثل رائحة الرطوبة في جدارٍ لم يُرمَّم بعد.
أنا ابن المخيم، لا بالهوية وحدها، بل بالملامح والوجدان.
هناك، بين الأزقة الضيقة التي لا تتّسع إلا لضحكة طفل ومرور قطةٍ جائعة، تعلّمت أن الكرامة ليست شعارًا بل ممارسة يومية، وأن الصبر ليس فضيلة بل ضرورة للبقاء.
كان المخيم أول مدرسة في البلاغة: بلاغةُ العوز، وبلاغةُ المشاركة، وبلاغةُ الأمل الذي يُنبت في أرضٍ لا ماء فيها.
حين كنت طفلًا، كنت أظنّ أن سقف الزينكو يحمي رؤوسنا من المطر، لكنّي أدركت لاحقًا أنه كان يحفظ سرّ العائلة، يجمع أصواتنا وأنفاسنا تحت مساحةٍ من المعدن البارد الذي يسخن بالضحك ويبرد بالخوف.
تحت ذلك السقف كبرتُ، وهناك بدأت حكاياتي الأولى، حكايات لم تكن تُروى بالكلمات، بل بالعيون التي تتبادل الصمت في الليل الطويل».
ويضيف صاحب المجموعة: «حين أمسكت القلم، كنت أبحث عن وسيلة لأُنقذ نفسي من ثقل الذكرى.
في البداية، كتبت لأتخلّص من وجعٍ ما، لكنني سرعان ما اكتشفت أن الكتابة لا تخلّصنا من الوجع، بل تعيد تشكيله بطريقةٍ تجعل احتماله ممكنًا.
كنت أكتب عن المخيم، وفي الوقت نفسه أكتب المخيم في داخلي.
كنت أدوّن وجوه الذين رحلوا، كي لا يبتلعهم الغياب، وأستعيد لحظاتٍ صغيرة: ضحكة، خبزة، رائحة غبار بعد حزن، وأحوّلها إلى سردٍ يهبها حياة ثانية.
لم أكن أبحث عن حزنٍ أنيق يُعجب النقّاد، بل عن صدقٍ قاسٍ يشبه نَفَس الزينكو حين يشتدّ الحرّ.
أعرف أن الحزن في المخيم لم يكن حزنًا عابرًا، بل نظام حياة.
لكنني أيضًا أدرك أن الألم ليس نقيض الحياة، بل أحد أوجهها الخفية.
لذلك جاءت قصصي محمَّلة بالوجع، نعم، لكنها لم تستسلم له».
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-11-2025 08:48 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||