سرايا - مع تزايد انتشار السيارات الكهربائية حول العالم، التي تُعد خيارًا صديقًا للبيئة واقتصاديًا، برزت فجوة واضحة بين الجنسين في امتلاكها، إذ تُظهر البيانات أن الرجال أكثر ميلًا لشراء السيارات الكهربائية مقارنة بالنساء، رغم أن الأخيرة أكثر وعيًا بالقضايا البيئية.

وفي تقرير موسع استعرضت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الأسباب الحقيقية وراء هذا التفاوت الكبير الملفت للأنظار عالميا.

تجربة نسائية تكشف الواقع

عندما اشترت الأمريكية أشليا ووتن-شابيل سيارتها الكهربائية الأولى عام 2022، شعرت أنها وجدت السيارة المثالية لحياتها العملية والأسرية، وكانت فورد موستانغ Mach-E، النسخة الكهربائية من السيارة التي امتلكها والدها في شبابه، قائلة: أشعر أن فورد صنعت هذه السيارة خصيصًا لي، فهي تناسب الأم العاملة وتوفّر الوقود والصيانة.

لكن حماسها اصطدم بواقع مختلف في مجتمعات عشاق السيارات الكهربائية على الإنترنت، حيث واجهت تعليقات سلبية وتفسيرات رجالية مفرطة ، وعندها قررت إنشاء مجموعة خاصة على فيسبوك باسم Mustang Mach-E Girls Club ، تضم اليوم أكثر من 6500 عضوة، لتكون مساحة مريحة للنساء لمشاركة تجاربهن وطرح الأسئلة بثقة.

الرجال يهيمنون على سوق السيارات الكهربائية

وتشير بيانات شركة S&P Global Mobility إلى أن الرجال في الولايات المتحدة أكثر احتمالًا بمرتين من النساء لامتلاك سيارة كهربائية، ورغم أن الرجال يشكّلون غالبية مالكي السيارات عمومًا، فإن الفجوة تتضاعف في فئة السيارات الكهربائية مقارنة بسيارات البنزين أو الهجينة.

ويقول كاي سي بويس، نائب رئيس أبحاث السيارات والطاقة في شركة Escalent: لا يمكن أن تستمر مبيعات السيارات الكهربائية في النمو إذا ظلت حكرًا على الرجال، فمشاركة النساء أساسية لتحقيق أهداف المناخ وتخفيف أعباء الوقود على الأسر.

الأسباب الاقتصادية والثقافية وراء الفجوة

ورغم أن النساء أكثر اهتمامًا بقضايا المناخ، فإن العوامل الاقتصادية والتقنية ترجّح كفة الرجال، حيث إن السعر المرتفع للسيارات الكهربائية أغلى من نظيراتها البنزين، والرجال يمتلكون في المتوسط دخلًا أعلى يمكنهم من تحمّل الأقساط.

بالإضافة إلى عنصر المخاطرة التقنية، فالرجال أكثر استعدادًا لتجربة التكنولوجيا الجديدة، وتقول جيسيكا كالدويل من موقع Edmunds: كثير من النساء يفضلن المشتريات العملية، والسيارات الكهربائية لا تزال تكنولوجيا غير مألوفة تمامًا، لذا قد لا تُعتبر خيارًا واقعيًا بعد.

وتوجد أيضا ثقافة الذكور التقنيين ، فمع صعود تسلا في العقد الماضي، ارتبطت السيارات الكهربائية بصورة الرجل المهووس بالتقنية والمعجب بـ إيلون ماسك، ما جعل التسويق للسيارات الكهربائية يبدو ذكوريًا.

كما ساهمت الإعلانات الموجهة للرجال في تعزيز هذا الانطباع، مثل ظهور أرنولد شوارزنيغر بدور زيوس يقود سيارة كهربائية، أو حملات تسويقية تعتمد على القوة والسرعة .

تحديات تواجه النساء في عالم السيارات الكهربائية

ورغم تضاؤل الفجوة (من 3 رجال لكل امرأة قبل 10 سنوات إلى 2 رجال لكل امرأة اليوم)، ما تزال قضايا الأمان والبنية التحتية للشحن تمثل عائقًا، رتقول ليف لي، إحدى مالكات فورد Mach-E: بعض محطات الشحن تقع في أماكن مظلمة أو منعزلة، مما يجعل كثيرًا من النساء يشعرن بعدم الأمان خصوصًا أثناء الليل.

كما تضيف نيكا ميندوزا، وهي أم تقود سيارة Audi e-tron: بالنسبة للأمهات، فكرة البحث عن محطة شحن أثناء قيادة الأطفال مرهقة للغاية.

مبادرات نسائية لتشجيع اقتناء السيارات الكهربائية

واستجابت بعض الشركات لهذه المخاوف عبر تصميم محطات شحن أكثر أمانًا مزودة بإضاءة جيدة وحراسة على مدار 24 ساعة، مثل شركات Rove و Ionna و Electrify America.

وفي الوقت نفسه، أطلقت ناشطات حملات مجتمعية لتمكين النساء مثل: مجموعة Mustang Mach-E Girls Club، وحساب @MachEMom على إنستجرام، وحملة I ll Drive What She s Driving التي تبرز نماذج ناجحة من نساء يمتلكن سيارات كهربائية.

توضح كاي كامبل من منظمة Generation 180: هدفنا هو توفير مساحة محايدة ومريحة للنساء لطرح الأسئلة وسماع تجارب نساء أخريات في عالم السيارات الكهربائية.

وتظل السيارات الكهربائية خيارًا مستقبليًا واعدًا للجميع، لكن الطريق نحو مساواة كاملة بين الجنسين في اقتنائها ما يزال يحتاج إلى مزيد من الوعي، والأمان، والتسويق الشامل.