05-08-2025 05:59 PM
في زمن يُفترض أنه زمن الوعي والحرية والمساواة، ما تزال آلاف النساء يعشن خلف جدران الصمت المزدوج، يحملن أعباء الحياة بمفردهن، ويطلب منهن في ذات الوقت أن يصمتن، لا يشتكين، لا يرفعن الصوت، لا يطلبن شيئا.
وكأن التعب قدر أنثوي، وكأن الحاجة إلى رجل حقيقي تعد "جرما" يدين المرأة بدل أن ينصفها.
هي امرأة تعيش زواجا على الورق، رجل في بطاقة الأحوال، لا أثر له في تفاصيل الحياة اليومية. لا يسند، لا يحاور، لا يحس، لا يشعر، لا يشارك، ولا حتى يحاول. حاضر في الصورة العائلية وغائب في المشهد الحقيقي. أشبه بشبح يتجول في البيت، أو "هارون الرشيد" يمدحه الناس وهو في الداخل لا يرى ولا يُرى.
هذه المرأة تعيش طلاقا صامتا، لكنه أشد قسوة من الطلاق الرسمي، لأنها لا تمتلك "ترف الانفصال"، فهناك أطفال، وهناك مجتمع لا يرحم، وهناك عيب، وعار، و"ماذا سيقول الناس؟". فتجبر على التمثيل، وتجبر على الصبر، وتجبر على الصمت.
هي لا تطلب المستحيل، ولا تريد أن تكون بطلة في فيلمٍ رومانسي. كل ما تريده رجلا حقيقيا. رجلا يحمل معها .. رجلا يشعرها بالأمان حين تضيق الدنيا، تسند رأسها على كتفه في لحظة تعب دون أن تشعر بالذنب. رجلً ينفق، يشعر، يشارك، لا يستنزفها ثم يطالبها بالرضا والسكوت.
لكن، كلما عبّرت عن رغبتها بذلك، قيل لها: "عيب"، "غير راضية"، "طامعة"، "مش مزبوطة"، وكأن الأنثى لا يحق لها أن تكون إنسانة مكتملة الرغبات والحقوق. وكأن الحب والعاطفة والاحتياج ترف لا تستحقه إلا في الروايات.
من أعطى المجتمع هذا الحق في كتم صوت المرأة؟ من قال إن أنوثتها يجب أن تقمع، وإن حاجتها العاطفية والمادية والمعنوية يجب أن تقابل بالصمت والإنكار؟ من قال إن تضحيتها من أجل أولادها تعني بالضرورة أن تموت حية، وأن تمحى كي تستمر الحياة؟
هذا المقال ليس دعوة للتمرد الأعمى، ولا للتحريض على العائلات، بل هو نداء لفتح العيون على واقع مؤلم تعيشه اعداد لا يستهان بها من النساء في بيوتهن. دعوة للمجتمع، وللرجل قبل غيره، أن يكون شريكا حقيقي، لا مجرد اسم في خانة الزوج.
فكما أن الرجل لا يقبل أن يعامل كآلة للدفع أو التسلية، فإن المرأة لا تقبل أن تكون خادمة صامتة تحرم من أبسط حقوقها الإنسانية. لقد آن الأوان أن نعترف: كثيرٌ من النساء لا يبحثن عن فارس على حصان أبيض، بل عن رجل يقف على قدميه، حقيقي، صادق، مسؤول.
فهل نملك الشجاعة لفتح هذا الملف المسكوت عنه؟
أم أن الصمت سيبقى سيد الموقف... و"العيب" سيبقى السيف المسلط على رقاب النساء وأقدارهنّ؟
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-08-2025 05:59 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |