06-06-2009 04:00 PM
سرايا -
الحرية ، كلمة واحدة تختصر انبل المعاني الانسانية ، انها الحياة من دون ظلم او استعباد او قيود ، انها احدى اهم مقومات الحياة الاجمل ، بنشدها الافراد والشعوب ، وحتى الكائنات الحية الاخرى ، تغنى بها الشعراء ، وانهك فلاسفة انفسهم في بلورة مفاهيمها ، كانت عنوانا لنضال الثوار والشعوب المقهورة ، اسماها البعض بالحرية الحمراء ، لان الدم كان تمنا لتحقيقها في كثير من البقاع ، انها اليوم عنوان الابداع العلمي والثقافي والتقدم الاجتماعي والاقتصادي في الدول المتقدمة ، التي طورت مفهومها الى الامام ، وتفننت الشعوب في استباط انماط جديدة منها ، حرية سياسية ودينية وثقافية وفنية وغيرها ، في الوقت الذي ما زالت هناك شعوب اخرى ، تحلم فقط بابجدياتها .
طاب الموت يا عرب ، ارفع راسك يا اخي فقد ولى عهد الاستعباد ، ان حرية الكلمة هي المقدمة الاولى للديمقراطية ، وحدة حرية اشتراكية او حياة فضلى ، تلك كانت بعض عناوين مرحلة التحرر العربي في القرن الفائت ، طرب لها ابناء العروبة ، فكانت شرارة الثورات ضد الاستعمار ، وكان تحرر الارض والانسان من قهر الاجنبي المحتل ، لندخل في مرحلة جديدة من الحرية عنوان صراع ما زال قائما بين الحاكم والمحكوم ، صراع بين اخوة الوطن ، وقد كان في مراحل وازمنة وامكنة مختلفة ، اشد ضراوة من الصراع مع اعداء الخارج ، الذين لم تولي فلولهم الادبار من كل ارض العرب ، فما زالت فلسطين تنشد اناشيد الحرية ، منذ عقود من الزمان ، دون ان يشرق عليها ، شعاع واحد من شمسها .
الحرية شجرة تبدأ من بذرة ، تمتد سيقانا واغصانا وازهارا وثمارا ، انها مأوى الانسان ، يبدأ بنيانه من الاساس ، فالهيكل ، ثم الاثاث والديكورات ومختلف مرافق الرفاهية ، انها مراحل لا تنتهي من البناء الانساني ، تسعى لسعادة الانسان وتقدم الاوطان ، انها ضرورة انسانية ، كما الماء والهواء والغذاء ، ولا يجوز ابدا ، ان تكون وسيلة لمختلف اشكال الايذاء لانسان اخر ، فمقولة " تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الاخرين " ، لا تنتهي صلاحيتها الى ابد الآبدين .
نحن في الاردن ، وقد فتحت لنا ابواب جديدة من الحرية عام 1989 ، وتعيشها اليوم ، اجيال لم تعاني من غيابها ، وبالتالي لم تقدر هذه النعمة ، تمارس حرية الاساءة والتجريح ، وحرية ايذاء الاخرين ، هذا ما نلمسه في تعليقات قراء المواقع الالكترونية ، التي وجدت متنفسا لحرية التعبير ، وكان الاجدى ان تكون هذه التعليقات من الجدية والاخلاق والالتزام الوطني ، بحيث تصبح مادة خصبة لمراكز البحوث الوطنية ، منها تستقصي هموم المواطن ، وتدرك تطلعاته ، بدل ان تكون معول هدم لقيم المجتمع ، من ضعاف نفوس ، ينعدم لديهم الاحساس الوطني والانساني ، فالحرية لن تكون ابدا نطاولا على القيم الاخلاقية ، بل تعزيزا لها ، كضوابط لحياة بشرية رغدة .
فاي اخلاق تسمح لمواطن ، ان يرسل تعليقا بذيئا ، على جريمة قتل ، ذهب ضحيتها مواطن ستيني وطفلته ، او غياب طفل عن منزل ذويه منذ اكثر من شهر ، دون ادنى حد من من الالتزام الاخلاقي ، ومن انسانية الانسان ، وتصور النفس مكان الضحية واهله ، وتقدير حجم المعاناة ، التي لن يخففها الا تعاطف الانسان مع اخيه الانسان ، وهذا ما نفخر به في الاردن حقا ، فما زلنا الاكثر تماسكا وتضامنا وتكافلا ، نقدر حجم المآسي ومعاناتها ، ونخفف عن ضحاياها ، فليس هناك اكثر حاجة من التعاطف في المحن ، فهي التي تخفف الحزن ، وتزرع الامل ، وتقوي الروابط الاجتماعية ، فان لم تشارك مواطنا فرحه ، فسيظل الفرح في قلبه كبيرا مهما نقص ، لكن الحزن هو ما يحتاج تلك الوقفة التضامنية ، فكيف نسمح للحرية بتشويه تلك العواطف الانسانية والوطنية النبيلة .
انها دعوة للمواقع الالكترونية الاردنية ، ان تعلم هولاء الرعاع عديمي الاخلاق ،
بمستوى اخلاقهم المتدني ، من خلال الاشارة الى عدم ملائمة تعليقهم للنشر ، وليس تجاهله فقط ، فهذا خطوة اولى في تربيتهم من جديد ، عسى ان يكون ذلك عاملا في ايقاظ الضمير مستقبلا ، فالحرية التي سالت من اجلها دماء طلاب الحرية ، تضحية منهم من اجل رفعة الوطن وابنائه ، لا يجوز ان تصبح سلاحا في ايدي العابثين ، وسببا في ايذاء الوطن والمواطن .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-06-2009 04:00 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |