سرايا - بينما يترقب الكثيرون رد حركة حماس على أحدث مقترحات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يغفل البعض حقيقة أن موقف الحركة ليس هو العقبة الوحيدة أمام إنهاء هذا الصراع الذي يقترب من إتمام عامه الثاني، مخلفاً نحو 200 ألف قتيل وجريح، أخذاً في الاعتبار أن المقترح المحدث المقدم إليها لا يزال يدور في فلك الرؤية التي طرحها المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والتي تتمحور حول إطلاق سراح 10 رهائن لدى الحركة وحوالي نصف جثث المتوفين، مقابل هدنة مدتها شهران وليس وقفاً للحرب كما تريد حماس.

وبينما يدور الحديث عن فرصة جديدة لوقف الحرب في غزة، يرى مراقبون أن التردد الإسرائيلي في الذهاب إلى اتفاق على غرار ما حدث مع إيران، يعد إحدى أبرز العقبات في ظل تمسك غلاة اليمين المتطرف، بزعامة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بمواقف متصلبة، لم تقف ككل مرة عند حد الإصرار على دحر حركة حماس، بل امتدت إلى دعوات لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وترافقت مع تقارير إعلامية إسرائيلية تتحدث عن استعداد الجيش لتطويق مدينة غزة واحتلال القطاع بالكامل، ما يلقي بظلال من الشك على فرص نجاح مساعي وقف إطلاق النار.


وفي ظل دعوات متكررة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإتمام الاتفاق على وقف إطلاق النار، وإعلانه شخصياً عن موافقة إسرائيل على شروط لذلك لم يشكف عن تفاصيلها، يرى محللون أن تل أبيب تصدر إشارات متضاربة ربما تراوح معها مساعي إحداث اختراق مكانها، وهو ما يطرح تساؤلاً بشأن مدى جدية الطرح الأمريكي.

ففي الوقت الذي لم تعلن إسرائيل رسمياً موقفها من التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، تدور المواقف الإسرائيلية التي يعبر عنها الإعلام العبري في نفس إطار التوجه السابق بضرورة تدمير حماس واستعادة المحتجزين، وهنا تكمن عقبة كبيرة أخرى أمام حدوث اختراق.



بينما قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن بعض المحللين يرون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد يكون الآن على استعداد للموافقة على إنهاء الحرب في غزة، حتى لو كان في ذلك مجازفة بتفكك ائتلافه الحاكم مع خروج محتمل لحلفائه السياسيين من اليمين المتطرف، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن نتانياهو سيطلب، خلال زيارته المرتقبة لواشنطن، من ترامب ممارسة ضغط مباشر على قطر لتهديد كبار مسؤولي حماس بالطرد إذا لم يتوصلوا إلى صفقة قريباً.

واستدعت الصحيفة الضغط الذي مارسه ترامب من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قبل توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، حيث دخلت هدنة على عدة مراحل حيز التنفيذ في ذلك الشهر، لكن الاتفاق، الذي كان من المفترض أن يتم التفاوض عليه على مراحل، انهار في مارس (آذار)، واستأنفت إسرائيل القتال مع حماس. ومنذ ذلك الحين، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.


وكانت إسرائيل قد قبلت في السابق نسخاً من مقترح ويتكوف، لكن يبدو أن هناك عقبات طويلة الأمد لم يتم حلها بعد، وفقاً للصحيفة الأمريكية التي أشارت إلى تمسك حركة حماس بربط الإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين بانسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من غزة وضمان إنهاء الحرب، بينما تصر إسرائيل على ضرورة استسلام حماس ونزع سلاحها ونفي قادتها في غزة إلى الخارج.

وتواجه إسرائيل وحماس ضغوطاً من المجتمع الدولي لإنهاء الصراع المميت الذي أدى إلى تشريد نحو مليوني فلسطيني في غزة مراراً تكراراً، ووضعهم على حافة المجاعة في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع لمدة 80 يوماً تقريباً بعد استئناف القتال مع حماس في مارس (آذار) الماضي.

وتسعى حماس للحصول على ضمانات أمريكية بعدم العودة للقتال، لا سيما في ظل تجربة الهدنة السابقة التي لم تنفذ إسرائيل من مراحلها سوى الأولى، وطلبت تمديدها لاستعادة المزيد من محتجزيها دون الانتقال للمرحلة الحاسمة الثانية.


وفي ظل مخاوف من مناورات الجانب الإسرائيلي والعودة إلى المربع رقم واحد بعد إطلاق سراح حوالي نصف من تحتجزهم من رهائن، ربما تحسم الحركة الفلسطينية أمرها خلال ساعات، واضعة في الاعتبار الضغوط التي تمارس عليها، وفي الوقت نفسه فهي تنظر بعين الشك في قدرة نتانياهو على الوفاء بأي وعود قد ينتزعها منه الرئيس الأمريكي في ظل الخطوط الحمراء التي وضعها له حلفاؤه في الحكومة اليمينية المتطرفة.

• إقرأ أيضاً : مستوطنون يقيمون بؤرتين استيطانيتين بنابلس والاحتلال يعتقل 41 فلسطينيا بالضفة
• إقرأ أيضاً : مقتل نائب قائد البحرية الروسية بهجوم أوكراني في كورسك
• إقرأ أيضاً : سرايا القدس تعلن تدمير دبابة "إسرائيلية" وسط مدينة خانيونس