21-11-2010 04:33 PM
سرايا - نعرفُ ، ويعرفُ الأردنيون ، أنّ القيادة العُليا ، في بلادنا ، وَسَمت أداءها ، السياسي والإنساني ، بوسائل تحصين ، تقوم على مباشرة الأمور الجسيمة بنفسها. وارتضت لـ"صورة الحاكم" (وهي عادة ما تُصنع عند الحكّام العاديين صناعةً) ، في أذهان الناس ، أن تكون مطابقة لحقيقة صاحبها وطبيعته. لا لشيء ، إلا لأنّ الحُكم في بلادنا له تقاليد ، تتوخّى أصالتها مًن قًيَمً الناس وثقافتهم: فهي إذ تبدأ بالرشاد والحًلم ، لتصلَ إلى الحكمة ، لكنّها تعرفُ ، رغم ذلك ، أن للأفراد طبائعهم وسجاياهم الأخرى ، منها المحمود ومنها المرذول. غير أنها ، في كلّ ذلك ، لا تخرج عن السجايا التي اختطّتها: فتُسامحُ ، وتعفو ، وتُداري ، وتغُضُّ النظرَ عن صغائر كثيرة ، وتصمتُ أيضاً عمّا يجب أن يُصمَت عنه..،، وتلك ، لعمري أسرارُ حُكمْ وحًكمةْ ، لا يتمكّنُ منها كثيرون.
ولأنّ الملًكَ ، ملًكَنا ، يعرفُ أن "حبّ المدحً والتزكية" هو "مَثلَمةّ" في شخصية أي حاكم ، كما يقول إبن المُقفَّع في أدبه الكبير ، فإنّه عبّرَ ، منذ بداية عهده المديد إن شاء اللّه ، عن إعراضه عن كلًّ ذلك ، وتأفّفَ منه ، وحثَّ على استبداله بالعمل النافع والمفيد للناس ، كلّّ في موقعه. ذلك ، لأنّه يُدرك "أنّ قابًلَ المدحً كمادحً نفسهً" ، ويعرفُ أيضاً أنّ "المرءُ جديرّ بأن يكونَ حبهُ المدحَ هو الذي يحملهُ على ردًّهً" ، لأنّ "الرادّ لهُ محمودّ ، والقابلَ لهُ مَعيبّ". وعلى الرغم مًن كلّ هذا ، فإنّ أناساً ، وعلى رأسهم النُخب ، على أنواعها ، تستسهل المديح والتزكية ، شًعراً ونثراً ، وتؤثًرهُ على الفًعلً النافع والقولً المسؤول والمفيد.. ولـ"المؤلّفة قلوبهم" ، والذين أتقنوا فنّ المديح ، بنصوصْ وديباجات ، يظنّون أنها صالحة لكلّ زمان ومكان ، نقول ونُذكّر: أنّ المَلًكَ يعرفُ الفضل وأهله ، ويعرفُ "أهل الدينً والمروءةً ، في كل كورةْ وقريةْ وقبيلةْ" ومدينةً ومُخيّمْ ، في بلادنا الخيّرة. فَهُم ، وإن كان بعضهم "إخوان وأعوان وأصفياء وبطانة وثقاة وخُلَطاء" ، فإنّ غيرهم البعيدين والراضين والمطمئنين أكثر. أما المستشارون منهم ، فلعلّهم يعرفون أنّ آراءهم ، عند الحاكم ليست للافتخار ، وهي ، عند أهل الفضلً والعقلً ، لا تعني سوى أنّ الحاكم": لا يتفردُ برأيهً دونَ استشارةً ذوي الرأي" ، فإلتماسُ رضى جميع الناس هو التماسّ لًما لا يدركُ. فإذا كان المَلًكُ لا يتركُ "مُباشرةَ جسيمً" الأمورً لغيرهً ، ويأخذها على عاتقه ، ويُدهشُ الأردنيون ومَن حولنا ، برصانةً خطابهً السياسي ، وقوّة منطقه ، ويُفوّضُ "ما دون ذلك (أي ما دون الأمور الجسيمة) إلى الكُفاةً" ، فلأنّ ذلك من طبيعة الأشياء وضروراتها ، ولأنّ ذلك أيضاً مًن أخلاق الرشاد ، التي يعرفها الناس في حاكمهم. ذلك أنّه لا يُعاجًلُ "بالثوابً ولا بالعقابً" ، لأنّ ذلك ، عند المُكلّفين وأصحاب المسؤولية ، "أدومُ لخوفْ الخائفً ورجاء الراجي". وهنا ، نتساءلُ: لماذا يُقصّر الإعلام المحليّ ، والآخرون أصحاب المسؤولية والثقاة ، عن الإرتقاء محلياً وإقليمياً ، إلى المستوى المرموق ، الذي يُقدًّمه جلالة الملك في أدائه وخطابه السياسيين ، على المستوى الدولي.
ولأنّ سيّد البلاد ".. يتفقّدُ لطيفَ أمورً رعيتهً (أي بسيطها) ، فضلاً عن جسيمها" ، إستناداً إلى حكمة أنّ "لًلَطيفً موضعاً يُنتفعُ به ، وللجسيم موضعاً لا يُستغنى عنهُ": فيسُدُّ "فاقةَ الأخيارً الأحرار منهم" ، ويقمعُ طغيانَ السفلةً ، و"يستوحشُ من الكريمً الجائعً واللئيم الشبعانً" ، ذلك أنّ صَولةَ الكريمً في جوعه ، واللئيم في شبعهً. فعلى هؤلاء ، بكلّ أنواعهم ، أن يتّقوا اللّه في أعمالهم وأقوالهم ، وفي مسؤولياتهم ، وعلى رأسها أحوالُ الناس ، المحرومين والمقهورين والمظلومين ، في بلادنا العريضة.
حمى اللّه الملك عبداللّه الثاني بن الحسين ، قائداً عربياً رشيداً وحكيماً. وحصّنَ اللّهُ الأردنّ ، بقيادته ، وأبقاه وطناً آمناً لأبنائه ، وللائذين به من أبناء الأمة ، في أزمانْ تشتدُّ فيها المًحن ، وتتكاثرُ فيها جوائحُ الدهر ، السياسية والاجتماعية والاقتصادية. آملاً ، أن لا يُدرجَ مقالي هذا في سياق المديح ، فهو ، واللّه يشهد ، كلامّ لا قصد من ورائه ، سوى النصيحة للعاملين في "المعيّة" ، والطامحينَ ، والمسؤولين ، والتخفيف من غلواء بعضهم واندفاعاته ، وما يسوقونه إلى الناس و"الصالونات" ، مًن فيض الادّعاءات والأوهام ، فما هكذا يرضى اللّهُ ولا الحاكمُ ولا الناسُ.
الّلهمّ فاشهد.
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-11-2010 04:33 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |