بقلم : انس الطوايعة
لا اعلم ما الذي يدفعني للبحث والكتابة في سيره هذا الرجل الذي لقب بسليمان العظيم، هل يدفعني يا ترى الشعور بضعف امتنا واستكانتها للكتابة عنه، ام الشعور بفقدان الكرامة وتكالب الامم علينا، ام لاننا اضحينا غثاء كغثاء السيل ، وزادت حاجتنا لقائد همام يوجه دفة سفينتنا التائهة منذ مئات السنين ليوصلها لبر الامان وبر الانتصارات .
سليمان القانوني لم يعرفه الكثير من المسلمين للأسف الا بالصورة التي قدمت له عبر مسلسل تلفزيوني لا يمت للحقيقة بصله، ظهر فيه كزير للنساء عاشق للجواري شارب للخمر يسكن القصور والجنان ، فنسي الجميع امجاده وبطولاته وتم تشويه صورته العطرة وانجازاته العظيمة، وامجاده التليدة ، وبطولاته التي لا نظير لها ، وتم تجسيده بالصورة القبيحة التي تجعله نسيا منسيا، وهذا ما يريده اعداء الامه فعله ، من الغاء القدوة ومحو امجاد قادتنا العظام في زمن البؤس والهزيمة والانكسار.

المتتبع لسيره القانوني سيجده ليس بعيدا عنا زمانيا ولا مكانيا فهو عاش بين فترة (1449- 1566) م ليكون من اطول خلفاء الدولة العثمانية مكوثا في الحكم حيث حكم فترة طويله تصل الى 48 عاما، استلم الحكم فيها من والده سليم الاول ليبدا رحله المجد والخلود ويمرغ انوف اعداء امتنا التراب ، وليجبرهم على الاستسلام والخضوع لرايه الدولة العثمانية، التي بلغت الافاق وحكمت الارض من شمالها لجنوبها، ومن شرقها لغربها ، فوصلت قوافل المجاهدين الى شمال افريقيا واروبا واسيا حتى باتت انجازاته كثيره متعدده شملت كل جوانب العلم والمعرفة والعمران الاسلامي بالإضافة للفتوحات التي استمرت طوال فتره حكمه ومن اهم ما انجز :
• قام بفتح المجر والسيطرة على عاصمتها بودابست وجعلها ولاية عثمانية .
• قام بشن حملات على الدولة الصفوية في ايران والعراق وضم العراق لدولة الخلافه العثمانيه .
• اضاف إلى أملاك الدولة تبريز، وقلعتا: وان وأريوان وأجبر الشاه طهماسب على الصُّلح واكد أحقية العثمانيين في كلّ من أريوان وتبريز وشرق الأناضول.
• كما واجه العثمانيون في عهده نفوذَ البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي، فاستولى أويس باشا والي اليمن على قلعة تعز سنة (953هـ= 1546م)، ودخلت في عهده عُمَان والأحساء وقطر ضمن نفوذ الخلافة العثمانية، وأدَّت هذه السياسية إلى الحدِّ من نفوذ البرتغاليين في مياه الشرق الأوسط.
• وفيما يتعلق في القارة الافريقية دخلت ليبيا، والقسم الأعظم من تونس، وإريتريا، وجيبوتي، والصومال ضمن نفوذ الخلافة العثمانية
• خلال فترة حكم سليمان القانوني كان للدولة العثمانيه اسطول بحريا يشهد له القاصي والداني ،وكان البحارة العثمانيين من امهر واقوى المقاتلين في ذلك العصر ،واشتهر في تلك الفترة القائد خير الدين بربروس الذي كان يضرب السواحل الإسبانية والسفن الصليبية في البحر الابيض المتوسط ، كما يشار اليه الفضل في انقاذ الاف المسلمين من قتل وبطش محاكم التفتيش الإسبانية بعد سقوط الاندلس .
• استنجد ملك فرنسا بالدولة العثمانية، فارسل سليمان القانوني اسطوله البحري بقياده بربروس الى الأسطول الفرنسي، وشاركه في حربه مع الهابسيورج، وساعد الفرنسيين في استعادة مدينة نيس (950هـ= 1543م)؛ وهذا ما أدَّى إلى تنازل فرنسا عن ميناء طولون الفرنسي برضاها للإدارة العثمانية، وتحوَّل الميناء الحربي لفرنسا إلى قاعدة حربية إسلامية للدولة العثمانية في غرب البحر الموسط.
• اتساع مساحة الدولة العثمانية فشملت البحر الأحمر، حيث استولى العثمانيون على سواكن ومصوع، وأخرجوا البرتغاليين من مياه البحر الأحمر، واستولوا على سواحل الحبشة، وهو ما أدَّى إلى انتعاش حركة التجارة بين آسيا والغرب عن طريق البلاد الإسلامية.
• ظهر في عصر القانوني أشهر المهندسين المعماريين في التاريخ الإسلامي؛ كالمهندس سنان باشا؛ الذي اشترك في الحملات العثمانية، واطَّلع على كثير من الطرز المعمارية؛ حتى استقام له أسلوب خاص، ويُعَدُّ مسجد سليمان القانوني أو جامع السليمانية في إسطنبول -الذي بناه للسلطان سليمان في سنة (964هـ= 1557م)- من أشهر الأعمال المعمارية في التاريخ الإسلامي.

• في عهده وصل فنُّ المنمنمات (أي الرسوم) العثمانية إلى أوجه ازدهارها، وقد قدَّم «عارفي» وثائق الحوادث السياسية والاجتماعية التي جرت في عصر سليمان القانوني في منمنمات زاهية، ولمع في هذا العصر عدد من الخطَّاطين العظام، يأتي في مُقَدِّمتهم حسن أفندي جلبي القره حصاري، الذي كتب خطوط جامع السليمانية، وأستاذه أحمد بن قره حصاري، وله مصحف بخطِّه، وهو يُعَدُّ من روائع الخطِّ العربي والفنِّ الرفيع، وهو محفوظ بمتحف «طوبي قابي»


• لقبه القانوني لم يأتي من فراغ بل لسنه القوانين الإدارية التي نظمت الدولة العثمانية، والتي كان حريصا فيها على تطبيق قواعد الشريعة الإسلامية والتي عرفت باسم «قانون نامه سلطان سليمان».

كل ما ذكر انفا لا يعطيه حقه ابدا فمسيره 48 عاما من الانتصارات، والحاق الهزائم بأعداء الامه ،وما تم انجازه خلال فتره حكمه ليس من العدل ان تحصر في مقال معدود الكلمات والحروف، فهذا اجحاف لمسيره عملاق سطر حكمه على العالم باسره، حتى وفاته لم تكون وفاة عاديه فقد وصل عمره 74 عاما وهو مواظب على الجهاد يأبى الا ان يكون في مقدمة جيوشه، يبث الامل ويزرع روح العز والفخار في قلوب جنوده الاخيار، وهاهو يصاب بالنقرس ويرفض الجلوس عن الجهاد ،ويستمر مع جنوده 5 اشهر وهو يحاصر احد اهم قلاعهم وحصونهم المنيعة ( سيكتوار المجرية)حتى فتح الله عليهم ابواب رحمته ،وهزموا اعداء الامه وقبضت روحه غازيا مجاهدا في سبيل الله ولم تشهد الامه في ذلك الزمن يوم حزن كيوم وفاة القانوني ،ولم يشهد الغرب يوم فرح كيوم وفاة سليمان .
رحم الله سليمان القانوني واعاد للامه من يعيد مجدها المفقود، وبريق نصرها الذي ضل في افق الظلام والانكسار .

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا