10-09-2017 09:30 AM
سرايا - سرايا - يقلب المقعد الخلفي تارة، ويفتش بين ثنايا مقعده الأمامي تارة أخرى، لعله يعثر على الغلة (الفكة) التي يضعها في السيارة، أثناء عمله نهاراً، فبعد مرور ساعة تيقن بأنه قد تعرض للسرقة، من أحد الركاب في ذلك اليوم، السائق أبو أحمد يروى حكايته.
يقول أبو أحمد لـ "دنيا الوطن": "بعد نزل الركاب جميعهم، لم يتبق سوى واحد منهم، استأذنته لشراء العلاج من إحدى الصيدليات، فلم يتردد ووافق على الفور، حتى إنني لم أظن من أنه سيتجرأ على أغراضي في غيابي، ليأخذ الأموال التي كنت قد عملت بها طوال النهار حتى العصر، ويفر هارباً، ويأخذ معه ساعة وخاتم فضة وجوال (نوكيا) كشاف على حد وصفه".
ويتابع: "السيارة ليست ملكي بل أنا عامل، أتقاضي يومية من مالكها، حسب النسبة التي أجمعها من وراء عملى"، وعلى الرغم من ذلك توجهت إلى أخي واستدنت منه مبلغاً؛ كي أعوض ما تم سرقته، وأعلمت مالك السيارة بما حصل، فالضرر وقع عليه بالكامل"، مؤكداً أنه لم يتوجه إلى أي جهة رسمية تأخذ بحقه.
سرقة وسطو
بينما قضية الشاب أحمد الغلايني سائق على خط الجنوب لم تكن الأولى من نوعها على مستوى السرقات، فيقول: بينما أنا ذاهب بالركاب في طريق البحر، وإذ بسيدة أوقفتني لتسألني عن مكان في مدينة رفح، وأشارت إلى أنها لا تحمل نقوداً كافية، فلم أتوان لحظة، وقلت لها: "تفضلي اركبي بوصلك ببلاش"، وهنا بدأت الحكاية.
وعن تفاصيل القصة يتابع: "بعدما نزل الركاب جميعهم، حيث المكان الذين يريدونه، بقيت هي ولم تنزل بعد وبدأت بسرد قصص أشبه من أنها خيالية، فلم أشك بأنها تتلاعب لتضيع الوقت وتجعلني أمضي في طريق هي كانت تريده، فمجرد وصولي إلى المكان الذي أرادته نوهت إليها بأنها قد وصلت، لكنها أكدت على أنها لا تعرف المكان بالتحديد، وطلبت الدخول في أراضٍ زراعية إلى أن أوقفه رجلان تحت تهديد السلاح الأبيض، وهي قامت على الفور بأخذ ما في جيبه من أموال وفكة كان يضعها بعلبة بلاستيكية داخل سيارته".
ويؤكد، على أنه لم يتخيل للحظة بأنه نجا منهم فالحادثة مرعبة على حد وصفة، ومن حينها بدأ يأخذ الحذر والحيطة، بعدما تقدم إلى مركز الشرطة الخاص بمنطقة سكنه، وهناك تم عمل الإجراءات اللازمة والتحقق من القضية التي تعرض لها، موجهين له شروط الأمن والسلامة التي من الواجب عليه اتباعها.
كثيراً ما نسمع حكايات سطو من قبل السائقين على الركاب، بخطفهم وسرقة ممتلكاتهم التي يحملونها من أموال وصيغة تصل إلى حد القتل العمد لإخفاء ملامح الجريمة، إلا أنه من الواضح أن أمر تعرض السائقين للسرقة بات منتشراً في غزة، وخاصة بالآونة الأخيرة، فما هي الإجراءات القانونية بحق من تقع عليه جريمة السرقة أو ما شابه، إليكم التفاصيل بالتقرير التالي:
السرقة وفق القانون
المحامي محمد لبد يقول لـ "دنيا الوطن": "عرف القانون كلاً من جريمة السرقة والسارق في قانون العقوبات الفلسطيني رقم 74 لسنة 1936م، على أن كل من اختلس مالاً منقولاً مملوكاً لغيره بنية تملكه فهو سارق، والسرقة هي اختلاس مال منقول مملوك للغير بنية تملكه".
وعن أركان السرقة يضيف: "تقوم على أركان ثلاثة، موضوع ينصب على الفعل، وركن مادي قوامه الاختلاس، وركن معنوي يتخذ صورة القصد ويضم بين عناصره نية التملك".
والشرط المفترض في جريمة السرقة هو وجود مال منقول مملوك للغير، وبدون هذا الشرط لا يمكن أن تقع جريمة السرقة، فلا بد أولا أن يكون المسروق مالاً، أي أن يكون شيئا مادياً له قيمته، وثانياً لابد أن يكون المال منقولاً، أي قابلاً للنقل من مكان إلى آخر دون تلف، كما يجب ثالثاً أن يكون المال المنقول مملوكاً للغير، فلا سرقه من مالك، هذا ما أشار إليه.
ويتابع: "أما الركن المادي لجريمة السرقة فيتكون من نشاط ونتيجة، والنشاط هو فعل الاختلاس، أي إخراج المال من حيازة مالكه دون رضاه، كأن يمد شخص يده في جيب غيره ليأخذ نقوده، أما النتيجة فتتحقق بخروج الشيء المنقول فعلاً من حيازة المالك وانتقاله إلى حيازة السارق".
ويلفت أ. لبد إلى إن جريمة السرقة التي تحدث من قبل ركاب سيارة الأجرة وغيرها لا تتحقق إلا بحصول النشاط والنتيجة المترتبة عليه المذكور أعلاه، ففي المثال السابق لا تتحقق السرقة إلا إذا تمكن السارق من إخراج النقود من المكان المخصص في السيارة الذي يوضع السائق النقود فيه، أما لو تنبه المجني عليه إلى السارق ومنعه من إخراج النقود، فإن جريمة السرقة لا تتم، وإنما تكون شروعاً في سرقة.
وعن العقوبة المقررة للسرقة من المواصلات أو المركبات الآلية، يقول: "الأصل في جريمة السرقة أنها جنحة فقد شملها القانون الفلسطيني بالعقاب في صدر المادة 263 في فقرتها الأولى، كما نص المشرع في المادة 273 من القانون المذكور على السرقة من الأشخاص والأماكن.
فإذا ارتكب شخص جرم السرقة في أي حال من الأحوال التالية، أي إذا سلب الشيء من ذات شخص آخر، أو إذا سرق الشيء من بيت سكن وكانت قيمته تتجاوز خمسة جنيهات، أو إذا سرق الشيء من سفينة أو مركبة مهما كان نوعها أو من محل أو مستودع أو عنبر يستعمل لنقل أو حفظ البضائع المارة برسم التوسط (الترانزيت) من مكان إلى آخر.
أما إذا كان الشيء المسروق متصلاً بالسكة الحديدية أو يؤلف جزءاً منها، إذا سرق الشيء من سفينة وهي في حالة الخطر أو الغرق، أو من سفينة جانحة إلى الشاطئ، وإذا سرق الشيء من مكتب عمومي كان مودعاً أو محفوظاً فيه، إذا كان المجرم قد فتح صندوقاً أو وعاءً آخر بمفتاح أو أداة أخرى تسهيلاً لارتكاب الجرم، فيعتبر أنه ارتكب جنحة".
نسير وفق القوانين للحد من المشاكل
ويلفت، المقدم أيمن البطنيجي الناطق باسم الشرطة، بأن هناك حالات من السائقين تعرضوا للسرقة، مما دفعهم لتقديم شكاوى وبلاغات في الحادثة، مؤكداً على أنهم يذكرون السائقين بحملات توعوية حول اتباع الإرشادات التي قد تبعدهم كل البعد عن أي خطر قد يصيبهم، ومنها حوادث السرقة التي يتعرضون إليها من قبل سطو بعض الركاب عليهم، بطريقة أو بأخرى.
ويشير إلى أن السرقة جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن في حال تحققنا من ذلك بعد أي شكوى تقدم إلينا، فنحن نسعى لخدمة وراحة المواطن، ونسير وفق القوانين للحد من تضخم المشاكل وحقناً لدماء المواطنين، ولمنع تفشي وانتشار المشكلة.
السرقة حرام شرعاً
ومن جهته، ماهر السوسي عميد كلية الشريعة والقانون بالجماعة الإسلامية، يقول عن حد السرقة في الإسلام: "الله سبحانه وتعالى حرم الاعتداء على أموال المسلمين وغير المسلمين، مهما كانت صورة هذا الاعتداء سواء أكانت بالسرقة أو بالسلب أو التخريب".
ويضيف د. السوسي: "وردت نصوص شرعية تبين جزاء السارق، فالعقاب يظهر أن السرقة حرام لأن الجزاء لا يكون إلا على أمر نهاه الله، سواء أكانت السرقة من السائقين أو من غيرهم فهي حرام شرعاً، فالإسلام لم يفرق"، مشيراً إلى أنها محرمة شرعاً مهما كان جنس المسروق منه أو لونه ودينه، فلا يجوز بأي حال من الأحوال.