حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,27 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 20137

عاطف الفراية: رغبت أن تكون قصيدتي عربية إسلامية تمتح من موروثها الميثولوجي الخاص

عاطف الفراية: رغبت أن تكون قصيدتي عربية إسلامية تمتح من موروثها الميثولوجي الخاص

عاطف الفراية: رغبت أن تكون قصيدتي عربية إسلامية تمتح من موروثها الميثولوجي الخاص

30-05-2008 04:00 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا -

 

إلى فضاءات أكثر التصاقا بالواقع وأهله ، وبعيدا عن المباشرة ، يذهب عاطف الفراية بقصيدته ، متخذا من الدراما سبيلا ، ومن قلقه غير المطمئن إلى دليل دليلا ، منفتحا على مختلف الأشكال الإبداعية ، التي يتركها تمتح من بعضها البعض ، وصولا لغاية تتمثل بمنجز إبداعي ، يتمتع بمبنى جميل على صعيد الشكل ، ومعنى ذا بعد إنساني على صعيد المضمون. ويُعتبر الفراية واحدا من الشعراء الذين استطاعوا امتلاك أصواتهم الخاصة دون الاستعانة بأدوات الآخرين ، ما كرس اختلافه في المشهد الشعري العربي ، كواحد من شعراء التسعينيات في وقت ظل خلاله جمهرة من الشعراء (الجدد) تحت عباءة الرواد أوالجيل الذي تلاهم. وللفراية مجموعة شعرية وحيدة بعنوان "حنجرة غير مستعارة" وأربع مسرحيات منها:"كوكب الوهم" و"أشباه وطاولة" و"السقف" وحاز مسرحيا على غير جائزة ، مثل جائزة الشارقة للابداع العربي (المسرح)عام 2000 ، وجائزة جمعية المسرحيين بالامارات للتأليف المسرحي 2002 . ولإلقاء المزيد من الضوء حول تجربة الفراية الإبداعية على اختلاف أشكالها كان لـ "الدستور" معه الحوار التالي: س: أفضل البداية من أكثر الأسئلة بساطة وعمقا في الوقت ذاته بالنسبة للشاعر ، الشعر ، ما هو التعريف الذي تشعر بالاطمئنان حياله؟. ـ لم أتفق مع نفسي على تعريف محدد للشعر أطمئن إليه ، ولم أفكر في هذا الأمر يوما بعقل الناقد أو المنظّر ، وهي المنطقة التي نأيت بنفسي عنها مذ أحسست بلوثة الكتابة ، بل أصارحك أكثر لأقول إنني لم أعتمد نفسي شاعرا منحازا ومخلصا للشعر كي أبحث له عن تعريف محدد ، عادة ما تكون التعريفات تبدأ بالعبارة التقليدية: الشعر هو كذا.. أما لدي فتبدأ بالعكس: الشعر هو ليس كذا.. الشعر ليس كلاما موزونا ، وليس انزياح اللفظة عن دلالتها الأم لتكوين الصورة ، وليس ذلك الفن الذي يفتح آفاق النفس على تذوق الجمال.. ، بل الشعر في تقديري هو كل ما ذكر بعد (ليس) مجتمعا حتى لا انفصام بين عراه تلك ، وغياب أي من تلك العرى يجعل الشعر من حيث هو فن يذهب إلى منطقة أخرى أقل جمالا ، ما أتبناه هو أن الشعر الحقيقي ينبغي أن يحمل إلى جانب الغاية الجمالية ، رسالة ما ، وكل شعر لا يحمل رسالة يدخل في خانة العبث مهما كان جميلا ، والجمال والغموض الشفيف الذي يمنح الشعر سحره وألقه لا بد أن يفضي في النهاية إلى غاية ، حتى لو تحققت بالتراكم عبر قرون. س: تمارس الكتابة في غير شكل إبداعي إلى جانب الشعر طبعا ، ألا تعتقد أن ممارسة تلك الأشكال المتعددة من شأنها أن تحدث شيئا من الانزياح في التعاطي معها ما يؤثر على حرفتك الأساس ـ من منظور مهني إبداعي ـ ذلك أن لكل منها خصوصيته على صعيدي الشكل والمضمون؟. ـ أنا مقلّ في كل ما أكتب ، القصيدة والمسرحية والمقالة الساخرة والنقد الدرامي ، قد تفاجأ إذا قلت لك إن عدد القصائد التي كتبتها مجتمعة في حياتي لم يصل العشرين شاملة المقاطع القصيرة ، أنا لم أكن مخلصا لمشروعي الشعري ، ولم أتخذ من الشعر (حرفة أساس من منظور مهني إبداعي.. حسب توصيفك) ليس ذلك بإرادتي فقط ، ولا لطبيعة ظروف حياتي التي فرضت عليّ نأيا مستمرا في الداخل والخارج فقط ، بل هناك عوامل كثيرة أولها أنني لم أكن (في فترة التكوين) مزهوا بمشاهدة اسمي ونصي على صفحات الجرائد ، ولا معنيا بترسيخ اسمي شاعرا ، في الأساس كانت تربيتي درامية ، ربيت نفسي على أعمال وليد سيف ومحفوظ عبد الرحمن ، نشرت النقد الدرامي في صوت الشعب أواسط الثمانينيات ولم يكن رصيدي من الشعر أيامها يزيد على وهج البدايات التي كان الجنوح للدراما فيها واضحا ، كنت أذهب إلى حديقة الشعر وأعود بقصيدة درامية تستنزفني لأغيب عن الشعر سنوات ، حتى يكاد يرسخ في وعيي أنني لست بشاعر ، ثم تجتمع في داخلي مرحلة عمرية يختلط فيها الذاتي مع الموضوعي والتاريخي الراهن ، فتخرج القصيدة سيلا جارفا يحرق مرحلة عمرية كاملة ، وهكذا ، من هنا أجد أن القصيدة الدرامية هي أصعب الشعر وأندره ، بعض من كان معي في هذا السياق تركها وكتب قصائد عادية وقصيرة لحرصه على استمرار الحضور (وهذا حقه) ، لأنه رأى أنها (مش موفية) أما أنا فلم أأبه بالحضور الدائم ، ومع ذلك ولله الحمد وضعتني تلك القصائد القليلة في عددها على خريطة جيلي الشعري وبصوت خاص لم يخرج من أي معطف ، أما عن المسرحية فقد جاءت بفترة توقفت فيها عن كتابة الشعر بشكل شبه تام ، وحين فازت أول مسرحياتي (كوكب الوهم) بجائزة عربية شعرت أن استنزاف الدفقة الدرامية في داخلي في قصيدة أصبح ضربا من العبث ، لأن ما أردته في القصيدة الدرامية لم يتبنّه أحد ، ولم ينظّر له أحد ، ولأسباب أنا واثق أنها ليست فنية ، بل دخلتها معادلات شللية وجبهوية وإقليمية وغيرها.. ، من هنا توالت المسرحيات وهي على أية حال ليست كثيرة.. س: ضخّ شعراء التسعينيات من القرن الماضي دماء جديدة في عروق المشهد الشعري في الأردن وقد كنت واحدا منهم إضافة لمجموعة من شعراء جماعة (أجراس) وغيرهم ، ولكن على الصعيد العربي فقد كان ـ وربما ما يزال ـ حضور شعراء الثمانينيات والسبعينيات الأكثر تميزا وتأثيرا ، كما أن ذلك الألق (المحلي) لم يستطع أن يواصل حضوره مع بداية الألفية الجديدة ، فما الذي قدمه شعراء السبعينيات والثمانينيات ولم يستطع تقديمه شعراء التسعينيات على الصعيدين المحلي والعربي؟. ـ الأجراس الخمسة وأنا وحكمت النوايسة وأحمد الخطيب وآخرون.. من الذين حفروا الصخر بأظافرهم وأسنانهم حتى يضخوا تلك الدماء التي تفضلت بذكرها ويضعوا أسماءهم على الخريطة.. وقد ظهروا بعد انكشاف عورات الربط التعسفي بين السياسي والفني ، لم يتبن أحد تلك الأصوات أو ينظّر لها أو يقدمها إلى الواقع الأدبي العربي ، أما ما تفضلت به عن انتشار أساتذتنا من جيل السبعينيات فقد جاء هذا الانتشار بمعزل عن الإسهام الفني بشكل شبه تام ، لنكن متكاشفين أكثر ، في تلك المرحلة (وإلى الآن نوعا ما) فإن الشللية والجبهوية هي التي تحدد حجم الانتشار ، لم يكن وقتها ثمة ناقد يمكن أن يشتغل على شاعر ليس من جبهته السياسية ، الذي ينتشر عربيا حسب توصيفك ، هو القادم من جبهة أو من جهاز أمني فقط.. ، وقد تشذ حالات ، الإنترنت هو الذي كسر ذلك الاحتكار المقيت ، لكنه بنفس الوقت أفضى إلى فوضى عارمة يصبح معها البحث عن الجيد أمرا متعسرا ، أما (التميز والتأثير) فلم ألحظه كثيرا ، أنا فقط أتحدث عن الانتشار ، (التميز) يمكن أن يتبدى حين تجد هذه الإبداعات نقدا علميا محايدا متخلصا من كل الأمراض الشللية والجبهوية ، أما (التأثير) في معناه الأكبر فهو وهم ، إذ إنني أعتقد أن مجمل المنجز الشعري العربي على مدى قرن كامل لم يقدم الأمة نصف خطوة على صعيد تفتيق الوعي العام أو إعادة بناء الذائقة المتهدمة ، أو محو الأمية الفنية ، أو تحرير العقل ، أو على الأقل إقامة جسر بين المنتج والمتلقي ، التأثير الموجود فقط هو (نخبة تؤثر في نخبة). وعلى العموم فإن المنجز الفني السبعيني الثمانيني على أيدي يوسف أبولوز وإبراهيم نصرالله وعلي الفزاع (مثالا لا حصرا) ومن جاء في أعقابهم مباشرة (جريس سماوي وطاهر رياض وزهير أبو شايب ، أيضا مثالا لا حصرا) وما طوره هؤلاء ، أفضى بشكل طبيعي لما تفضلت به عن إسهام مرحلتنا ، والتي بدورها أفضت إلى من جاء بعدنا ملاصقا لنا مثل (.. حسين جلعاد ورانة نزال ومها العتوم ، مثالا أيضا). أما توصيفك أنه (أي جيلي) لم يستطع أن يواصل حضوره في الألفية الجديدة ، إن صح هذا على بعضنا فلأن الشعر ذاته في المجمل لم ينفصل عما أصاب الواقع ، كل الواقع ، من ولوج إلى مرحلة حياتية عجيبة غريبة غاب فيها كل ما هو جاد ، الشعر أداته اللغة ، واللغة وعاء الفكر ، والفكر سقط سقوطا ذريعا ، فسقط وعاؤه بالضرورة ، والنشر الإليكتروني خلط الحابل بالنابل ، ولم يعد النشر الورقي يغري أحدا. س: "كنت تواقا إلى استخدام الموروث السامي العربي الإسلامي في ما أكتب هروبا من الأسطورة الإغريقية" هكذا تقول في شهادة إبداعية كتبتها قبل ثلاثة اعوام ، ألا ترى أن ذلك الاستخدام يأتي ـ بشكل أو بآخر ـ في إطار هروب من الواقع ـ الطافح خسارة ـ وتمترس تحت عباءة الماضي لتفادى المواجهة مع الراهن والمعاش؟. ـ يبدو في هذا السؤال شقان ، الأول فني بحت ، الهروب من الأسطورة الإغريقية إلى الموروث السامي العربي الإسلامي ، هذا هروب له وجه ذاتي هو السعي للابتعاد عن السائد والمألوف والمكرور منذ السياب ونازك ، واللجوء إلى فضاء رحب تحدده عادة ثقافة الشاعر وطبيعة تكوينه ، وأنا بطبيعة تكويني الأول ثقافتي عربية إسلامية ، إلا أن الإسلاميين تركوا الأدب الحديث عبر القرن العشرين يصاغ على أيدي خصومهم الأيديولوجيين وعزلوا أنفسهم واكتفوا باجتراح مصطلح فضفاض وفارغ من المعنى هو (الأدب الإسلامي) أطروا فيه خطبا موزونة في شكل قصائد ، ومواعظ مباشرة في شكل قصص.. الخ ، ما سعيت إليه هو الولوج إلى القصيدة العربية الإسلامية التي تمتح من موروثها الميثولوجي الخاص ، وتسمو إلى غاية أكثر جمالا ، بإطار فني عصري أيا كان منبعه ، تبتعد عن المباشرة الفجّة والغموض المستغلق معا ، ولم أكن الوحيد في هذا التصور. الشق الثاني مسألة الهروب من الواقع.. ربما ينطبق هذا على كل عمل فني يذهب إلى التاريخ أو الفنتازيا أو الميثولوجيا في الدراما السينمائية والتلفزيونية والمسرح والشعر على حد سواء ، لكن المفصلي في الأمر: هل هو هروب فقط وبلا غاية أو إسقاط؟. منذ زمن كان فهم مسألة الهروب هذه فهما ساذجا ، وهو أنه اختباء من المواجهة السياسية مثلا ، على اعتبار أن النقيض لهذا الشكل من الفن هو أن تصنع القصيدة مظاهرة أو تقوم بدورها الثوري الاجتماعي ، الآن أرى أن الهروب من المعاش الطافح بالخسارة حسب توصيفك هو إحدى الغايات التي تحفظ على النفس توازنها ، ولذلك أحاول أن أشبع ذائقتي الجمالية حين أذهب إلى الفنتازيا في المسرحية ، وأعود إلى الواقع في المقالة. س: في ظل الجمود الذي يشهده العالم العربي على صعيد تطورالحياة السياسية ، هل تعتقد أن المبدع العربي يمتلك من الحرية ما يؤهله للتنفس بحرية؟ ـ في تقديري أن الجمود في الحياة السياسية ينعكس سلبا على كل ما في الحياة. لأن السياسة عادة ما تكون المحرك الأساس لدفة الحياة .. بالتالي فإن مستوى الحرية في التنفس بحد ذاته يحتاج إلى قرار سياسي تماما مثلما أن كل إصلاح في جوانب الحياة المختلفة يحتاج إلى قرار سياسي. التنفس (بحرية نسبية) متاح ما دام المبدع يقلم أظافره بنفسه.. لكن حتى هذه الحرية النسبية عادة ما تكون مدفوعة الثمن من قبل المبدع الذي يدفع ثمنها من فرصه في الحياة. وأحيانا من قوته وقوت عياله.. إذا اختار طريق الانحياز إلى الحرية والدفاع عنها ، ونأى بنفسه عن دور المنشد والمصفق لتكريس ثقافة السلطة. س: في ظل غياب استراتيجية نقدية عربية واضحة المعالم ، كيف تنظر إلى حال النقد الأدبي محليا (إذا شئت) وعربيا؟ ـ ما زلت تجرني إلى المنطقة التي ابتعدت عنها دائما.. ورغم أنني لست مهتما ومتابعا ملحا لهذا للنقد ، بل لا أحفل به أساسا.. إلا أنني أستطيع القول: محليا وعربيا لا فرق.. في المستوى النظري ما زال النقد العربي (بتقديري) يجترّ ما يلفظه الغربيون بعد أن يستهلكوه وينتجوا غيره ليعيد صياغته بلغة عربية .. ولا أنسى مقولة لأستاذنا عز الدين المناصرة في (نقد النقد) تقول: إن ترجمة أي كتاب نقدي أوروبي يعني بالضرورة موت عشرة نقاد عرب (ولعله قال عشرين). أما في المستوى التطبيقي فلم أجد النقد خدم الإبداع في شيء إذا ما استثنينا الدائرة النقدية المغلقة التي قلبت الأمر رأسا على عقب، والتي أصبح فيها الناقد بدلا من أن يقوّم ويقيّم حتى يظل الإبداع بحاجة إليه في تطوير أدواته.. أصبح هو ذاته يتسلق بالاشتغال على أعمال المبدعين الأشهر ليرتفع بهم لا ليرفعهم. ناهيك عن (نقد المقاولات) الذي يمارسه البعض لتجميل وتلميع البعض وصناعة النجم اللامع في الفراغ. ومن الفراغ. ومن أجل الفراغ. الدستور الثقافي


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 20137
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-05-2008 04:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم