بقلم :

..... الدرك ..سأتحدث بداية عن الدرك .. ليس درك الأمن الداخلي , وانما الدرك الأسفل الذي وصلنا اليه !! هذا الدرك الذي انجرفنا الى هاويته السفلى والمظلمة .. انجرفنا اليه بتصرفاتنا غير المسؤولة وغيرالوطنية , تاركين خلفنا كل الأنظمة والقوانين ..ناسين ومتناسين ما رضعناه مع حليب امهاتنا من حب وعشق للوطن وللملك .

الوطن هو الأرض والبحر والمباني والمؤسسات والنظام والشعب والشجر وهو والقانون والاعراف والاخلاق .. اين نحن من كل هذا ؟؟ ... لننظر ما حدث في السلط !! , سلط الرجال ..سلط السياحة ..سلط النقاء والهواء العذب ,علينا ان نقف قليلاً مع أنفسنا ونسأل ما الذي حدث ؟؟ وما هي اسبابه ومسبباته ؟؟ وماهي طرق علاجه ؟؟

وألاهم من ذلك لنأخذ العبر ونتعلم عسى ان نستفيد و نعتبر . من تحليل ما حدث في السلط ارى ان هناك اسباب مباشرة واخرى غير مباشرة ومستترة , فمن الأسباب المباشرة بداية وحسب بيان الأمن العام مخالفة المواطن الخريسات وعدم امتثاله للتوقف حين اشارت دورية الشرطة له بالوقوف وهروبه من الدورية مما دفع بطاقم الدورية او احدهما اطلاق النار عليه , وكأن المواطن الخريسات مهرباً خطيراً لنوع خطير من الممنوعات وكأن الدورية كانت تنتظره وتترصد له لتوقيفه واعتقاله وهذا ما لم يكن , فحسب الأمن العام لم يذكر شيئاً من هذا , اذن مالذي يدفع شرطياً الى اطلاق النار الحي باتجاه مواطن واصابته اصابة قاتلة دون ان يكون قد اقترف ما يوجب ذلك ؟؟ حيث انه لم يطلق النار .. ولم يشهر سلاح ..وليس مطلوباً , والشرطة ليست بانتظاره ... ؟؟؟ وبهذا يكون الشرطي قد نصب نفسه مشرعاً وقاضياً لا بل هيئة قضاة واعطى لنفسه الحق بالحكم على اعدام المواطن وتنفيذ هذا الحكم . ثم مالذي يدفع مواطناً عادياً لعدم الامتثال لاوامر الدورية بالتوقف ما دام انه لا يحمل شيئاً خطيراً وليس مطلوباً او فاراً من وجه العدالة ؟؟ ...

حتى لو لم يكن يحمل رخصة قيادة او ترخيص سيارته منتهي او أي من المخالفات مهما كانت ..فلماذا لا يتوقف المواطن ( أي مواطن ) حين يطلب منه التوثق من دورية شرطة رسمية ؟؟؟ هل هي عزة نفس ؟؟ هل هو استقواء بالعشيرة ؟؟ ام هو استفزاز لرجال الأمن ؟؟ ... وكأنه يقول لهم إن كنتم رجالاً فالحقوني ..!!! .. من الأسباب المباشرة ايضا ًو التي ادت الى تفاقم الوضع انكار طاقم الدورية بداية بانه اطلق النار والتصريح الرسمي الذي صدر عن الأمن العام ...!!! وكاننا نقول لذوي المصاب والضحية نحن لسنا مسؤولين .. ابحثوا بينكم عمن اطلق النار على ابنكم ...هنا نحن نستفز عائلة واقارب المصاب , حيث هم على معرفة وقناعة تامة بان مطلق النار هو شرطي , في حين كأننا نقول لهم في تصريحاتنا الرسمية انتم كاذبون وما شاهدتم وما سمعتم ما هو الا من خيالكم !!! ... اليس في ذلك استفزازاً لمشاعرهم ؟؟ وإثارة لما بداخلهم ؟؟.

نأتي الى ردة الفعل الغاضبة .. فلكل فعل ردة فعل مساوية له بالمقدار ومعاكسه له بالاتجاه , وكانت ردت الفعل عنيفة ومدوية الحقت خسائر كبيرة جداً في الممتلكات العامة والخاصة .. وقد غاب عن اخوتنا في السلط انهم احرقوا شجراً ضلوا عشرات السنين يسقوه بمائهم وبعرقهم لتجميل مدينتهم , وان مبان وآليات وسيارات واجهزة حكومية وخاصة تم اتلافها واحراقها ,,ونسوا في لحظة غضبهم انها مبانيهم وموجوداتهم حيث دفعوا ثمنها من جيوبهم نقداً وليس بالاقساط .

كما أن ما أثار المواطنين في السلط وحسب روايات الشهود فان قوات الدرك والأمن استعملوا القوة المفرطة والعنيفة .. حيث ان قنابل الغاز اصبحت تلقى بكثافة غير طبيعية وغير معهودة في هكذا حالات اضافة الى انها القيت داخل المنازل ومن النوافذ واصبحت داخل الغرف مما اصاب الأطفال والنساء وكبار السن وحتى الشباب الآمنين داخل بيوتهم بحالات الإختناق والإرهاق والإعياء وليس امامهم من مفر سوى البقاء داخل الغرف المليئة بالغاز المدمع والمهيج للأغشية المخاطية في الجسم , هذا الامر استفز المواطنين اكثر وعلمت منهم ايضاً انهم وبكل أسف اخرجوا اسلحتهم الشخصية وبدأوا باطلاق النار الحي على افراد وقوى الدرك والأمن , واصبح المواطنون وكأنهم يدافعون عن مدينتهم ضد محتل وغازي ونسيوا وبلحظة غضب ان من يقاتلونه ما هو الا ابنهم او خالهم او نسيبهم او جارهم وما هو الا موظف مكلف بحفظ الأمن والنظام وهو ليس بعدو او غازي ولا هو بمحتل .

اعتقد وارى ان تفاقم ماحدث ايضاً يعود لاسباب غير مباشرة وهي حالة الاحتقان والحنق التي خلقتهاحكومات كثيرة كان آخرها هذه الحكومة , هذه الحالة الناجمة عن الغلاء الكبير في الاسعار والضرائب المتراكمة والمتوالية مع تآكل الدخل وثباته او انخفاضه او فقدانه كلياً وبنفس الوقت فانهم يرون ويسمعون عن الفساد المستشري بكافة اشكاله والوانه, مما نتج عنه يأس كبير واحباط تكون بعد تراكمات ووعود حكومية غير صادقة امتدت لعشرات السنين , اضافة الى ان هذه الحادثة اتت ايضاً ومباشرة بعد أيام من الانتخابات النيابية والتي قال عنها الكثيرون بانها كانت في قانونها المؤقت غير منصفة وغير عادلة وغير مقنعة !! فاصبح هذا الشعب ينتظر من يعلق الجرس ؟؟ ودائما هناك معلق للجرس , فكانت دورية الأمن في السلط هي من علقت الجرس.

بالتأكيد فان ما حدث بداية من تصرف اخرق من رجل الأمن ما هو الا تصرف فردي بحت ولا يعكس توجه جهاز الأمن العام ولا يشكل ظاهرة , وان ما يحدث بين فترة واخرى يبقى ضمن التصرف الفردي غير المسؤول وغير المتزن , كما ان ما حدث من ردت فعل عنيفة من المواطنين ما هي الا ساعة غضب نامل وندعوا الله ان لا تتكرر , فالشعب الاردني شعب طيب وكريم ومتسامح ويستحق من حكوماته اكثر مما تقدمه له حالياً ... والمهم ان نتعلم ونعتبر ناشر موقعي ديرتنا نيوز و جوفايننس