بقلم :

 منذ عشرة شهور والأحداث الجارية في العالم العربي بدأت تشتعل وتزداد اشتعالاً ووهجاً.. وتسارع الغرب لتأييد هذه الأحداث ودعمها بقوة وأطلقوا عليها اسم "الربيع العربي".. وتنادى الغرب لإسقاط الأنظمة في جميع الدول التي اشتعلت فيها الأحداث مع أن هذه الأنظمة كانت وباستمرار تعمل كماسحي الأحذية للأنظمة الغربية..

وتناسى الكثير من العرب الدعم الغربي "الغريب والعجيب" لثوراتهم أمام حقدهم على هذه الأنظمة التي أذاقتهم الويل والظلم خلال عشرات السنوات من حكمها لبلادهم والتي حرموا الشعوب فيها من التمتع بثروات أوطانهم وتعاملوا مع هذه البلاد وكأنها مزارع لهم ولعائلاتهم.. ومنذ بداية ألأحداث ونحن نقول أن ما يحدث في بلداننا العربية ليس ثورات ولا علاقة له بالثورات، وهو في حده الأعلى انتفاضة على شكل فوضى مدعومة بشكل كلي من الغرب عموماً وإسرائيل خصوصاً.

والهدف منها هو حصول فوضى في جميع الأقطار العربية من أجل تدميرها من الداخل وبأيدي أهلها بعد أن أوجدوا التربة المناسبة لذلك ولعشرات السنوات الماضية في غياب العدل الاجتماعي الذي هو أساس بقاء الدول والمجتمعات.

وقد اعتادت الشعوب العربية والحكومات المصطنعة ومنذ نهاية الحقبة الاستعمارية في الوطن العربي بتسمية جميع التحركات الشعبية أو الانقلابات العسكرية باسم "الثورات" بحيث أصبحت هذه الكلمة رخيصة وتطلق بسهولة، مع أن هذه الصفة يجب أن تطلق على فترات تاريخية مهمة جداً في تاريخ الشعوب والأمم. والثورات في العالم قليلة ولها صفات يجب أن ترافقها ، فبالإضافة إلى التعريف الحرفي أن الثورة هي "قيام تحرك على شيء موجود من أجل تغييره، يجب أن تترافق الثورات مع فكر وقيادة"، وهكذا فالتعريف العملي والحقيقي للثورة هو تحرك جماهيري على شيء موجود من أجل تغييره مع وجود فكر محدد وقيادة مستنيرة"... وتاريخ الثورات يوضح هذا المفهوم، ونستطيع أن نذكر القادة الذين قادوا ثورات في بلدانهم وكان لهم الأثر الكبير في نجاح هذه الثورات، فروسبير قاد الثورة الفرنسية التي كانت أفكار جان جاك روسو وفولتير نبراسا لها، ولينين قاد الثورة البلشفية التي كانت أفكار ماركس عنواناً لها، كاسترو قاد الثورة الكوبية التي كانت مبادئ "شي غيفارا" والأفكار الماركسية فكراً لها، وغاندي قاد الثورة الهندية ضد الاستعمار البريطاني واللاعنف كانت طريقتها، والخميني قاد الثورة الإيرانية والقران الكريم كان كتابها ..و ..و ..

والتاريخ يحفل بكثير من الأمثلة الأخرى، أما أن ينطلق عسكري على ظهر دبابة ويعلن نفسه حاكماً في بلد ما ثم يسمي هذا الإستيلاء على الحكم ثورة فهذا من مظاهر السقوط العربي، وخروج بضعة آلاف في الشوارع تنادي بسقوط زعيم ما هو من نفس مظاهر السقوط، وهذا ما بدأنا نرى نتائجه الآن في البلدان التي سقطت أنظمتها فسقطت معها تلك البلاد في الفوضى الشاملة وانعدام الأمن والتراجع الاقتصادي وإذا لم تقف الأمور هنا فالقادم قد يكون أسوأ .

ان جميع الحراكات العربية في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا وقبلها جميعاً العراق ما هي سوى حراكات مدعومة بشكل كلي من أنظمة غربية معادية للشعوب العربية وهدفها خلق فوضى تبدأ ولا تنتهي في هذه الأقطار ولسنوات عديدة مستقبلاً، والأمر المحزن أن المخطط الغربي واليهودي نجح تماماً لأنه وجد رغبة شعبية عارمة في تغيير الظلم والفساد المستشري في البلاد العربية وتغيير الحكام الذين فرضوا سطوتهم ومخابراتهم وعسكرهم على هذه الشعوب وقهروها .. ربما كان كافياً لنا أن نفكر ونقول لماذا يدعم الغرب "الثورات العربية" حتى نعي ونفهم أن هذه "الثورات" ما هي إلا تدمير لنا من الداخل!! لماذا دعم الغرب سقوط مبارك وهو لهم خادم مطيع !! لماذا أدخل جيوشه لخلع القذافي المجنون حتى بعد أن خلع لهم العقيد جميع ملابسه وأعطاهم جميع أسراره !! لماذا يدعم طرد بن علي في الليل البهيم وهو موظف قديم في المخابرات الأمريكية !! لماذا يقف ضد عبد الله صالح حتى وهو يحارب " الإرهاب "بشراسة كما تريد أمريكا منه أن يفعل!! لماذا تقف ضد بشار الأسد وهو يحمي هو وأباه وحزبه حدود إسرائيل منذ أربعين سنة !!ألا يكفي كل هذا لنفكر من صنع هذه "الثورات"!!.

ليس أمامنا الكثير من الوقت وعسى أن نتعظ قبل أن يفوت ، وقبل أن نعض على أصابعنا ونقول : إلى الوراء ..إلى الوراء .. والله الموفق

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا